
شروق وسفانة و... / قاسم العثماني
كان لي شرف المشاركة في الاحتفالية السنوية لجريدة اللومانتية، لسان حال الحزب الشيوعي الفرنسي. قضيت أغلب وقتي مع العشرات من الشيوعيين والديمقراطيين العراقيين المتواجدين في خيمة طريق الشعب، جريدة الحزب الشيوعي العراقي ،التي شاركت بالعديد من الفعاليات في هذا العرس الأممي الكبير، الذي شارك فيه ممثلون من جميع شعوب الأرض من الشيوعيين والديمقراطيين. ومن ضمن هذه الفعاليات وصلة غنائية للأخوات الطبيبات العراقيات (شروق و سفانة) بنات القائد الشيوعي المعروف جاسم الحلوائي.وكانت الفعالية جميلة جدا وموضع ارتياح وتقدير وتثمين المتواجدين في الخيمة، والذين اشتركوا معنا من الأصدقاء والأشقاء من العرب والأجانب.
إلا أن الشيء الذي جلب انتباهي فيما بعد هو الإساءة البالغة التي أطلقها عليهن المدعو (خالد)، نجل الشيوعي الراحل حسين سلطان، والتي تناقلتها مواقع الأنترنيت.ومما أثار استغرابي أن يتحدث شخص يدعي أنه شيوعي بعقلية طالبان، لهذا لجأت الى أحد الأصدقاء الذين أثق بهم، وله معرفة بالعلاقة التي تربط بين الراحل حسين سلطان بالحلوائي.
أخبرني هذا الصديق عن عمق العلاقة فيما بينهم والتي امتدت لعدة عقود من السنين، فهم رفاق وأصدقاء وأخوة في اَن واحد. وانتقلت العلاقة لاحقاً الى عوائلهم، ومن ثم الى أبنائهم وبناتهم. ومن أجل تواصل هذه العلاقة حصلت حالات مصاهرة بين عائلة حسين سلطان وعائلة الحلوائي .وعلى مايبدو فإن (خالد) زج نفسة في قضية لم يكن طرفاً فيها على خلفية صراعات سياسية وفكرية بين عدد من قادة الحزب سابقاً ، وتطوع بدون سابق إنذار لمهاجمة الحلوئي بكلمات غير لائقة ثم تبعها بإصدار كراس يحوي الكثير من المغالطات والافتراءات رداً على كتاب الحلوائي (الحقيقة كما عشتها) دون مراعاة لتأريخ هذ المناضل الذي وهب حياته للحزب، ولازال يواصل العطاء رغم كبر سنه واعتلال صحته.
والظاهر أن الاتهامات الباطلة لم تشف غليله، فعاد مرة أخرى لمهاجمة بنات الحلوائي متناسياً أن الحزب الشيوعي العراقي كما يعرف الجميع قدم ولايزال يقدم دعما لا محدودا للفنون بكل تلاوينها. وكيف كان الشيوعيون يقنعون زوجاتهم وبناتهم وأخواتهم للمشاركة بالفرق المسرحية والغنائية لتشجيع الأخريات للانضمام اليها. وهذا ماحصل مع الفنانة القديرة الراحلة (زينب)وهي مدرسة ثانوية جندت نفسها للعمل في المسرح لإدراكها بأهميته في توعية الجماهير، وشاركت في الكثير من المسرحيات ضمن فرقة المسرح الفني الحديث، وبرزت في مسرحية (اَنة أمك ياشاكر) التي تلقفتها الجماهير وهزجت بها في الشارع(شكوري الورد ما تنطفي ناره) ولا أدري كيف يعلق(خالد) على عمل الراحلة (زينب) وأية إساءة ينسب اليها، وبأي اسلوب يكتب عن الفنانة القديرة (أنوار عبد الوهاب) ابنة الشهيد (عبد الجبار وهبي)عندما يسمعها تشدو بأغنية (من عمري سبع سنين وكليبي مهموم) وأية كلمة نابية يطلقها على الفرقة الغنائية التي شاركت في احتفالية الذكرى الأربعين لتأسيس الحزب الشيوعي العراقي، والتي لازالت الجماهير لحد اليوم تردد احدى أغنياتها (مكُبعة او رحت امشي يمة بالدرابين الفقيرة).
إن(شروق وسفانة) عملن يا خالد بروحية من سبقهن من المناضلين والمناضلات.وكان المفروض أن تثنِي عليهن خاصة وأنت تعرف أنهن تربين في أحضان الحزب، منذ أن خرجن الى النور ولحد اليوم. ووضعن كل طاقاتهن العلمية والفنية والإبداعية في خدمة الحزب والإنسانية، ورفعن راية الحزب والعراق عالياً، لهذا حظين بحب الشيوعيين أينما وجدوا.
وعشن في أسرة تسودها المحبة والاحترام والصراحة والصدق والثقة بالنفس وحسن التصرف والعفة والكرامة. كانت حياتهن خالية من العقد بعيدة عن الذاتية والأنانية.لذلك نجحن في حياتهن الأسرية والعملية.وهذا مايشهد به جميع من تعرف عليهن.
وأخيراَ أقول وأنا على ثقة تامة بأنهن أقوى من أن يؤثر على معنوياتهن صوت نشاز. بل سيزيدهن إصراراً على مواصلة السير في نفس الطريق، طريق زرع الكلمة الطيبة في العقول، والابتسامة على الشفاه لخدمة الإنسانية جمعاء.
