لوحة .........../ اسامة الزهيري

قصة قصيرة

 حاول النوم ولم يطاوعه الرحيل الى السماء فما ان  نظرَ الى مائدتهِ الروحي حتى قامَ من جنبهِ الذي تململَ من تقلبهِ على فراشهِ  , تحركَ صوبَ مرسمهِ الصغير فرسمَ احمد بقلمهِ الرصاص وردة  وحاول بكل وسيلة ان يزيد عدد الأوراق التويجية بها وان يزيد المياسم ويقلل من الاشواك التي يجبُ ان ترسم على ساق النبتة , انطلق بهذا الرسم بعدَ ان ظلل مكان وأفتحَ باللون مكان أخر" مستنجداً ببقعة البياض المتواجدة ورقاع الاسمنت التي يرمم بها اجزاء الورقة ، حتى أتمَ أجزاء الزهرة من ورقة و ساق وأوراق معتنقاً مبدأ ان الزهرة الحقيقية ليس باللون الذي تصطبغُ بهِ بل بما تعطهِ من عطرٍ مميزْ وجذاب و ,وكم نرى عديد الازهار الخالية من العطرِ في كُلِّ مكانٍ ،  رسمَ بعدها ارض ذات حشائش قصيرة الطول شديدة السمرة نتيجة الرصاص المستخدم في رسم النبتة !

استنجدَ بمستقيمٍ اسفل الزهرة وبعض خطوط مائلة لتبيان ( جذور النبتة ) مستعيناً بخيطينٍ مائلين متلاصقينٍ بحدةٍ قاتمةٍ لترمز الى ( طير ) وخط مائل يلتصقُ بأطراق الورقة من جهة الشمال الغربي ليعطي لنا صورة الشمس المرصعة بالرصاص , رسمَ بقع كلام غير محدد الوجهةِ على اطرافٍ مختلفةٍ من سماء الفضاء الذي اقتحمهُ بقوةٍ دونَ سابقٍ سوى رقعهِ املٍ كان يستنجدُ بها !

حطَ بقلمهِ  بخطوطٍ قصيرٍ تنتهي بأفرع متقابلة وتبتدأ بكرةٍ و أفرعٍ متقابلة ورسمَ عدداً لا يستهانُ بهِ كأنهُ اعظمُ جيشٍ يمكن ان  تحكي عنهُ اساطيرُ رسمتهِ

 التي عانقت جوها وفاحت بعطرٍ مخيلتهِ حتى رسمت من بعيدٍ قطعةِ من مستطيلٍ متوازي بطول متقابلاتهِ حاججَ بهِ رسمةٌ أخرى , أكملَ لوحتهِ غاضٍ البصر عن ذلك الاخير المرسوم ..

 

حطَ على الجانبِ المقابلٍ من تلكم الزهرة عموداً طويلاً وخربشَ بكثرة وبمنحنيات مختلفةٍ وأطر رأس ذلك العمود بأذرعٍ مبتلةٍ بالأوراق ورسم بالونات هاطلة من اعناقِ تلكَ الأوراق ليبين بالدليل القاطعِ بأنها – نخلة – وذهبَ مسرعاً الى الجانبِ المقابل راسماً عموداً متلوي ممتدٌ بأذرعٍ متمايلاتٍ تحتوي على عديد الفراغات المحاطةٍ بالخطوط  وبعديد الفقاعات التي اختلفَ على تبقيعا بالرصاص جميعاً ام ترك بعض من هذه الفقاعات دون الرصاص !

ازدادت مخيلتهُ مسرعاً فحملَ على رسمٍ ساقية في الارضِ تمتدُ طولاً مرصعةً ببقعٍ من شمسه التي اصطنعها وتعكسُ أطرافَ سدرتهِ التي بالغَ في رمي الثمر فيها حتى اشتدَ ضلعها وثقل وبان اصلهُ في تلكَ الساقية  التي تحملت أوراقها التي قبضَ الخريفُ على أعناقها وسلبها ضوء ها الساكن في جنباتها .. .

حمل بعودةِ الخشبِ على رسمِ اذرعِ مختلفة الطول و الشدة من على لوحةِ الشمس التي استخلقها من ذلك الفضاء

رسمَ مربعاً يملكُ عموداً في اعلاه وبعضٌ من المنحنيات التي تخرجُ منهُ ليدلنا على الدخان الذي كان الوحيد المشابه للون القلم المستخدم !

حمل على نقلِ عددٍ من ذلك الجيش الأنفِ الرسم ووضعهُ داخل ذلك المربع وأخرين تركهم على اطراف فضاءات الورقة , اشتدت بهِ ارهاصات  الرسم حتى  حمل على رسمِ مربعات بحلقات من الخلفِ ومن الأمام مضلعةٌ وتحتوي على بقعٍ رصاصيةٍ متكاملةٍ في ابعاد مختلفه واعراض محنلفه لتبيان البعد والقرب في الرسم ..

حمل على رسم افراد اخرين ودسهم داخل ال المربعات المختلفة التي كانت تعج بالدخان من النوافذ ومن اعلاها !

لاحظ مع الوقت وهو  يحاول ان يرسم ساقيةً أخرى لكي تكفي عدد المربعات المرسومة بالماء والخشب ان بعض الجنود الذين قد اثبتهم في مكانهم على حدود الورقة احدهم متهمش اليدين من جراء مسك الورقة بين الحين والحين وأخر غير متواجد  في مكانه , لم يعر الامر اهميةً واستمر في الرسم حتى بادر على رسم قطيع من الأغنام لكي يكفي لهم الطعام وبستان لكي يكفي لسد جوعهم

رسم عددا من العربات وعددا من الطائرات وسفن جميلة , رسم معبد غير معنون وجمل على رسم صورة لقائد وعلقها على الحائط بذلك الزي الجميل و( والعمامة ) التي كانت تأخذ في الطول وفي العرض وفي العمق !

رسم مدرسة وحمل من الجيش على اطرافها , وترك الفرشاة على جانب الورقة والدواة على الجانب الأخر فكان يجبُ ان ان يسمك بيديه الفرشاة والدواة الخاصة به بكلتا يديهِ ..

خلدَ النوم حالماً ان يوم الغد سيكون اجمل بعد ان رسم رسمته التي يحب وبالطريقة التي يحب ..

اجلسهُ صوتُ دويٍ رهيب ففزع من نومهِ يقضاً بكل لا سيطرةٍ على نفسهِ وكل لا تركيز , أجلى من عينيهِ بقع اللون الأحمر وهرعَ الى لوحتهِ التي غفا على زقزقةِ عصافيرها وتهدل حمامها وخرير ساقيتها ..

تفاجأ جداً عندما شاهد اللوحةِ مكتظةٌ باللونِ الأحمر واللون الأزرق والاصفر فركز  على المستطيل الذي حلمَ ان يصبغهُ باللون الاحمر والاسود والابيض مطرزاً ب- الله أكبر -

ليجد على فضاءاته اللون الأحمر ينتشر من جراء تفجر سيارةٍ رصاصية للون لدى دخول مُفجرٍ من الجانب الذي شاهد أثار قدميهِ فقط !

اضطرَ الرسام الى حرقِ لوحتهِ ودفنها لأنه لم يجد ممحاةً ممكن ان تمحي ما تم اقترافه

اما فرشاتهِ ودواتهِ فلم يجد منهن الا ( عصا ) خاليةً من الفرشاة و ( دورق ) مملوء بالنار ..

ليشعل لنفسه من عصاه ناراً من دورقهِ يضيءُ بهِ الليل حتى يجيئ الصباح !

 

 

12-12-2013