قصيدة مهداة الى الرفيق" أبو عمشة " / خلدون جاويد

" حدّثتُ صديقي أبا عمشة عن قصيدتي في رثاء الشهداء  الأربعة أبناء الشيخ الجليل محمد الخشالي وحفيده مصطفى إثر الانفجار الذي استهدف شارع المتنبي ومقهاه مقهى الشابندر . والقصيدة كتبتها بلمح الدمع والبصر وذلك تأثرا بالصوت المفجوع لصديقي أبي ذر عقيل الخزاعي الذي تلفن لي من بغداد ليقول بالتياع ومناداة حميمة وموجعة " خلدون .... أكتب عن شهداء المتنبي .. عن ابناء الخشالي " .. حدثت صديقي أبا عمشة بذلك وما دمنا نتحدث عن وطننا وشهدائنا فقد سألته عن عدد الذين فقدهم .. قال لي إنهم 13 فقيدا ـ شهيدا . اذ خلا البيت في بعشيقة ـ بحزاني ، من العائلة باكملها : اُمّا وزوجة وأختا وأولادا إضافة الى أبناء الأخ الثلاثة وأمهم  ! .. لقد أخذهم الفاشست في حملة الأنفال ولا يُعرف لهم أثر الى اليوم ! كان ذلك في عام 1988 " .

 

"أبا عمشة ٍ " أنتَ الرفيقُ المُعلـّمُ

وإنك طودٌ شامخ ُ الفكر مُلـْهـِمُ

وتوبادُ نفـْح الطيْبِ ، والنـُبْل والندى

وقلعة ُ أضواء ٍ،  وصرحٌ ومَعْلـَـمُ

ويا إسمك الازكى من المسك والشذى

وناطحة ً  فيها  العلا  يتوَسِّمُ

ويا أيّها الفولاذ ُهاما ً وطلعة ً

ومدرسة ٌ منها الأبُاة ُ تعلـّموا

وليث ٌ، طواغيتُ الزمان انحنتْ له

 عظيمٌ ومن أعتى الفواجع أعظمُ

وفي غـُرَف التعذيب دوّى زئيرُهُ

أنا الرجل الفولاذ ُ لا أتحطم ُ

ونبراسُ حُبّ الشعب نذرٌ لدربـِهِ

شيوعي ّ ُروح ٍ ماردُ الدأب ِ ضيغمُ

لقد كنت في زنزانة الموت شمعة ً

تضيء لاجيال ٍ وتفنى ليسلموا

ألا أيّها العملاقُ ما انهدّ عزمُهُ

أمامه أبطالٌ عُتاة ٌ تقزّموا

"أبا عمشة ٍ" والشمسُ أدرى بظلِهِ

من الشمس أبهى بل أعزّ وأكرمُ

"ثلاثة ْعشرْ" نجما ً شهيدا فقدتـَهُمْ

لقد ساقهمْ للسجن والقبر مُجرمٌ

ولو كنتَ سبعينا ـ  رجالا وقمة ً

من الصخر ـ لانهارتْ بهمْ وتهدّموا

ولكنكَ العنقاءُ ، أمضى رمادُها

من النار،لاتشكو ولا تتظلـّمُ

وتطوي جراحات الجراح وتكظمُ

ولم أرَ يوما دمعة ً تتبسمُ

ألا أيها الينبوع يجري مع المدى

وكوثرُهُ حزبٌ أصيلٌ وزمزمُ

ودرسٌ لنا ، إمثولة ٌ، بك نقتدي

أمامكَ تنهارُ العواصفُ ، تـُهزَم ُ

فأنتمْ على الأعواد وردٌ وأنجمُ

وللبدر مِعراجٌ وللشمس سُلـّـمُ

 

*******

2013/12/16

ـ علمتُ بخبر المفقودين الشهداء الثلاثة عشر قبل ستة  أعوام ولم أقوَ على كتابة  القصيدة الاّ الآن ، فالشعر ينفعل ويأتي بارادته لا بارادتي ... اليوم كتبت نفسها القصيدة !. أعتذر مرة اُخرى لصديقي الودود أبي عمشة .

ـ أنحني إجلالا لكل شهداء العراق ولكل الأرقام كثرتْ أم قلـّتْ إنهم جميعا نجوم خوالد تضيء الطريق للأجيال ولعراق السلام والأمان .

ـ أشعر بخجل وتقصير إزاء كل شهيد في العراق والعالم أجمع .. وياله من زمان لايستطيع الشعراء فيه اللحاق بالشهداء للكتابة عنهم . إنها أيضا مسؤلية المثقف إزاء كل جريمة تحدث في

العالم سواء سمع بها أم لا ! وعلى حد تعبير جان بول سارتر .

ـ عجبي كيف يستطيع إنسان أن يعيش بعد هذه الفاجعة ويقاوم بكل صلابة بل ويعطي أروع الدروس بها . إنه ملهم ومثال ونجم هاد ٍ لكثير من البشر ، إنه الرفيق أبو عمشة .