شناشيل.. كردي يغفل.. وعربي ينتقد / عدنان حسين  

باعتزاز أعود مرة أخرى الى الكتابة عن كتابة لزميلي وصديقي مشرق عباس، وهو واحد من أبناء المهنة الذين أحببتهم منذ أول تعرفي إليهم. هذا الحب لا يرجع الى إخلاقهم وصفاتهم الشخصية الحميدة فقط، وإنما أيضاً  الى انني أرى فيهم بعضاً من نفسي، أيام الشباب. أزعم انني كنت مذّاك مثلهم محبّاً لمهنة الصحافة وأخلاقياتها وتقاليدها ومتفانياً في خدمتها وخدمة الناس من خلالها.

مشرق عباس صحفي ذكي وحيوي، في داخلة طاقة لا تكفيها صفحات الصحف التي يكتب فيها، فينفث بعض "حمم" هذه الطاقة عبر موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، ولكم استمتعت بتعليقات له هنا، وبكتابات رصينة بينها إقتراحات لقوانين فيها مصلحة كبيرة للناس تخلّف مجلس النواب عن تشريعها، أو لإجرات تنفيذية توانت الحكومة عن الإقدام عليها.

أمس وجّه مشرق عبر حسابه في "فيسبوك" إنتقاداً - أؤيده فيه – الى من كتب بيان التهنئة بالعام الجديد وعيد الميلاد الصادر عن المكتب السياسي للحزب الديمقراطي الكردستاني. كاتب البيان الذي عبّر عن الأمل في "أن تتعمق روح التسامح والتعايش والأخوة في المجتمع الكردستاني بين جميع المكونات"، إستثنى العرب من قائمة هذه المكونات، فقد اكتفى بذكر"الكرد والتركمان والكلدان السريان والآشوريين والأيزديين والكاكايين والشبك" فقط.

كتب مشرق: "جميل جداً أن يهنيء الحزب الديموقراطي الكردستاني مواطنيه ومواطني الإقليم بالعام الجديد .. والأجمل لغة بيان التهنئة الذي نشر باللغة العربية وكانت لغة رصينة ومتميزة.  ولكن أما كان من المناسب بمناسبة التهنئة في العام الجديد أن يشير المكتب السياسي للحزب الى "العرب" كجزء من المكونات التي يدعو الى التعايش بينها؟ ... وهنا لا أريد الإشارة الى العرب الموجودين في الإقليم من عشر سنوات، وهؤلاء بدورهم جديرون بالتهنئة، بل الى العرب وأبنائهم الموجودين في محافظات السليمانية وأربيل ودهوك ربما منذ ثمانينات القرن الماضي، والى شهداء البيشمركة من العرب في مقبرة الحزب الشيوعي شمال ألتون كبري .
وبما ان الحزب يشير الى "كردستان" ليشمل بالوصف كركوك وأجزاء من سهل نينوى وصلاح الدين وديالى، ألم يتذكر ان هناك "عرباً" موجودون في هذه المناطق منذ قرون وخارج نظم التعريب الحديث وهم جديرون ايضاً بالتحية والتعايش؟ أتمنى أن يصحح المكتب السياسي للحزب الديموقراطي هذه "الهفوة" وخصوصاً انه يحمل شعار التجديد /العدالة/ التعايش".

أزعم انني نصف متخصص في الشأن الكردستاني الذي أتابعه عن كثب منذ ثمانينيات القرن الماضي، وتوغلت في أحداثه ووقائعه أكثر في التسعينيات ولاحقاً، وعليه يمكنني الجزم بان ما انتقده الزميل عباس، وهو محق في نقده، لم يكن سوى من طراز ما كنا نصفه في السابق، نحن أبناء المهنة التي تجمعني ومشرق، بـ "شطحة قلم".. انها بالتأكيد شطحة "كيبورد"، فالكرد وسلطات الإقليم يعترفون بالعرب مكوناً من مكونات المجتمع الكردستاني، وهذا ما جرى توثيقه وتأكيده في المادة 6 (أولاً) من مشروع دستور إقليم كردستان التي تنص على انه: "يتكون شعب كردستان العراق من الكرد والقوميات ألاخرى (التركمان والكلدان والآشوريين والأرمن والعرب) ممن هم من مواطني الإقليم وفق القانون".

 تحية لك، مشرق عباس، وأنت تتنبّه بذكائك الى غفلة الكردي وتنبّه الى هفوته.