
بلطجة على أعلى المستويات!/ عدنان حسين
على صفحة كاملة نشرت صحيفة "الأهرام" المصرية اعلاناً بالالوان الأربعة من شركة المعادي للتنمية والتعمير (جزء من الشركة القومية للتشييد والتعمير). ما الغريب في هذا وكل شركات العالم تنشر اعلانات في الصحف بأحجام تصل أحياناً الى صفحتين كاملين؟
ما لفتني في اعلان "الاهرام" هذا انه موضوع تحت عنوان "نداء واستغاثة"، ومُوقّع من رئيس مجلس ادارة الشركة واللجنة النقابية للعاملين فيها. والنداء والاستغاثة موجهان الى الرئيس المصري محمد مرسي ورئيس وزرائه هشام قنديل والى وزيري الداخلية والاستثمار ومحافظ القاهرة والنائب العام. والشركة صاحبة الاعلان تستغيث بهؤلاء من "المتعدين" على قطعة ارض لها مساحتها حوالي 36 فداناً و5 قراريط و10 أسهم.
وكما جاء في اعلان النداء والاستغاثة فانه " اثناء ثورة 25 يناير 2011 وبعدها وبسبب حالة الانفلات الأمني التي مرت بها البلاد قام البلطجية والخارجون على القانون بالدخول بالقوة في هذه الارض وانزال مواد بناء وقاموا بالفعل بالبناء عليها باقامة منشآت واسوار ومباني وابراج سكنية شاهقة (الاخطاء اللغوية في الأصل) بسبب موقعها المتميز على كورنيش النيل بالمعادي وذلك بالمخالفة للقوانين قاصدين بذلك المكسب السريع غير عابئين بمصالح الوطن".
ويشير اعلان الاستغاثة الى صدور قرارات حكومية بازالة هذه التجاوزات لكنها لم تأخذ طريقها الى التنفيذ، والى ان الشركة سبق وأن ناشدت الرئيس مرسي "التدخل وتفعيل القرار الوزاري الصادر لاعادة الحق الى اصحابه وحماية المال العام".
اذن هي قضية مجموعة من "البلطجية" والخارجين على القانون استغلت ظروف الثورة المصرية واستحوذت على قطعة الارض المذكورة واقامت عشوائياتها عليها.
عندنا في العراق قصة مماثلة ولكنها أكبر بكثير، فثمت الالاف من الفدادين وعشرات الالاف من القراريط ومئات الالاف من الاسهم التابعة للدولة قد جرى الاستحواذ عليها، ليس فقط في العاصمة بغداد وانما في كل مدن البلاد من دون استثناء. وهي ليست اراضي متروكة كأرض الشركة المصرية، وانما عقارات مشيّدة عليها مباني كبيرة كانت تشغلها دوائر حكومية وحزبية في عهد النظام السابق، وبيوت وفلل وقصور فخمة كانت لاقطاب ذلك النظام. ومن استحوذ عليها بعد سقوط النظام البائد ليسوا "بلطجية"، وانما الاحزاب الحاكمة وقياداتها، وبخاصة الاحزاب الاسلامية (الشيعية والسنية سواء بسواء) التي من المفترض انها تخشى الله وتتجنب الحرام أكثر من غيرها وما "تعلّم على الصلاة وما تصلي".
هذه العقارات نحتاج الى آلاف الصفحات الكاملة في الصحف لتغطية النداءات والاستغاثات المطلوبة من اجل اعادتها الى اصحابها الشرعيين: الشعب. ولكن من يكون المُنادى ومن يكون المستغاث به اذا كان سلاطين دولتنا هم من قاموا بما قام به في مصر "البلطجية" والخارجون عن القانون؟
"المدى" – 28/5/2013