شناشيل - منعاً لـ "النيران الصديقة" / عدنان حسين

لا أظنّ، وأشك في أن غيري يظنّ ما لا أظن، أن الإمام علي الهادي يحتاج إلى أن يُطلق اسمه على عملية عسكرية، مهما كبرت، لكي يزداد فضله وتعلو قيمته وتسمو مكانته، دينياً وتاريخياً، وهو إمام الشيعة العاشر، إبن محمد الجواد وحفيد موسى الكاظم وجعفر الصادق والحسين وعلي بن أبي طالب والنبي محمد.

الإمام الهادي حفظ له التاريخ فضله وقيمته ومكانته على مدى أكثر من 1200 سنة، ولن يضيف لفضله وقيمته ومكانته شيئاً أي عمل عسكري أو مدني، حتى لو كان المشاركون فيه بالملايين، وحتى لو كان ميدانه بلاداً بطولها وعرضها.

أمس بدأت قوات مشتركة من قوات الجيش والشرطة الاتحادية وقوات العمليات الخاصة والحشد الشعبي، بمساندة طيران الجيش والقوة الجوية، عملية عسكرية لتحرير مناطق يحتلها داعش الى الغرب من سامراء وتكريت. ولولا قرار حكيم من القالئد العام للقوات المسلحة، رئيس الوزراء، لكان يمكن أن يحدث ما لا تحمد عقباه بين قوات الحشد الشعبي، على خلفية إسم هذه العملية. قسم من الحشد أطلق على العملية اسم " لبيك يا رسول الله الثالثة"، فيما سماها قسم آخر "عمليات الإمام علي الهادي الكبرى لتحرير مناطق غرب صلاح الدين". ويبدو أن القائد العام قد استشعر الخطر المحتمل فأمر باطلاق إسم "عمليات أمن الجزيرة" على العملية.

في البلدان الأخرى يختارون أسماء عامة للعمليات العسكرية والحروب والمناورات، وهي أسماء تبقى عادة سرية إلى وقت انطلاقها، كـ "عاصفة الصحراء" و"النجم الساطع"، و "الحرية الدائمة" وما الى ذلك. صدام حسين هو أكثر من كان يحرص على اطلاق تسميات ذات دلالات دينية وقومية على حروبه الداخلية والخارجية : "القادسية الثانية"، "الأنفال"، "توكلنا على الله"، "رمضان كريم". وخلف ذلك يوجد اعتقاد باطل بأن إضفاء قدسية دينية أو قومية على حرب أو عملية عسكرية من شأنه أن يشحذ الهمم ويحقق له النصر ويُضفي شرعية على الحروب، وهو ما لم يتحقق له.

هذه ليست المرة الأولى التي تثور فيها خلافات بيت القوات المقاتلة على إسم عمليات التحرير، فقد حصل من هذا القبيل اثناء عمليات تحرير تكريت وبيجي. والعقل والمنطق يفرضان  الابتعاد عن كل ما يدنّس المقدسات. ولو لم يتدخل القائد العام أمس ويختار للعملية إسماً عاماً محايداً، كان من الممكن أن يتسبب الخلاف على إسم عملية أمس في ما يدنس المقدسات، وهو مقتل مقاتلين في "نيران صديقة".

ما يهمّنا، نحن الذين نتطلع إلى تحرير الارض من الاحتلال الداعشي، أن تجري عمليات التحرير على نحو مرضٍ في الأقل، وأن تنتهي بتحرير المناطق المحتلة، سواء كانت باسم أو من دون أسم، واذا كان لابدّ من الإسم فالأفضل الا يكون من المقدسات، ذلك أن النصر في الحرب ليس مضمونا دائماً .. الحرب فيها نصر وربح، لكن فيها أيضا هزيمة وخسارة.. ولا ينبغي أن يُقرن أسم الامام الهادي أو غيره بأعمال يمكن لها أن تنتهي بالهزيمة والخسارة.

 حتى لا يتكرر في المستقبل ما حدث أمس وسابقاً، نحتاج إلى قرار من القيادة العامة للقوات المسلحة بحصر اختيار أسماء عمليات التحرير بالقيادة وحدها.