*كوبا … نعم للإصلاح ../دكتور علي الخالدي

لم يكن تغيير الرئيس الكوبي , كما يدعي البعض قائما على أساس العودة للرأسمالية أو بيع الثورة , والتفريط باﻷشتراكية , وإنما كان لمواصلة الوضع الحالي والسير قدما في تعزيزمسيرة البناء الإشتراكي , هذا ما أعلنه راؤول كاسترو  السكرتير الأول للحزب الشيوعي الكوبي , رئيس الحكومة في 24 شباط بعد إنتخابه للمرة الثانية لقيادة البلاد .

ماذا يريد العالم من كوبا : ما يقلق أمريكا هو وجود دولة إشتراكية على مقربة من حدودها , وبدلا من المساعدة على إستباب الأمن , وسير العملية السياسية , وإحترام حقوق الإنسان , تعكف على مساعدة أعداء النظام من المرتزقة , لعودة الراسمالية  لكوبا , على غرار ما حصل لدول شرق أوروبا . فهي تمنع    

 الشركات الأمريكية من التعامل مع كوبا , وتطبق سياسة حصار سياسي وإقتصادي منذ إنتصارالثورة الكوبية  عام 1959 , وجنوحها الى التنمية وإصلاح ما خربته دكتاتورية حكومة باتستا العميلة في المجتمع الكوبي , باتباع التخطيط الإشتراكي في البناء والتعمير,وعلى الرغم من قسوة معوقات تلك الإجراءات لكنها عجزت, أمام تصميم الشعب الكوبي على تطوير بلاده , إقتصاديا ,وإجتماعيا , وخاصة بعد أن صد بقيادة فيدل كاسترو , الإنزال العسكري الأمريكي في خليج الخنازير , والثورة لم تحتفل بعيد ميلادها

الثاني , الذي قاد معركة التصدي قائلا الوطن أو المكوت سننتصر     

patria , o muerte venseremus 

لا زال الحصار والحملات الإعلامية العدائية , ضد كوبا قائمة على قدم وساق , فهي ( أمريكا ) من يمول  فضائية مارتي (هوسه مارتي مناضل وطني ضد الإحتلال الإسباني , يعتبر الأب الروحي للشعب الكوبي ), وتمنح أي كوبي اللجوء السياسي , والمرتب والعمل , بينما يُحرم ذلك على الأوروبين, ورعايا  أصدقاءها من الدول الرجعية والدكتاتورية . مقابل ذلك يجري دعم لكوبا من قبل الدول اليسارية في العالم , بينما بالمقايل تقدم لها كوبا الخبرة , في مكافحة الأمية , وإنشاء المدارس , والمساعدات العلمية , ففي فنزويلا , حاليا 44 ألف طبيب, ومعالج صحي كوبي , على سبيل المثال . بعد وفات جافيز كان أمام فينزويلا السير قدما على طريقها أو العودة للرأسمالية التي تعاني منها دول شرق أوروبا  خلال أكثر من عشرين عاما , لكن الشعب إختار نهج الراحل جافيز الإشتراكي .

كوبا من الدول الإشتراكية القليلة التي تستطيع أن تمنح شعبها أكثر مما تمنحه الكثير من الدول الرأسمالية لشعوبها , فشعبها يعيش ظروف أفضل من سكان دول أمريكا الأتينية , صحيح ليس أفضل من الشعب الأمريكي , لكنه لا يوجد بين سكانها سكنة شوارع (هوملس) وبطالة

أصلاح سياسي ديمقراطي لكن تبقى الإشتراكية هدفا للنظام الحكم

لقد حدد المؤتمر السادس للحزب في 2012 ,شروط تحديث الحياة الإقتصادية  في ظروف الحصار المفروض , وإصلاحات سياسية على رأسها تحديد الرئاسات , بدورتين إنتخابيتين (الدورة الإنتخابية خمس سنوات)

