
غياب التوجهات ... /دكتور: علي الخالدي
أكدت الأوضاع التي يمر بها الوطن منذ إنتهاء أعمال المؤتمر التاسع للحزب الشيوعي العراقي الذي إنعقد في ربيع العام الفارط, صحة ما ذهب اليه من إستنتاجات , وقرارات على الصعيد الوطني , وجاء إجتماع ل.م. الذي إنعقد قبل أيام ,ليؤكد هذه الحقيقة , إذشخص جذور ومسببات المنحدر الخطير الذي ستنزلق به البلاد نحو الهاوية , ولم يذهب بعيدا عن تشخيصات المؤتمر , بأن وراء الأزمات والتصعيد في في العمليات الإرهابية هو التباطيء في وتائر التنمية والركود الإقتصادي , مربوطا إرتباطا وثيقا بنهج المحاصصة الطائفية والإثنية , ومرهوننا بأفكار تحد من التطور الديمقراطي , والتبادل السلمي للسلطة الذي قََيد حركة العملية السياسية , وعرقل آفاق تطورها الديمقراطي , و وقف أمام تحقيق ما ينشده الشعب منها . بتواصله , على الإصرار , على حرمان بقية أنسجة الشعب العراقي من حق المشاركة في حل قضاياه العالقة , والخروج من الأزمات, التي لم تنفك تعصف بالوضع الإمني والإقتصادي , والإنطلاق نحو البناء والإعمار والأستقرار, فلا زال الناس لم تأخذ قضيتها بأيديها كما أشار الإجتماع الموسع , لتقوم بالتحرك المدني, وتستنهض العامل الشعبي الوطني العام , و تعبأءه حول النضال المطلبي السلمي القادر , على فرض الإصلاح والتغيير المنشودين . لا حصرهما باﻷطر الطائفية والأثنية المبنيةعلى الحقد وفكر الثاثر , كما يُراد لهما في ساحات الإعتصام . فنهج المحاصصة فشل في تشخيص مسببات إحتضار العملية السياسية , و بإيجاد الحلول الناجعة لتشمل , ما كان يسعى لها الناس والجماهير المعدمة من وراء التغيير , ذلك لأن محصلة توافقات أطراف حكومة المحاصصة الطائفية واﻷثنية ( الشراكة الوطنية كما يُقال) الحالية , بنيت على أساس عدم الحيد عن نصرة مظلومية الطائفة , الذي يستجيب لأجندات خارجية ومآرب دول الجوار القريبة والبعيدة التي تريد من الشعب العراقي أن يتحول الى مجتمع مشرذم غير قابل لإستعادة عافيته , و إستهلاكي غير منتج , يعتاش على ما ينتجه الغير , محصور إعتماده على عائدات النفط الهائلة , التي لم يلمس الشارع فعالياتها , على مستوى الإصلاح والتنمية , لذا غُيبت منذ الوهلة الأولى لسقوط الصنم , التوجهات والخطط التنموية الهادفة بالنهوض الإقتصادي والإجتماعي و القادرة على التخلص من موروثات الدكتاتورية , وأستعيض عنها بخطط غير مدروسة لا تتماهى والحاجات الملحة للجماهير الفقيرة ,
إن مرد الإحباط , وعدم القيام بالإصلاح الإقتصادي المنشود ,كما تشير الوقائع هوإنشغال أطراف الحكومة بالمنكافات , والتجاذبات السياسية , وبالتوجه الحكومي الى تنمية الروح العسكرية , الموروثة من العهود السابقة , وربطها بالسباق العسكري في المنطقة , عبر أنماط سلاح , لا توجد الكفاءة الأزمة لإستعماله بعقد صفقات التسليح الغير مبررة بملياردات الدولارات , و العراق لازال تحت البند السابع , وكأنه قادم على حرب . مما وضع التنمية والإصلاح في آخر الأوليات . فالترويج العسكري هذا , قد تجاوزت كل المقاييس في إستيراد الأسلحة , وأجهزة كشف المتفجرات الفاشلة مستنفذا موارد البلاد , دون مردود إيجابي يلمسه الشارع العراقي على صعيد الأمن , بل نرى أن هناك تناسبا طريا ملازما لتصاعد التناقضات بين الأحزاب والكتل الطائفية القائمة على الحكم , محصلته تفاقم وتيرة المفخخات والإختراقات اﻷمنية التي تستهدف عموم الشعب
إن من شأن هذه السياسة كغيرها من مظاهر التفاخر والصرف غير المعقول على عقد المؤتمرات (مؤتمر القمة العربية مثلا ) , قد أعطت مردودات سلبية على عملية البناء السياسيي والإجتماعي والإقتصادي للبلد , فالتكالب على تنشأة قطاع عسكري لمجتمع , توا خرج من نظام دكتاتوري , له تأثيرات مباشرة على عملية التطور السياسي والديمقراطي , في مقدمتها وضع لبنات عسكرة الحكومة من جهة , بينما يجري تعضيد وتصعيد التأثير الميليشياوي في المجتمع من جهة ثانية , وكلاهما يخلق مخاوف مشروعة لدى حاملي الهم العراقي من القوى الوطنية والديمقراطية , من أن يوضع الجيش ويستخدام لفرض سيطرة إحادية الجانب على الوضع العراقي, الذي يتعرض أصلا لخطط التمزيق الإجتماعي والجغرافي
إن ما يزيد الطين بلة في مراوحة النمو وتراجعه الى الخلف ,هو أن الموازنة العامة جاءت كما أشار الإجتماع لتعكس الطبيعة الريعية الخدماتية للإقتصاد العراقي , بعيدة عن التخطيط والرؤية المتكاملة في بناء إقتصاد متطور ديناميكي متوازن يؤمن التنمية والرفاه لأبناء الشعب العراقي …بالإضافة لعدم رغبة رؤوس الأموال لأستثمارها في الداخل , مما أدى الى قلة المشاريع , وتفاقم البطالة , والى إنخفاض القدرة الشرائية للسكان بنسبة كبيرة . وتشير المعطيات الى أن ربع سكان بلادنا ( الغنية) ينتمون الى مستويات تحت خط الفقر , ويعزى ذلك كما شخص الأجتماع الموسع الى غياب التوجهات والتصورات نحو التنمية الحقيقية , وإعطاءها قدر مناسب من الإستحقاق في الموازنة . بزيادة أهتمامها ( الميزانية ) بالأنشطة الإنتاجية الوطنية كالزراعة والصناعة , وبتنويع مصادر الدخل الذي لا يزال وحيد الجانب , فضلا عن عدم مراعاتها للأوليات المطلوبة وطنيا . لقد وقف وراء ذلك , كما شخص الإجتماع الى التخبط في إدارة العملية السياسية , وإحجام القائمين على الحكم من عقد المؤتمر الوطني , لتدارس جذور الأزمات التي تعيشها بلادنا , وتداعيات الفساد الأداري ونهب المال العام , وسياسة الإصرار على تهميش ذوي الكفاءات وحاملي الهم العراقي , وحصر معالجتها بين الأطراف المسببة لها , مما يؤدي الى أن تكون الحلول ترقيعية , لا تخرج عن سياق الأطر و ذاتيات الأطراف المتحاورة, و مما يعمق التخبط في الخطط الإقتصادية للحكومة هو عدم وجود حماس بالإستجابة لإجراء إحصاء سكاني , بالتزامن مع إحصاء الثروة الحيوانية والزراعية, كما طالب بذلك المؤتمر التاسع , وأكد عليه الإجتماع الموسع للجنةالمركزية للحزب للوقوف على حاجات عموم المجتمع