
ماذا يفعل ضباط...؟/عدنان حسين
للمرة الثانية خلال خمسة أسابيع يكون اسم العراق حاضراً في حكم قضائي بريطاني. وفي كلتا المرتين كان الحضور لأمر شائن. في المرة الاولى حُكم بالسجن عشر سنوات على تاجر بريطاني غشّاش قام بالتواطيء مع مسؤولين في حكومتنا ودولتنا ببيعنا أجهزة مزيفة للكشف عن المتفجرات الينا، فربح هو عشرات ملايين الدولارات وقدم لشركائه العراقيين الذين لا ذمة له ولا ضمير بضعة ملايين، فيما قُتل، ولم يزل، بسببها عشرات الاف العراقيين من المدنيين والعسكريين وأصيب مئات الالاف غيرهم ودُمرت ممتلكات عامة وخاصة بمئات الملايين!
اما الحكم الثاني الذي صدر منذ يومين فيخص ضابطاً سابقاً في جهاز الاستخبارات في عهد نظام صدام. قاضي محكمة التاج البريطانية حكم بالسجن خمس عشرة سنة على عبد القادر الجنابي (55 سنة) وشريك له بتهمه اختطاف صبي عمره 14 سنة واغتصابه في دورة مياه بمركز للتسوّق في مدينة مانتشستر. والجنابي مقيم في بريطانيا منذ 2002.، وقد تعرفت اليه الشرطة عن طريق كاميرات المراقبة الدائمة الموضوعة داخل مركز التسوق( هذه الكاميرات لم تزل حكومتنا ترفض الاستعانة بها للكشف عن منفذي ومخططي العمليات الارهابية في المدن وتفضل الاستمرار في استخدام مع الأجهزة المزيفة!).
التاجر الغشاش نال جزاءه لكنّ شركاءه المسؤولين في حكومتنا لم يزل معظمهم طلقاء! وضابط استخبارات صدام نال هو الآخر جزاءه مع شريكه، ولكن ملف قضيته لا يجب ان يُغلق بالنسبة لنا، فلابد أن يُلحّ في ضمائرنا سؤال من قبيل: ماذا كان فعل هذا الضابط الصدامي في السابق مع الاطفال العراقيين والنساء العراقيات محتمياً بمهنته القذرة ؟ والسؤال الأهم: كم يوجد مثل هذا الضابط الآن في أجهزة الامن والمخابرات والشرطة الحالية ممن فضّلت حكومتنا والمسؤولون فيها التعامل معهم وتوظيفهم بدلاً من العناصر الوطنية؟
مسؤولون حكوميون وزعماء وناشطون سياسيون وناس عاديون صرخوا آلاف المرات على مدى السنوات الماضية بان من الاسباب الرئيسة لتواصل عمليات الارهاب والجريمة المنظمة وتصاعدها في البلاد، وجود اختراقات كبيرة في أجهزة الأمن، وبالذات من عناصر الأمن في النظام السابق الذين تعامل معهم رئيس الحكومة ومساعدوه بأفضلية بذريعة المصالحة الوطنية!
الكل تقريباً يعرفون ان أكثر ما حكم عملية إعادة الكثير من ضباط الأمن السابقين الى الخدمة والاعتماد عليهم، هي الاعتبارات الطائفية والتعهدات التي قدمها هؤلاء الضباط بالولاء الشخصي لرئيس الوزراء ولحزبه.
اذا كان ضابط استخبارات صدام اللاجيء في بريطانيا لم يرتدع عن ارتكاب واحدة مما يصنفها البريطانيون وسائر الشعوب المتحضرة على انها "جريمة مروعة"، كما جاء في منطوق الحكم الذي أصدره قاضي محكمة التاج في مانتشستر على عبد القادر الجنابي، فهل يرتدع زملاؤه الذين يحتلون الآن مواقع في سلك الأمن والمخابرات والاستخبارات والشرطة، وحتى الجيش، في دولتنا الحالية عن ارتكاب جرائم مروعة في حق ابناء شعبنا؟
