
شكراً.. شجعان التحالف المدني / عدنان الفضلي
تجربة البرلمان العراقي في دورتيه السابقتين، لم تُبنَ وفق الرؤى الصحيحة والتوافقات الوطنية الخالصة لوجه العراق، ولم نتحصّل منها سوى الخراب والدمار الذي أكل أخضر الوطن ويابسه، كونها بنيت وفق نظام محاصصاتي طائفي وقومي، وعلى أسس أقل ما يقال عنها انها كانت رخوة وهشة بدليل الإنهيار السريع الذي شهدته العملية السياسية، لكننا وفي الدورة الجديدة، ورغم تواجد نظام محاصصاتي ضيق، بعد تفتت كثير من الكيانات الطائفية، لاحظنا ان هناك بوادر تغيير مقبلة على هذا المشهد الذي صرنا نتابع حيثياته من خلال الرصد الحقيقي لكل ما تقوم به الكتل السياسية المتصارعة على المناصب والكراسي، ومن تلك البوادر تواجد روح المنافسة من قبل التيارات المدنية مع (حيتان) الإسلام السياسي بشقيه السني والشيعي، والدليل هو ان التحالف المدني الديمقراطي نافس على منصبين حساسين هما منصب (رئيس البرلمان) ومنصب (النائب الأول للرئيس).
ورغم اننا لم نكن بمستوى كبير من التفاؤل، في حدوث معجزة، بحيث يقوم (نوّامنا) بالتصويت لصالح مرشحة التحالف المدني الديمقراطي (شروق عبايچي) لتصبح أول رئيسة برلمان في العراق،ولا كنا نتوقع من هؤلاء (النوّام) ان ينتخبوا (فارس ججو) لمنصب النائب الأول لرئيس البرلمان، لكننا حتماً سنحيي الشجاعة الكبيرة التي تحلى بها التحالف المدني ومرشحاه في التصدي لمبدأ المحاصصة المقيت، هذا المبدأ الذي كان سبباً مباشراً في ما وصل اليه حال العراق والعراقيين من بؤس ودمار.
نعم كان التحدي كبيرا والمحاولة تستحق التقدير والإنحناء، وهي علامة نجاح مشجعة في طريق التغيير الذي ننشده جميعاً، خصوصاً ونحن على وشك بداية مرحلة جديدة على طريق بناء الدولة المدنية التي يجب ان تتظافر فيها جهود جميع الوطنيين سواء المتواجدين داخل المشهد السياسي ام الذين يراقبونه، ويتفاعلون معه! فالفرصة متوفرة الآن أمام العلمانيين والقوى الوطنية المشاركة في العملية السياسية، لتفعيل الدور والمساهمة بصنع القرار دون التخوّف من قضية أن قوى الإسلام السياسي المتواجدة في مراكز صنع القرار هي المهيمنة، فعدم الخوف والتصدي ببسالة لأي التفاف على الدستور والقوانين من شأنه كبح جموح تلك القوى وسحبها لجادة الصواب والعمل من أجل المصلحة العامة.
إذن علينا ان لا ننظر بالعين الصغيرة لتلك المحاولة مهما كان المتحصل منها، فحدوثها في هذا الوقت المضطرب، ودخول المعترك رغم شراسة المنافسين هو فعل يجب التوقف عنده وأداء التحية لكل من ساهم بصناعة هكذا قرار منحنا فسحة أخرى للأمل في إحداث تغيير ملحوظ داخل العملية السياسية، وعلينا ان نشكر ونثمن وقفة النائبين عن التحالف المدني الديمقراطي (شروق عبايچي) و (فارس ججو)، كونها كانت وقفة شجاعة وكبيرة.