من التنور مرة أخرى ومرات / د.محمود القبطان

كلما يمر الزمن و ببطأ يرمى المزيد من الحطب السياسي في التنور ويصعد لهيب الخلاف السياسي الى الأعلى ومن ثم تأتي الأزمات الجديدة ويتعطل البرلمان ويخفق في تمرير القوانين ولم يبقى من عمره إلا ثمانية أسابيع.ومن خبز تنور السياسة الأخير تمر أحداث خطيرة يبقى الشارع العراقي في حالة فقدان للأمل في الأمان والاستقرار.

 اليوم تمر 3 أعوام على الحراك المدني الشعبي في 25 شباط 2011 حيث اعتقل وأهين البعض من المحتجين واغتيل الإعلامي هادي المهدي,وكل ما طالب به الشباب هو إصلاح العملية السياسية و التظاهرة كانت سلمية بكل ما تعني الكلمة إلا ما قدمته حنان الفتلاوي من "معلومات خاصة" بأن المقاصيص الكبرى كانت قد بيعت كلها من كل أسواق بغداد ومرة واحدة,والمضحك انه لم يكسر أيّ محل تجاري ولم يعتدى على أملاك الدولة.لكن الشهيد هادي المهدي سقط برصاص كاتم من قبل جبان  واعتبرت الحادثة جريمة عادية,لكن العميد المختفي دحام لم يقل ربما بسبب سرقة"أموال" المهدي.إنها وصمة عار في جبين القاتل ومن أرسله ومن تستر على الجريمة أين كان.لكن الحراك المدني سوف لن يتوقف وفي 7 آذار سوف تخرج التظاهرات في كل المدن العراقية لنفس المطالب وربما بأكثر مشاركة حيث "طلعت الشمس على الحرامية" بعد اختفاءها ولو لفترة.

  ومن سخونة الأحداث وفي 15 ك2 قدم السيد مقتدى الصدر بيانه المدوي في الساحة العراقية بعد وضع الحطب السياسي الكثير والكثير ليلهب العملية السياسية برمتها وربما لاسباب عديدة ومن أهمها هو خيبة أمله في تياره ومن ثم اعتزاله العمل السياسي والاكتفاء ببرنامجه الديني.وأمر آخر ,ربما, أراد أن يعرف مدى تأثيره في السياسة العراقية,وبدأت المطالبات بتريثه من الساسة الآخرين إلا كتلة القانون بقت صامتة صمت الأموات وكأن الأمر لا يعنيها.لكن لماذا يطالب علاوي الصدر بقوله:لا اسمح له بالاعتزال, والنجيفي  يقول بقاء الصدر هو الحجر الأساس في العملية السياسية وفي نفس الوقت ينافق هؤلاء برياء سياسي كبير حيث لا يحضرون جلسات البرلمان بالحق والباطل لمآرب سياسية لا علاقة لها بالهم العراقي وقوانين معطلة منذ سنوات وموازنة لم يقتنع البعض بما فيها.نواب التيار الصدري تراكضوا لتقديم استقالاتهم من البرلمان وليس من الوزارة وكأن الصدر هو من انتخبهم وليس الشعب,يعني كل هذا إنهم يعملون لقائد التيار وليس للشعب العراقي.ولكن ماذا بعد؟رجعوا وسحبوا استقالاتهم الواحد بعد الآخر وكأن شيئا لم يكن!وفي معظمهم يعلمون بدون كرسي برلماني سوف يصبحون في خبر كان وربما البعض منهم سوف يرجع الى دول اللجوء ليقبض  مستحقات المعونات الاجتماعية المتراكمة.

                                                   ومن سخونة الأحداث يأتي خبر بإدانة خمسة ضباط كبار بخمسة أعوام بسبب هروب(اقرأ تهريب) أكثر من 500 اعتى مجرمي القاعدة من سجن أبو غريب. القضاء العراقي أصبح ممثلا لمنظمة حقوق الإنسان ومسامحا الى حد كبير  وحسب ما تراه القاعدة نفسها.

