
زعل العصفورعلى بيدر الدخن!/عدنان حسين
أظن - وأتمنى أن أكون مخطئاً- ان الذين أخذتهم سورة الغضب من كبار المسؤولين في الدولة لقرار نقل "خليجي 22" من البصرة الى جدة، انما كانت دوافعهم شخصية أكثر منها وطنية. ففي ظني الذي يحتمل الخطأ ان الدوافع الوطنية كانت تقضي بان نبادر بانفسنا لطلب التأجيل قبل أن يكون ذلك قراراً من الآخرين، فنحفظ كرامتنا وكرامة وطننا.
قرار النقل كان لسبب أمني وآخر يتعلق بعدم جاهزية المدينة الرياضية التي كانت ستحتضن المباريات الخليجية. وعدم الجاهزية يرجع على نحو خاص الى الفساد المالي والاداري الذي تحدثنا عنه نحن العراقيين قبل غيرنا.
أما الجانب الأمني فهذه حقيقة لا ينبغي أن نهرب منها .. الأمن في البلاد اليوم أسوا مما كان قبل سنة، وقبل سنة كان أسوأ مما قبل ذلك بسنة .. أي ان أمننا يمضي من سيء الى أسوأ. وهذه الحقيقة دفعت وزراء النقل العرب منذ أيام الى اتخاذ قرار بتأجيل عقد اجتماعهم المقرر في بغداد ونقله الى عاصمة عربية، وقد جرى هذا بهدوء من دون أن يصرخ حد منا بان وراء القرار دافع سياسي.
وضعنا الامني لا يساعد على عقد اجتماعات اقليمية ودولية كبيرة على مستويات عليا، ولا على تنظيم مباريات رياضية دولية كـ"خليجي 22"، مثلما يحول دون مجيء السواح الى بلادنا ولو ببضعة آلاف مع ان لدينا مواقع أثرية تهفو اليها قلوب ونفوس ملايين الناس في مختلف انحاء العالم.
لماذا لا نزعل لأن السواح لا يأتون الينا؟
يجب أن نزعل من أنفسنا وعلى انفسنا لأننا نفشل فشلاً ذريعاً في توفير الأمن والسلامة والاستقرار لأنفسنا قبل أن نوفرها للآخرين. نحن مسترخصون أرواحنا.. لماذا نريد للآخرين أن يفرطوا بارواحهم معنا أو أن يعيشوا مع الرعب الذي لم نزل قاصرين عن دفعه عن أنفسنا؟
ما الذي سنجنيه من مقاطعتنا "خليجي 22" في جدة؟ .. لا شيء بالطبع فحالنا ستكون شبيهة بحال عصفور المثل الشعبي الذي يزعل على بيدر الدخن.
اذا كان ثمة قرار سياسي وراء نقل مباريات كرة القدم الخليجية من بصرتنا الى جدة السعودية، فلما لم نردّ عليه بقرار مهني يجعل من فريقنا الوطني مؤهلاً لعرض كامل مهاراته في جدة؟ .. انه قد يعود الينا بكأس الخليج، وهذه نتيجة ربما كانت أكثر أهمية من عقد الدورة في البصرة.
أظن ان الذين كانوا الأكثر غضباً حيال القرار الخليجي هم الأكثر طمعاً في تحقيق مصالح شخصية وحزبية من وراء عقد "خليجي22" في البصرة بأي ثمن وفي أي حال.. انني أعني بالذات الفاسدين الذين أعاقوا تأهيل مدينة البصرة الرياضية ويمنعون عودة الامن والسلامة والاستقرار الى البلاد.
بنقلهم "خليجي 22" من البصرة، وفّر علينا الخليجيون فضيحة كبرى، فليست البصرة اليوم سوى مزبلة كبيرة .. والذين تباكوا انما لأنهم غير معنيين بحال البصرة .. حساباتهم كانت منصبّة على عدد الملايين من الدولارات التي كانوا سيكسبونها من الدورة.
"المدى" – 12/10/2013