سني التقاعد , وما قبلها .. ق2/ د. علي الخالدي

قلت ثرثرته حول كل شيء , ولان مراسه الصعب , وإحساسه السريع المتشنج الذي كان طاغيا اثناء العمل وعلى  إسلوب تعامله الحاد , مع من لا يجيد عمله , أو يقصر فيه , يشتاط غضبا ويتطير من الذين  نسوا عراقيتهم وأخلاقياتها , فأفقده ذلك الكثير من الصداقات التي كان يسعى لمواصلتها مع البعض من أبناء جلدته من العراقيين القدامى , الذين وقعوا تحت خطيأة المال المكتسب بطرق ملتوية  فأصبحوا يعانون من إزدواجية الشخصية واﻷعتداد بالنفس , مانحين أنفسهم , على غرار البعض من رجال الحكم بعد سقوط الصنم ألقاب دون مؤهلات . بينما أكتسب محبة و ود من واصل السمو , بواجبه الوطني وفي مقدمتها إبراز عراقيته بين المحيطين به , وبمن من حافظ على حمل القيم  العراقية الأصيلة , وعكس  تواصل خصال التربية والأخلاق لعائلته الثانية الحزب الشيوعي الذي علمه , خدمة الآخرين والتضحية , الصبر , والحذر  والمثابرة في العمل , والصدق والصراحة التي كانت عناوين لتسلكاتهم , إنها نفس الصفات التي كانت تزكية لتحقيق ما يصبو اليه في أي  بلد حل فيه , فرغم حمله لجواز مزور , وأحيانا غير عراقي , بعد سحب زمالته ,و جواز سفره , إلا  أن لكنته العراقية كانت جواز إثبات هويته العراقية,  لا يخفي شيئا , عند تحقيق حراس حدود الدول العربية  معه , يخبرهم بكل صراحة عن هويته السياسية , كما حصل عند دخوله سوريا , وليبيا للعمل, وقبلهما الى اليمن الديمقراطي,  قادما من صنعاء لحضور وعائلته الذكرى اﻷربعين لتأسيس حزبه العتيد , كما صرح لضابط الجوازات في المطار , بذلك ,فساعده , بإدلاءه على عنوان تواجد الحزب . عند الوصول الى المكان المحدد,  إستغرب الراحل الدكتور رحيم عجينه بقدومه والعائلة , دون إشعار من أحد  , مستغربا من قولهم بأنهم جاءوا  كسواح .

  منذ دخوله عدن لازم تحركاته شخصا  . رافقهم  ,حتى لقاعة الأحتفال بالذكرى الأربعين , بخور مكسر , وتشمس وإياهم في الساحل الذهبي , بقي يرصد تحركهم , لحين تركهم عدن مودعيه بإبتسامة , ردها مع رفع يده , وسط بكاء طفليه بالبقاء في عدن لما شاهدوه من حرية الحركة , والتمتع بالسباحة في ساحلها الذهبي الجميل وزيارة المعارف في المنصورة  . كانت لديه رغبة بالحصول على تزكية , طلبها زميله الدكتور عبد الله بوقير وزير الصحة آنذاك ,(خريج المجر) ,  لتوثيق الموافقة على العمل , محل طبيب هندي  يتقاضى مرتب من دولة عربية , فشل في الحصول عليها متذرعين , أن هكذا تزكية ستفتح أبواب الآخرين هم في غنى عنها , هذا صب في مصلحته الذاتية لاحقا     

 إستغرب البعض من سهوله حصوله على عمل اينما حل , و من التدرج في المواقع , و ما يوكل له من مهام , حيث كان ينقل من القرى الى مواقع  المسؤولية في المدن , ومن ثم الى  العاصمة كما  حصل في ليبيا , حيث عين في عيادة شعبية في مدينة الزواية , بعد ستة أشهر نقل ليترأس قسم اﻷطفال , بمستشفى صرمان , وبأقل من سنة نُقل الى المستشفى الجامعي بطرابلس ( مستشفى صلاح الدين الجامعي ) ,  وعند حصوله على الأقامة الدائمية في المجر ,وهو في ليبيا , من قبل السلطات المجرية التي كاتبها عبر السفارة بطرابلس , شد الرحال الى هناك بالرغم من حصوله على فيزا هولندية , تقديرا لخدماته التي كان يقدمها لمعالجة أطفال الدبلوماسيين , وهذا إنسحب الى أن يُمنح , وعائلته جواز سفر جمهورية اليمن العربية بعد الإتحاد بنفس المعطيات , ولادة عدن , مما ساعد  بإنسيابية الحصول على مخصصات نهاية الخدمة , التي كان يقلقه تسويتها و الحصول عليها عندما يحين ترك ليبيا .

فضل البقاء في المجر.  قابل صعوبات , و متاعب الحصول على عمل و بالتعيين,  كان يُفَضل  المجريين من دول الجوار بغض النظر عن الكفاءة , بالرغم من حصوله على أماكن متعددة في القرى , إلا أن النقابة كانت ترفض منحه رخصة عمل , بعد أخذ ورد , ودعم من بلدية القرية التي إختارها ليكون طبيب أطفالها وافقت النقابة على منحه رخصة العمل, بشرط التدريب لمدة شهر في إحدى المستشفيات , ولم تمض سنة ونصف نُقل الى طرابلس ليعمل في مستشفاها الجامعي في العناية الفائقة للأطفال والمبتسرين

حالفه الحظ بشراءه بيت ببودابست بجديقة كبيرة , وبمنطقة لم يكن يعلم بانها تبعد بضع دقائق عن المستشفى , التي نقل اليها من القرية,و قريبة من المطار الدولي , وهذا ما ساعده  للتواصل مع طالبي اللجوء الذين , ينقلوا للمستشفى لعدة أسباب ليساعدهم في الترجمة وحتى ماديا , وليتعرف على ما يلحق بهم من متاعب من جراء إستغلال المهربين , يدنى لها الجبين , فهناك قصة أحد الهاربين من ظلم صدام , نقل للمستشفى لمرضه وجد لدية سرطان منتشر , فقرر الأطباء مساعدته وإقناعه بالعودة للوطن , وعندما طلب إسترجاع المبلغ الذي دفعه لأحد المهربين أو جزء منه ليشتري بعض الهدايا لأبناءه صده ناكرا معرفته , ولم يستجب لمناشدة الآخرين , عاد للوطن , بما جٌمع له من تبرعات من العاملين بالمستشفى . إن أعدادا من مَن لم يزاول العمل بشهادته في زمن الدكتاتورية غازل السفارة , وبنفس الوقت إبتز الذين تركوا الوطن مضطرين , هروبا من جور , و عقاب الدكتاتورية طمعا في اللجوء , فيقعوا فريسة إبتزاز المهربين , لينظفوا جيوبهم , ولربما لا يحالفهم الحظ بالوصول الى الجنة الموعودة كما يخيل اليهم , وإنما الى السجن , كما حصل للكثيرين . عند سقوط النظام لبس العديدمنهم عباءة التدين للإرتزاق  , مؤكدين مقولة من يدخل الوطنية من أقصى اليسار , يخرج منها لأقصى اليمين   

يتبع