
انها الحرب الاهلية .. يا ناس! / عدنان حسين
هي حرب أهلية بامتياز، وهي حرب طائفية من دون ريب. وهذه الحرب الاهلية الطائفية لا تدور آلتها الجهنمية في الصومال أو افغانستان أو نيجيريا، وانما هنا .. في العراق، ومسرحها شوارع مدننا واسواقها ومعابدها ومدارسها ومستشفياتها، وصولا الى بيوتنا، بغرفها وحدائقها الأمامية والخلفية.
هي حرب أهلية طائفية مهما تغاضى عن حقيقتها وتغافل عن جوهرها الذين لا يريدون الاعتراف بهذا حتى لا يدانون بوصفهم جزءاً من المشكلة، سبب المشكلة المفضية الى هذه الحرب.
كيف تكون الحرب الأهلية إن لم تكن هي ذي التي يسقط فيها عشرات العراقيين يومياً، مدنيين أكثر من العسكريين، في تفجيرات انتحارية وغير انتخارية وهجمات مسلحة واغتيالات بالأسلحة مكتومة الصوت وغير المكتومة، ينفذها عراقيون بنسبة 99 بالمئة وأحياناً كثيرة 100 بالمئة؟
الشهر الماضي (نيسان) قُتل في هذه الحرب ما مجموعه 712 شخصاً (عراقياً بالطبع) وأصيب 1633 آخرون. هذه المعطيات مأخوذة من احصائية صادرة عن بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي) التي لاحظت ان نيسان الماضي كان الأكثر دموية منذ حزيران 2008. واحصائيات (يونامي) أصدق من احصائيات الحكومة التي لا تريد ان تقول الحقيقة حتى لا تُحرج نفسها، أو بالاحرى لتتفادى الاعتراف بفشلها.
وفي الشهر الأسبق ( آذار)، بحسب (يونامي) أيضاً، كان عدد القتلى 456 والمصابين 1135.
ببساطة شديدة، الارقام هذه تعني: يومياً تُزهق أرواح ما بين 15 و23 عراقية وعراقياً، فيما يُصاب ويُعوّق ما بين 36 و45. هل كان ضحايا الحرب الاهلية اللبنانية والحرب الاهلية الصومالية والحرب الاهلية الافغانية أكثر عدداً من هذا؟
انها حرب طائفية بامتياز لأن الأغلبية الساحقة من هؤلاء الضحايا يتعرضون للتفجير والهجمات المسلحة والاغتيال استناداً الى هوياتهم الطائفية والدينية والقومية: شيعة، سنّة، مسيحيون، ايزيدية، صابئة مندائية، عرب، كرد، تركمان، كلدان وآشوريون. والهجمات غالباً ما تستهدف مساجدهم وحسينياتهم وكنائسهم ومعابدهم ومدارسهم وأسواقهم ومحال عملهم.. اما المفجرون والمهاجمون فهم اعضاء في تنظيمات سرية طائفية وقومية وعناصر ميليشيات طائفية (شيعية وسنية تحديداً)، يحظى بعضها بدعم وتشجيع من أوساط حاكمة وأخرى لها نفوذ في الحكم. أما هدف القتلة ففي كل الاحوال تصفية الآخرين والتمكن من السلطة والمال والهيمنة عليهما في العراق برمته إن أمكن أو على اجزائه المقسمة طائفياً وقومياً.
اننا في حرب أهلية طائفية .. ومن يرى غير ذلك انما يتفادى افتضاح دوره فيها.
"المدى" – 20/5/2013