وزير مُقترح تحت مرمى الفاسدين.... ! / عدنان حسين

لو كنتُ محل رئيس الوزراء في منصبه وفي وضع كوضعه الحالي، ما كنتُ سأبدي الاستغراب حيال حملة التسقيط التي يتعرّض لها عدد من الذين نُشرت اسماؤهم بوصفهم مرشحين للكابينة الوزارية الجديدة، حكومة التكنوقراط.

عندما تحدث جريمة ولا يُعرَف مرتكبها، فان أول سؤال يبحث المحققون عن إجابة له هو: مَنْ المستفيد من الجريمة؟

لو أن السيد العبادي يكلّف فريق مستشاريه ومساعديه بالبحث عن المستفيدين من حملة التسقيط الموجهة ضد المرشحين لكابينته الجديدة، لابدّ أنه سيمسك بالخيوط المؤدية الى المستفيدين من هذه الحملة. هؤلاء في الغالب هم ممن سيتضررون من تولّي التكنوقراط مناصب الحكومة الجديدة، وأكثر المتضررين هم الفاسدون والمفسدون الذين يريدون للفساد الإداري والمالي أن يظل مزدهراً على غرار ما هو حاصل على مدى السنوات العشر الماضية.

  لنأخذ مثالاً واحداً يتعلق بشخصية أزعم أنني أعرفها جيداً مثلما يعرفها جيداً أيضاً أصدقاء وزملاء.

من أعنيه هو الدكتور حسن الجنابي، سفيرنا الحالي لدى اليابان، والذي نُشر إسمه بوصفه مرشحاً لتولي حقيبة الزراعة والموارد المائية في كابينة التكنوقراط. ولمن لا يعرفه فانه أخصائي بالموارد المائية والبيئة ومشاريع الاستصلاح الزراعي وعلم الهيدرولوجي وقوانين المياه الدولية وأنظمة المعلومات الجغرافية ( GIS) وذو معرفة تفصيلية بعلاقات العراق المائية مع دول الجوار الجغرافي. لديه خبرة تزيد على 30 سنة في العمل المهني في العراق وخارجه، وخاصة في أفريقيا وأوربا واستراليا في مجالات إدارة المشاريع الكبرى في حقول الموارد المائية والبيئية، وحماية الأنظمة الايكولوجية والأراضي الرطبة (الأهوار)، والنمذجة الرياضية لأنظمة الموارد الطبيعية، ونوعية المياه، وإدارة المياه الجوفية واستخداماتها لمختلف الأغراض.

والسفير الجنابي معارض للنظام السابق، أضطر لمغادرة العراق في العام 1979 بسبب القمع السياسي، وعمل في العديد من البلدان في المجالات الهندسية والسياسية والثقافية المختلفة، وبضمنها استراليا (14 سنة) أوروبا ( 6 سنوات)، والجزائر (4 سنوات)، ثم عاد للعراق مباشرة بعد سقوط النظام في 2003 . سبق له أن شغل مناصب ممثل العراق لدى منظمات الأمم المتحدة في روما، وهي منظمة الأغذية والزراعة الدولية التابعة للأمم المتحدة (فاو)، وبرنامج الأغذية العالمي (دبليو أف بي) وصندوق التنمية الزراعية الدولية (ايفاد)، ثم سفيراً في ديوان وزارة الخارجية مسؤولاً عن عدد من الإدارات.

 إلى هذا كله والأهم منه، أن السفير الجنابي شخصية نزيهة، لم تُسجّل عليه أية قضية فساد إداري أو مالي أو خروقات إدارية، وهذا بالذات ما يقف خلف حملة التسقيط التي يتعرّض لها الآن، وبخاصة داخل وزارة الزراعة وفي أوساط بعض وزراء ومسؤولي هذه الوزارة السابقين.

مَنْ المستفيد من الحملة ضد الدكتور الجنابي؟ .. إنه المتضرر المحتمل من إمكانية تولّيه منصب الزراعة والموارد المائية في الحكومة المقبلة. هذا المتضرر المحتمل لابدّ أن يكون فاسداً ويخشى حيازة شخصية نزيهة وكفأة ووطنية كالدكتور الجنابي حقيبة الزراعة والموارد المائية. هل هو وزير سابق؟ هل هو وكيل وزارة حالي أو سابق؟ هل هو مدير عام حالي أو سابق؟ هل هو غير هؤلاء وطامع في هذه الوزارة المهمة، من أجل الفساد؟ هذا كله محتمل. لكن الثابت والأكيد أن الدكتور الجنابي، كما أعرفه ويعرفه كثيرون غيري، من أكثر الشخصيات التكنوقراطية كفاءة ونزاهة ووطنية، وهذا يكفيه، ويكفينا نحن أصدقاؤه، فخراً.