المعروف عن كوبا أن شعبها خليط من العنصر الأفريقي  والأوروبي ومن الهنود الحمر , وهم يشكلوا نسيجها الإجتماعي المتجانس في ظل البناء الإشتراكي , فلا يوجد أي تمييز عنصري أو اثني من قبل السلطة لهم . شعب يحب الطرب ويعشق الموسيقى , يعرف كيف يدخل الفرحة في النفوس , والزائر يرى السعادة مرسومة على وجهوهم عاكسة حبهم للحياة البسيطة فالرقص والغناء لا يفارق أوقات فراغهم . الحكومة تشجع الناس على ذلك وترعى الفن الشعبي التراثي , و تولي أهمية خاصة بالمعاهد الفنية والمسرحية  والموسيقية . في السلطة ما نسبته 38% من غير البيض , وفي القيادة أغلبية شبابية  لا تتعدى أعمارهم عن 57 عاما  و 63%من المسؤولين ولدوا بعد ثورة 1959 , كما حصل تغيير نوعي وكمي في البرلمان  67% لاول مرة يفوزوا بالموقع الجديد متوسط أعمارهم 48% , أعلى معمر في القيادة هو راؤول كاسترو 83 سنة

في عام 2013 سُمح لأي كوبي الحق بالسفر للخارج , وبإمكانه البقاء لمدة سنتين دون فقدان جنسيته الكوبية , و أن يملك جهاز كمبيوتر وموبايل الذي سيوسع المعلوماتية , ويجري حاليا وضع الخطط لإدخال الكومبيوتر في التعليم الإبتدائي , مع العلم لا توجد في كوبا أمية ولا بطالة بالمطلق

 . تعتمد كوبا على صناعة السكر  والسيجار وتصديرهما . يدرا عليها العملة الصعبة , حاليا أضيفت 10 مصانع  لتصنيع السكر من قصب السكر  بجانب 26 مصنعا , للتوصل الى زيادة في إنتاج السكر تصل 22  ألف طن من السكر منها 400-600 الف طن للإستهلاك المحلي  . والباقي يصدر للخارج . تُطور بإستمرار صناعة التبغ ,  و تعتمد على صناعة السيكار الكوبي الشهير الذي يهرب لأمريكا , عن طريق دول أمريكا الأتينية .

كما أجرت تغيير ات في صناعة الأدوية في 2012حيث تأسست مؤسسة بيو فارم الكوبية التي تضم 38 مؤسسة صحية تسعى لتقديم الخدمات الصحية الراقية , وتقديم أحدث الأدوية الكيمائية والنباتية  , للتقليل من الإستيراد والتي تزيد من حاجة السوق المحلي , تعده للتصدير

 يجري تشجيع النشاط خارج إطار الخطة الإقتصادية , بإعادة تنظيم التسليف للعمال في عملية بناء المساكن عن طريق تكوين شركات بناء و بتقديم الخبرة الازمة لهم 

بفضل الخدمات الصحية المجانية  إزداد عدد طاعني السن في المجتمع الكوبي ,و تسعى الحكومة على تقديم أفضل الخدمات إجتماعيا وصحيا , بإعتبارهم  هم من بنى أسس البناء الأشتراكي , وقدموا التضحيات لتصل كوبا الى ما عليه الآن , ما تعانيه كوبا حاليا هو هجرة الأطباء , كما هو شأن الدول الأشتراكية سابقا الى أمريكا لإرتفاع الرواتب هناك , بعد الثورة الكوبية هاجر  5000 طبيب , ولم يبقى سوى 300 طبيب , وحاليا أطباءها يعملون بالألاف في فينزولا , و البرازيل , ويؤمها للعلاح رعايا دول أمريكا الأتينية , وحتى من أوروبا , وبصورة خاصة في مجال العلاج النفسي , لتقدمها العلاجي , والعلمي  في هذا المضمار . كما أن لها تجربة رائدة في بناء المدارس المسبقة الصنع  وهي منتشرة في جميع أنحاء كوبا

كوبا منذ عام 1959  بدأت بثورتها الأشتراكية , وتوطيدها مسؤولية كل تقدمي في العالم , وهي تلعب دورا رياديا في التصدي للإحتكارات العالمية والإستغلال الرأسمالي , ولا تبخل بتقديم الخبرة والمساعدة في نصرة التنمية البشرية واﻷقتصادية لشعوب العالم , وبهذا تمنح الملايين في المجتمع الدولي العزم والقوة للتصدي للإستغلال و للإستعمار اﻷقتصادي الجديد ﻷجل الحرية والتقدم ,

 

  *بالإستفادة  من مجلة الحرية التي يصدرها حزب العمال المجري , و مشاهدات شخصية سابقة