
شناشيل.. طَفح الكيل .. في المستشفيات!/ عدنان حسين
مروّع .. مروّع للغاية.. مروّع الى أبعد الحدود، أن تتفاقم ظاهرة الإعتداء، بأشكال وأساليب مختلفة، على الأطباء وسائر الكوادر الصحية في مؤسساتهم، وأن تتسع طولاً وعرضاً فلا تقتصر قائمة المتورطين والمتهمين بها على أفراد عاديين من الطبقات الدنيا المتخلفة في المجتمع وإنما يشمل شخصيات رسمية عالية المقام يُفترض بها أن تكون قدوة ومثالاً.
مروّع أن نقرأ بياناً من نقابة الاطباء في الديوانية وتصريحاً لنقيب الأطباء في البلاد، ثم نتلقّى أخباراً عن إعتصام للكادر الطبي والصحي في مستشفى الديوانية التعليمي، كل هذا إحتجاجاً على إعتداء حماية أحد أعضاء مجلس محافظة القادسية على واحد من منتسبي المستشفى، والأنكى انه بينما انتظر منتسبو المستشفى تدخّل سلطات المحافظة لردع المعتدين يتفاجئون بان أرفع مسؤول في المحافظة يحضر ليعتدي لفظياً على الأطباء بوصفهم بانهم "تجار دم"!
من النادر أن يمرّ شهر،وأحيناً اسبوع، دون أن نسمع ونقرأ عن وقوع إعتداءات وحشية على الأطباء والممرضين، إن في المستشفيات والمستوصفات أو في العيادات الخاصة، ولابدّ ان بعض الاعتداءات لا يصل الى وسائل الإعلام، إما خوفاً او بسبب تسويات إدارية وعشائرية عاجلة.
مروّع ان تفرغ البلاد من أفضل وأكفأ اطبائها ومهندسيها وعلمائها واكاديمييها، فيما هي في حال تستلزم بقائهم واجتذاب أمثالهم من دول أخرى لمواجهة الكارثة الشاملة المحيقة بنا .. مروّع أن تستمر الظاهر وأن تتصاعد وتيرتها، والأجهزة المعنية بالقانون وتنفيذه تتخذ موقف المتفرج، بل يلتحق بعض مسؤوليها بقوافل المعتدين والمتجاوزين!
لقد بلغ السيل الزبى، عن حق، ولقد طفح الكيل ولم يبق في قوس الصبر منزع، كما قالت العرب منذ زمن بعيد، وليس ثمة مجال أمام الحكومة الإتحادية ومجلس النواب والحكومات المحالية ومجالس المحافظات الا تشريع القوانين الرادعة والتوثق من تنفيذ القوانين النافذة لوضع حدّ فوري ونهائي لهذه الظاهرة المُشينة.
الذين يعتدون على الأطباء وسواهم من الكوادر الإختصاصية في البلاد إنما يعملون على إفراغ البلاد من كفاءاتها وخبراتها واختصاصييها، وهم بهذا كمن يقاتلون في صفوف (داعش) وسواه من المنظمات الإرهابية .. على هذه القاعدة ينبغي تعامل الدولة مع الإعتداءات على الأطباء والكوادر الصحية والعلماء والأكاديميين والمهندسين، فكما تستصدر التشريعات وتطلب المدد من الخارج لتمكين القوات المسلحة من التصدي للإرهاب ودحره، يتعيّن عليها ان تُظهر كل الشدة والحزن حيال المعتدين على ما تبقى لنا من كفاءات قبل أن يأتي يوم فلا نجد فيه طبيباً في مستشفى او عيادة خاصة، أو أكاديمياً مرموقاً في جامعة.