شناشيل - هذا ما نريد .. حضرة النائب! / عدنان حسين    

لم يكشف عضو اللجنة المالية في مجلس النواب، النائب مسعود حيدر، عن سرّ دفين ولا أماط اللثام عن لغز محيّر، فما قاله أمس يعرفه القاصي والداني من العراقيين وجيرانهم وجيران جيرانهم وكل من له اهتمام بشؤون العراق وتواصل مع العراقيين في المشارق وفي المغارب سواء بسواء.

السيد حيدر قال في تصريح صحفي أمس ان الحكومات السابقة ( العراقية بالطبع وليست الصومالية مثلاً) قد " خالفت المادة 62 من الدستور العراقي خلال الـ 12 سنة التي مضت لأنها لم تقدّم الحسابات الختامية مع مشاريع الموازنات المالية لكي يصوّت عليها مجلس النواب"، (السومرية نيوز). والمادة 62 تُلزم في فقرتها الأولى مجلس الوزراء بأن يقدّم مع مشروع قانون الموازنة العامة للدولة عن كل سنة الحسابات الختامية للسنة المنصرمة. وهذا حكم دستوري باتّ وقطعي، ولا تجوز إستناداً له التفرقة بين تقديم مشروع قانون الموانة والحسابات الختامية مثلما لا تجوز التفرقة بين "لا تقربوا الصلاة" و "وأنتم سكارى"!

الحكومات السابقة لم تقدّم الحسابات الختامية لأية سنة من السنين الماضية، والحقّ ليس على تلك الحكومات البائسة وحدها وإنما على مجالس النواب الأكثر بؤساً، التي كانت شاهد زور على انتهاك مبادئ الدستور وأحكامه في الكثير من المرات والحالات كما لم ينتهك صدام حسين، مثلاً، دستور دولته. 

ليس ما يتعلق بقانون الموازنة العامة والحسابات الختامية هن الانتهاك الوحيد من جانب الحكومات والبرلمات السابقة، فمن الصعب للغاية أن نفتّش عن مادة في الدستور ظلّت ناصعة البياض لم تتدنس بعملية انتهاك من جانب الحكومات او البرلمانات السابقة.

هل تريدون أمثلة؟ ... (جيبوا ليل وخذوا عتابا) كما يقول مثلنا الشعبي .. إليكم بعض الأمثلة:

الدستور لم يقل ان رئيس الجمهورية كردي بالضرورة وله نائبان، ورئيس مجلس النواب عربي سني بالضرورة وله نائبان ورئيس مجلس الوزراء عربي وشيعي بالضرورة ومن حزب الدعوة بالذات وله نائبان او ثلاثة.

والدستور لم يحكم بالمحاصصة الطائفية القومية لكي تتعامل كُتل البرلمان والحكومة مع مناصب الدولة العليا والوسطى بوصفها غنيمة تتقاسمها الأحزاب والكيانات على وفق قاعدة: شيعة سنة كرد.

والدستور لم يقضِ بنزع استقلالية الهيئات المستقلة كيما تأخذ الحكومتان السابقتان (اللتان ترأسهما نوري المالكي) راحتهما الكاملة في إلحاقها بها وتسخيرها لمصلحة رئيس الحكومة شخصياً.

والدستور لم يتضمّن حرفاً واحداً يبيح للحكومة العدوان على نحو سافر على الحريات والحقوق العامة، وفي مقدمها حرية التعبير، كما فعلت الحكومة السابقة (حكومة المالكي الثانية).

والدستور لم يُشرعن  الفساد الإداري والمالي لكي تتخذ الحكومة، ومعها البرلمان، موقف المتفرج حيال قطعان الفاسدين والمفسدين التي اجتاحت جهاز الدولة بأكمله على النحو الذي اجتاح به تنظيم داعش الارهابي ثلث مساحة البلاد في يومين وليلتين فيما قادة الجيش والشرطة، وعلى رأسهم قائدهم العام، يتفرجون فحسب!

ليس جديداً علينا ان الحكومات السابقة قد انتهكت الدستور في ما خصّ الحسابات الختامية، فهذا نعرفه تمام المعرفة، وما لا نعرفه ونريد الآن معرفته: أين ذهبت مئات مليارات الدولارات التي وُضعت في أيدي الحكومات السابقة ورؤسائها؟ كيف جرى التصرّف بها؟ ما الذي أُنفِق منها وما الذي تبقّى؟ وعلامَ أُنفِق ما أُنفِق؟ .. كيف حصل ان الحكومة الحالية تسلمت ميزانية خاوية وشعباً يتسول في بلد نفطي؟

هذا هو الجديد الذي يريد الشعب العراقي أن يعرفه من برلمانه أيها النائب مسعود حيدر .. هل بوسعك تنويرنا؟