شناشيل / كيف نضمن تطبيق قرار البنك المركزي؟ / عدنان حسين

الجديد في آخر قرار للبنك المركزي على صعيد بيع الدولار الأميركي إلى المسافرين بالسعر الرسمي مقابل الدينار، المنخفض عن سعر السوق، أنه خفّض الحدّ الأعلى المسموح ببيعه للمسافر إلى ثلاثة آلاف دولار بدلاً من خمسة آلاف.

الرقم الأخير، خمسة آلاف، هو رقم افتراضي في الواقع، ففي الأعمّ الأغلب لم يكن إلا عدد محدود من المسافرين في إمكانه شراء أي كمية من الدولارت بالسعر الرسمي، لكنّ ملايين من الدولات كانت المصارف تجري عليها عمليات بيع وشراء لـ "مسافرين" بعينهم، وقسم كبير من هذه الدولارات المباعة افتراضاً للمسافرين كان يُضخّ في السوق ويباع بسعره، ما يحقّق أرباحاً طائلة لصرافيين وأصحاب مكاتب سياحة وسفر وموظفين في المصارف متواطئين معهم.

المشكلة أن القرار الأخير للبنك المركزي يُمكن أن تكون وجهة الدولارات الناجمة عنه شبيهة بوجهة دولارات الترتيب السابق، فالصرافون إياهم موجودون، وأصحاب مكاتب السياحة والسفر موجودون، وموظفو المصارف الفاسدون موجودون هم أيضاً .. والجميع يمكن له أن يجدها فرصة جديدة للإثراء غير المشروع.

لا ضمانة بأن المسافرين، عندما يحملون جوازات سفرهم وتذاكر السفر الى المصارف المخوّلة بيع الدولارات بالسعر الرسمي، سيجدون ما يطلبون. احتمال كبير أن يسمعوا من موظفي هذه المصارف كلمة: "خلّصنا"، أي أنه لم تبق لديهم دولارات للبيع، بل قد يزعمون، مع القسم بأغلظ الأيمان، أنهم لم يتسلموا الدولارات في الأساس هذا الأسبوع أو  الذي سبقه، فهذا ما كان يحصل سابقاً يوم كان الدولار متاحاً بخمسة آلاف لمسافري السياحة وبعشرة آلاف لمسافري العلاج.

إذا كان البنك المركزي جاداً في السعي لقطع كل دابر للغشّ، وسائر أشكال الفساد، في عملية بيع الدولار إلى المسافرين بالسعر الرسمي، يلزمه أن يتّخذ الإجراءات الكفيلة بحصول طالبي الدولار من المسافرين الحقيقيين على بغيتهم. هذا يُمكن أن يتحقق، بنسبة كبيرة، عبر بيع الدولار داخل المطارات، وذلك بتمكين حاملي بطاقات الصعود إلى الطائرة من شراء حاجتهم من الدولار قبل توجههم إلى الطائرة. إجراء كهذا سيضمن عدم تسريب دولارات السفر الى الصرافين وأصحاب مكاتب السياحة والسفر عبر الفاسدين من موظفي المصارف، فليس بوسع هؤلاء هذه المرة الاتفاق مع أشخاص فقراء، معظمهم نسوة، على استخراج جوازات سفر والحصول لهم على تذاكر سفر مزيفة ( تُلغى حجوزاتها لاحقاً بعد انتهاء عملية بيع وشراء الدولار المُفترضة)، والدفع لهم بضعة من عشرات الآلاف من الدنانير في مقابل هذه "الخدمة"، كما كان يحصل في السابق على نطاق واسع.

هذه مجرد فكرة، ولابدّ أن لدى أهل الاختصاص والخبرة من داخل البنك المركزي وخارجه أفكاراً شتى تفيد في  تحقيق الهدف المبتغى من قرار البنك المركزي الأخير.