
عن تكنولوجيا التعليم / يوسف أبو الفوز
ورث العراق تركة ثقيلة بسبب من سياسات النظام المقبور ، وكان قطاع التعليم واحدا من القطاعات التي انحدر مستواها وتهاوى كثيرا ، وللاسف رغم كل عائدات النفط التي تدخل خزينة البلاد لا زال قطاع التعليم عندنا يعاني من الكثير من المشاكل ، خصوصا ما يتعلق بالبنية التحية له . لقد اهدر النظام المقبور ثروات العراق على حروب عبثية لا ناقة ولا جمل للشعب بها ، وعلى بناء اجهزة امنية ستبقى ممارساتها الوحشية بحق الابرياء من العراقيين ، عارا في تاريخ من عمل وساهم فيها ، وبعد التغيير عام 2003 ، وللاسف ، لم تول الحكومات المتعاقبة ما يكفي من الجهد والتخطيط والاموال ، لقطاع التعليم ، وان نظرة سريعة على الواقع الذي تعانيه المدارس في العراق ، والظروف التي يتعلم في ظلها التلاميذ تقود بالمتابع للشعور بالحزن ، خصوصا اذا ما قارن ذلك بالواقع الذي تعيشه دول لا تملك الثروات والعوائد التي يملكها بلد مثل العراق . هذا اذا ما اشرنا الى الفساد المنتشر في مؤسسات الدولة الذي يهدر التخصيصات المالية ويستولي عليها بغير وجه حق ، وكان من نتائج ذلك ان الطلبة العراقيين يدرسون في مدارس لاتتوفر فيها ظروف مناسبة للدراسة فهناك الالاف من المدارس التي هي بحاجة ماسة للترميم سواء كان جزئيا او كليا هذا من غير الازدحام في المدارس وعدم توفر مقاعد كافية للجلوس وطبيعة المناهج وطرق التدريس وكفاءة المعلمين والعديد من المشاكل التي تتعلق بالبنية التحتية لعملية التعليم .
تعالوا ـ اصدقائي الاعزاء ـ لنلقي نظره على قطاع التعليم في بلد مثل فنلندا ، حيث يعتبر نظام التعليم احد الاسرار لتطور هذا البلد الصغير(5,4 مليون نسمة ) ، والذي لا يملك ما عند العراق من ثروات وامكانيات بشرية ، لكنه استثمر قطاع التعليم ليكون ما هو عليه الان ، فنظام التعليم في فنلندا يحتل دائما مراكز متقدمة في جداول الهيئات المعنية بالرصد في الامم المتحدة ، ومن ذلك التطور الذي تعيشه تكنولوجيا التعليم في فنلندا التي واصلت التطور يوما بعد اخر، لتكون جزءا يوميا من حياة الطلبة ، خصوصا ما يتعلق تكنولوجيا المعلومات والاتصالات ، وهذا يشمل ، شبكات البيانات، واتصالات البيانات، وتكنولوجيا العرض، وأجهزة الكمبيوتر، وألاقراص المدمجة ، وأجهزة القياس المختلفة، والهواتف الذكية ، والبرمجيات وايضا بقية المرافق التعليمية . فبحكم كون نظام التعليم الفنلندي يبتعد عن اساليب التلقين ويعتمد اساليب البحث والتجارب العملية حيث تتحول الدروس التطبيقية في المختبر الى اوقات للمتعة يقبل عليها الطلبة بحماس مع انتفاء اسلوب الامتحانات والمنافسة التقليدية ، فان تكنولوجيا المعلومات صارت ركيزة اساسية في عملية التعليم .
وفي السنوات الاخيرة بدات تكنولوجيا المعلومات تستخدم في الكثير من المدارس الفنلندية ، وبدأ الاهتمام بالبنية التحتية لتحقيق ذلك بحيث يمكن ان تجد ذلك في كل صف دراسي ، فالمسؤولون في المؤسسات التعليمية يعتقدون ان ذلك يوفر انطلاقة جديدة للتعليم في فنلندا ، مستثمرا التكنولوجيا خصوصا في التعليم الثانوي والمهني العالي .ولو زرت اي مدرسة فنلندية لوجدت هناك قاعة خاصة للكومبيوتر، ومكتبة مدرسية تحوي ما يحتاجه الطلبة من كتب ومجلات واشرطة موسيقية وفلمية ، اضافة لكون كل صف دراسي مزود بجهاز كومبيوتر وشاشات واجهزة عرض ، وفي الكثير من المدارس بدأ الطلاب يتزودون باجهزة iPad لتحل محل الكتب والدفاتر ، وتكون مزودة ببرامج خاصة بالعملية التربوية ، وحين ينجز الطلاب بحثا او واجبا بيتيا يرسل تقريره مباشرة بالايميل الى حساب مدرسه الخاص . وجدير بالاشارة ان هناك اهتماما بالخبرة الفنلندية في مجال تكنولوديا المعلومات من قبل العديد من الدول مثل روسيا والصين ومن الدول العربية هناك اهتمام كبير من قبل المملكة العربية السعودية وهناك الان اتفاقات وبرامج لتدريب المعلمين وبيع تكنولوجيا التعليم الى هذه الدول .
يمكن القول ان الطبيعة ايضا ستكون محظوظة مع تطور تكنولوجيا التعليم هنا فلا حاجة بعد للكتب والورق ولا للوح الاسود والطباشير مع وجود الــ iPad وشاشات العرض ، وبدأ الطلبة يتخلصون من احمال حقائبهم الدراسية الثقيلة.
اليس ممكنا لنا في العراق ، ان نستفيد من تجارب هذه الدول مثل غيرنا ونرسل الخبراء لنتعلم تجربتهم في قطاع التعليم ؟ ان االرغبة لبناء عراق متطور حضاري لا يتم بالامنيات ، بل يتطلب التحلي بمسؤولية عالية ، والعمل بجد لضمان حق المواطن في حصوله وابناءه على حق التعليم المتطور وتوفير مستلزمات التعليم الناجح اسوة بالدول المتحضرة والمتطورة وبالاستفادة من تجاربها !
* الصباح البغدادية 20الاثنين ايار 2013 العدد 2827