شناشيل -شهادة مجروحة / عدنان حسين

التصريحات التي أدلى بها النائب عزت الشاهبندر أخيراً في شأن طائفية "دولة القانون" والمالكي، لا يُعوّل عليها، فهي شهادة مجروحة من سياسي متقلّب ينطّ من عربة الى عربة بحسب مصالحه الشخصية التي زيّنت له التعامل حتى مع الشياطين من أمثال الارهابي مشعان الجبوري. هذا أولاً، وثانياً ان الادلاء بهذه الشهادة يأتي بعدما طُرد الشاهبندر، أو طرد هو نفسه، من الكتلة التي استمات دفاعاً عنها وعن زعيمها وعن اخطائهما وخطاياهما لاكثر من ثلاث سنوات، فيما ظل يذمهما قبل ذلك عندما كان مرتاحاً في عربة "العراقية".

وفي الواقع فاننا لم نكن نحتاج أو ننتظر شهادة من الشاهبندر لنعرف ان "دولة القانون" مشروع طائفي وان المالكي "فضّل الخيار الطائفي على الخيار الوطني". هذا الاكتشاف الشاهبندري العبقري المتأخر يعرفه الكثيرون حتى قبل ان يلتحق الشاهبندر بدولة القانون. وهل ثمة عاقل لا يعرف انه ما من حزب أو تجمع سياسي اسلامي الا وكان طائفياً؟ كل من وما يحيط بنا من الاحزاب والجماعات السياسية الاسلامية، السنية والشيعية ، من "القاعدة" الى الاخوان المسلمين الى حزب الدعوة الاسلامية وتفرعاته وسواها، هي طائفية بامتياز. وفقط عندما يأتي اليوم الذي يضم فيه أي من هذه الاحزاب أعضاء وقيادات من الطائفتين يمكن اعطاؤه شهادة باللاطائفية.

لكن طائفية هذه الاحزاب جميعاً هي بالكلام فحسب، للاستهلاك السياسي المحلي، فلا الاحزاب الشيعية التي وصلت الى الحكم رقّت من أحوال الشيعة أو رفعت "المظلومية التاريخية" عنهم، ولا الاحزاب السنية أفادت السنّة في شيء. والعراق مثل صارخ، فشيعته وسنته هم في اسوأ احوالهم خلال السنين العشر الماضية التي تقاسم الاسلاميون الشيعة والسنة الحكم وتشاركوا في الصراع على المال والنفوذ والسلطة.

في ظل حكم الاحزاب الشيعية صارت كل أرض في العراق كربلاء وكل يوم عاشوراء، والأحزاب السنية من طرفها استخدمت المذهب لاثارة العصبية المذهبية ولزيادة معاناة السنة، كما العراقيون جميعاً.

 الشاهبندر برر خروجه، أو إخراجه، من الكتلة الحاكمة بالقول ان "دولة القانون بدأ مشروعه وطنياً واليوم تحوّل الى طائفي". أعرف ان عزت الشاهبندر ليس طائفياً الا بقدر ما يحقق له ذلك مصالحه، وهكذا سائر السياسيين .. دولة القانون والمالكي هما أيضاً محكومان بهذه المعادلة، وحصيلة السنوات الاربع الماضية من خراب شامل وتردّ متفاقم لأمن العراقيين جميعاً ومعيشتهم، وبخاصة الشيعة الذين يشكلون اغلبية السكان، تنطق بلسان فصيح بان دولة القانون والمالكي ، كما سائر الاحزاب والزعامات السياسية الاسلامية، شيعية وسنية، تتقدم مصالحها الشخصية والحزبية على أي مصلحة للطائفة أو للوطن، والا ما كنا شهدنا كل هذا النهب السافر للمال العام والفساد الاداري والقمع والتضييق على الحريات وتعطل مصالح الناس وانهيار نظام الخدمات العامة الاساسية وانسداد آفاق التنمية والحياة الكريمة لشيعة العراق وسنته وسائر طوائفه الدينية والمذهبية ومكوناته الاجتماعية.

"المدى" – 7/12/2013