   أمس الأول اعتقل الخبير الاقتصادي د.مظهر محمد صالح في مطار بغداد أثناء رجوعه من إقليم كردستان,وبعد ساعات أطلق سراحه.لم يهرب وكان داخل البلاد,وقرار إطلاق سراحه لم يشير الى عدم سفره داخل العراق.هي إهانة لخبير كبير في الاقتصاد,لان العلم في العراق مهان .لكن من اختفي لفترة بعد أن أنفضح تأريخه في تبنيه فكرة قطع قطعة من الأذن للهاربين من الخدمة العسكرية  في زمن النظام السابق رجع الى الواجهة بأمر من الأعلى.,كما هي طريقة الطهي على نار هادئة فقد "أشيع" بأمر من ألأعلى أيضا أن يبعد بعض المحللين السياسيين من الفضائية العراقية,لكن بعد "تدخل" السيد محمد جبار الشبوط,سمح لهؤلاء"المغرضين"بالتحدث مرة أخرى للجمهور من الفضائية. لكن نار التنور تبقى مستعرة لكثرة الحطب السياسي المُلقى فيها فأتت الأزمة الجديدة وهي:

استيراد العراق الأسلحة الخفيفة والمتوسطة من إيران,احتجت الأمم المتحدة حيث هناك حظرا عالميا على إيران,أمريكا وبكل قوة احتجت على ذلك ,وزارة الدفاع العراقية كذّبت الخبر وقالت لم نعقد أية اتفاقية لاستيراد الأسلحة من إيران ,لكن بطل اللجنة الأمنية البرلمانية الشاعر السياسي الوجه الباقي على الشاشات لأطول فترة حسن السنيد قال العراق استورد وسوف يستورد الأسلحة الخفيفة والمتوسطة من إيران,لان هذه قضية وطنية.هو لا يعلم إن العراق ليس روسيا وليس الصين.

   ومن سعير النار السياسية الملتهب تنفجر قضية جديدة لطالما طبلت لها المفوضية للانتخابات حول البطاقة الشخصية الذكية,حيث وزعت بمئات الآلاف منها وذهب المالكي, والحكيم لاستلام بطاقاتهم الشخصية والذكية جدا,الخبر اليوم يقول أنها تعطي بدون بصمة الإبهام وهي قابلة للتزوير,وبدأ البعض من ضعاف النفوس ببيعها.ماذا تقول المفوضية حول هذه الطريقة الفذة في "نزاهة "الانتخابات المقبلة؟

 وبعد أن خفت النار المتوهجة في تنور اليوم وأصبحت أقرب الى المزحة في إخراج خبز سياسي مقبول يخرج على الفضائية البغدادية مع أنور الحمداني النائب البصري حسين الاسدي بعمامته البيضاء ليعطي درسا في النزاهة والتواضع وحب الناس وتقديم الخدمات,ونسى نفسه إنه يجلس على كرسي فخم جدا ومُذهّب وعريض لا يحلم به هارون الرشيد لو كان حيا,الاسدي الذي يمثل"فقراء" البصرة نسى فترة حياته في بريطانيا.الرؤساء الأمريكان والروس والصينيون يجلسون على كراسي بسيطة جدا,ولكن عقدة النقص التي تصاحب أصحابها لن تختفي الى آخر لحظة من حياتهم.ويعتقدون أن فخامة الكرسي الذي يجلسون عليه قد يعطي لهم حجما أكبر من حقيقتهم.فهل أهل البصرة سوف يعطون أصواتهم مرة أخرى لمن أصبح من أصحاب الملايين بالدولارات بسبب صوتهم قبل أربعة أعوام وبقوا على فقرهم وماءهم المالح والمج؟يطالب ألأسدي بالرفاهية للشعب وهو يجلس على كرسي  سعره عالي جدا لا يصل أهل البصرة الكرام إليه.إنها حيلة البغدادية لإيقاع النواب في مطبات لا يخرجون منها سالمين ,ربما مخرجي التصوير من اقنع ألأسدي في أن يجلس على هذا الكرسي الفخم كما فعلوا مع علي الشلاه عندما قابلوه وسألوه عن عائلته فقال أنا علي وهذا الحسن وهذا الحسين,في إشارة على أولاده.

 تخفت نار التنور السياسي مرة أخرى لكن الحطب الكثير قادم ومن كل مكان,داعش  والقاعدة ومجرميها في أكثر من محافظة ووصلوا الى المسيب والانبار مازالت مشتعلة,النزاع حول النفط مع الإقليم والموازنة العامة والانتخابات  والتسليح ..وتستعر مرة أخرى وفي أية لحظة لان الأزمات السياسية تولد في كل وقت ولها مؤسسيها ومريديها.

د.محمود القبطان

20140225