
مَنْ يتصدى لهذا العدوان؟/ عدنان حسين
مرة أخرى يقصّر المجتمع المدني والتيار السياسي الديمقراطي لدينا في الدفاع عن واحدة من أهم القضايا التي تدخل في صلب اختصاصهما واهتمامهما، هي قضية الحريات الشخصية والحقوق المدنية التي تتعرض للعدوان السافر من آن الى آخر من جانب أجهزة حكومية ومن ميليشيات وعصابات لا تُواجه أعمالها بالردع المطلوب من الأجهزة الحكومية.
مساء يوم الجمعة الماضي اقتحم عشرات من المسلحين الذين كانوا يستقلون سيارات حديثة من النوع رباعي الدفع مثبتة عليها لوحات مؤقته سوداء (منفيست)، عدداً من النوادي الاجتماعية والبارات وسط بغداد، وأرغموا روادها على المغادرة السريعة تحت التهديد بالضرب وسائر أشكال الإهانة والحطّ من الكرامة الانسانية، ثم أغلقوا تلك المحال رغماً عن إرادة اصحابها والمسؤولين عن ادارتها. وجرى ذلك كله أمام أبصار واسماع عناصر الأمن التي لم تفعل شيئاً حيال هذا الانتهاك السافر للقانون وللحقوق المكفولة دستورياً.
وهذه ليست المرة الاولى التي تتجاوز فيها قوات حكومية أو عناصر ميليشيات وعصابات مسلحة على حقوق مدنية وشخصية في ظل صمت الحكومة وأجهزتها. لكن الانكى انه يجري من دون أن يُقابل برد الفعل المفترض من جانب المجتمع المدني والقوى السياسية التي تعلن تبنيها الديمقراطية وتمسكها باقامة نظام ديمقراطي في البلاد.
من الواجبات الأساسية لمنظمات المجتمع المدني والقوى السياسية الديمقراطية الوقوف بقوة في وجه هذه التجازرات التي تنتهك على نحو سافر أحكام الدستور الدائم.
مادة الدستور الخامسة تنص صراحة على ان "السيادة للقانون"، والهجمات المتكررةعلى النوادي الاجتماعية والبارات سواء جاءت من قوات حكومية أو من ميليشيات وعصابات تنتهك القانون انتهاكاً صريحاً، فهذه النوادي والبارات مرخصة رسمياً من الدولة بموجب قوانين نافذة.
والمادة الخامسة عشرة من الدستور تنصّ على ان "لكل فردٍ الحق في الحياة والأمن والحرية، ولا يجوز الحرمان من هذه الحقوق أو تقييدها إلا وفقاً للقانون، وبناءً على قرارٍ صادرٍ من جهةٍ قضائيةٍ مختصة"، وارتياد النوادي الاجتماعية والبارات يدخل في إطار هذا الحق في الحياة والأمن والحرية الذي تكفله هذه المادة الدستورية وتمنع الحرمان منه أو تقييده من دون قانون وقرار قضائي صادر من جهة مختصة.
المادة السابعة عشرة من الدستور تنص على انه "لكل فردٍ الحق في الخصوصية الشخصية"، والمادة السابعة والثلاثون تؤكد على ان "حرية الإنسان وكرامته مصونة". وبطبيعة الحال فان مهاجمة النوادي الاجتماعية والبارات المرخصة بموجب القانون والاعتداء على روادها والعاملين فيها، هو انتهاك صارخ للحق في الخصوصية الشخصية ولحرية الانسان وكرامته، ومن واجبات منظمات المجتمع المدني والاحزاب السياسة العاملة بموجب هذا الدستور ان تتصدى علناً وصراحة ومن دون خوف لكل الاعمال التي تنتهك أحكام الدستور.
مسؤولو دولتنا لا يأبهون بأمر الدستور وأحكامه والقانون ومتطلباته، بقدر ما تهمهم وتشغلهم صراعاتهم على السلطة والنفوذ والمال الحرام، فهم موجودون في مناصبهم انتهاكاً لأحكام الدستور وتجاوزاً على القوانين. ولكن ما بال المجتمع المدنى والقوى الديمقراطية لا ترى ان التجاوز على الحقوق المدنية والحريات الشخصية يمهد للعدوان على الحقوق والحريات العامة؟
"المدى" – 9/7/2013