كالنسرين قلباً  /  سامي العامري     

ستمحو شجونُ الحيِّ نجواك عاجلا

وتُرديك أفياءُ الدرابينِ آجلا

ومَن كان كالنسرين قلباً فإنه

لَيذبلُ من أدنى اقترابٍ خمائلا

 

ويذوي على لحن العتاب كنسمةٍ

وقد كان قبل العشق ينقضُّ باسلا

وإنْ تُعجِبِ المرءَ السكينةُ منزلاً

فإني افترشتُ العاصفات منازلا

 

ولكنْ هو العمر المسلِّمُ للأسى

ودائعَهُ فالداءُ يُقعي مماطِلا

ويوحي بأنْ كلُّ المعارك خُلَّبٌ

ولا سيَّما إدراكُ كُنهِك كاملا

كأني صديقي جُنَّ تحت سياطهم

ومازال يهذي : كيف مازلتُ عاقلا !؟

وأخشى بأنْ خَلقي من الله مِنَّةٌ

إذا لم يكنْ في خَلقهِ ليْ مُجامِلا

فليت الطبيبَ الطيِّبَ القلبِّ يختفي

وليت هواءَ الماكناتِ تثاقَلا

ولو عَطِلَ الأنبوبُ تَعْطَلُ مثلَهُ

دواعي بقاءٍ كُنَّ أصلاً قلائلا

هو الغسق الدوّار دارَ مجدِّداً

فملَّ ازرقاق البحر دوماً فحاولا

صبوتُ وقد رقَّ النسيم فرغبتي

بإغفاءةٍ والبدرُ يعبرُ راجلا

ونهرٍٍٍ بمجدافٍ يمسِّجُ جلدَهُ

وأمواجُهُ في الوثب محضُ أيائلا

وليس عزاءً ما رغبتُ فإنَّ لي

لَقلباً سلتْ كلُّ القلوب وما سلا

ورغم احتدام الكبرياء بمهجتي

ورغم علوِّ النفس أبقى مُسائلا

هي الروحُ لا العمر القصير كأنما

ثلاثين عمراً قد حييْتُ تراسُلا

وخضتُ بحاراً كالشموس بعرفها

كأنَّ جواداً هزني فتصاهلا

ومَهما توخيتَ الفصاحة نبرةً

فلا بد أن تلقى الحسودَ المخاتِلا

وكم سفَّهوا رؤياك حقداً وغيرة

وكم لقَّنوا التسفيهَ رَهطاً مماثلا

ولكنهم في سرهم فُتِنوا بها

وصفحاتُها قد هرّؤوها تداولا !

تغلغلتُ في قاع النفوس وسطحِها

وجبتُ الأعالي كلها والأسافلا

فحيَّرني أنَّ الكثير بحاجةٍ

لتصفيقِ غوغاءٍ ولو كان هازلا

إذا لم تباركهُ المدامعُ أولاً

فَوَهمٌ وبعضُ المدحِ يصعقُ خاملا

ـــــــــــــــــــــــــــــ

)*

كتبتُ الأبيات العشرة الأولى من هذه القصيدة وأنا بين الغيبوبة واليقظة وهذه الحالة حصلت معي ثلاث مرات في حياتي وأما بقية الأبيات فأضفتها لاحقاً ،،، وكل هذا بات الآن في عداد الماضي .

 

ــــــــــــ

برلين

تموز ـ 2013