
(الدوني) اذا استقوى/ عبد المنعم الاعسم
توقفت عن كتابة القصة القصيرة منذ ما يزيد على الاربعين سنة، قبل ان اتجه الىالصحافة والكتابة السياسية، واتذكر ان آخر محاولة قصصية لي، لم تكتمل، وكانت تتضمنمحاولة موظف صغير “عيّن بالواسطة” وترقى بالمصادفة وصار يتحكم بزملائه ويمعن فيإذلالهم، لكنه بقي يشعر بالدونية بسبب مؤهلاته المتدنية وكفاءته الضعيفة، بل انالكثير من زملائه كانوا ينعتونه سرا فيما بينهم بما يشبه الوشوشة بـ”الدوني” فجاءالدوني، وذهب الدوني، وتغيّب الدوني، ويريدك الدوني، وقال لي الدوني..وهكذا، وقدتوقفت عن اتمام القصة، عند هذا الحد، بعد ان اخفقتُ في تطوير الحدث وتنمية شخصيةالبطل قدما نحو الهدف الذي وضعته للقصة، آنذاك، وهو التحذير من الكلب إذا استكلب،ومن الدوني إذا استقوى.
الكثير من الناس المكافحين، الصادقين مع انفسهم، المشهودلهم بالكفاءة والمثابرة والنزاهة والنضال والفروسية، الواثقين من انفسهم، يمكن انيترقوا، ويصعدوا سلالم الوظائف، او ان يشقّوا طريقهم الى ذرى المواقع الوظيفية اوالاجتماعية، وهم يكسون موقعهم الرفيع بالحياء والتواضع ونكران الذات والعفة،ويتصرفون كما لو ان المرتبة العليا قد تزول يوما، وان فلك الاقدار قد يدور على نفسهخارج ما هو متوقع او منظور، فيسقط الاعلون اذلاء، ويرتفع الادنون كرماء، ويحلالحساب بمن تجبّر وطغى، فلم يجد اياما كافية للبكاء، فيما تجازي الحياة مَن عَدِل وعفّفيجد متسعا من الوقت للحبور والرضى عن الحال والاعتزاز بالنفس. يلوم نفسه الناكرللجميل، الفاتك بالضعفاء، ويقنع بمصيره سليم السيرة نظيف الضمير.
الكثير من الناس المكافحين، الصادقين مع انفسهم، المشهودلهم بالكفاءة والمثابرة والنزاهة والنضال والفروسية، الواثقين من انفسهم، يمكن انيترقوا، ويصعدوا سلالم الوظائف، او ان يشقّوا طريقهم الى ذرى المواقع الوظيفية اوالاجتماعية، وهم يكسون موقعهم الرفيع بالحياء والتواضع ونكران الذات والعفة،ويتصرفون كما لو ان المرتبة العليا قد تزول يوما، وان فلك الاقدار قد يدور على نفسهخارج ما هو متوقع او منظور، فيسقط الاعلون اذلاء، ويرتفع الادنون كرماء، ويحلالحساب بمن تجبّر وطغى، فلم يجد اياما كافية للبكاء، فيما تجازي الحياة مَن عَدِل وعفّفيجد متسعا من الوقت للحبور والرضى عن الحال والاعتزاز بالنفس. يلوم نفسه الناكرللجميل، الفاتك بالضعفاء، ويقنع بمصيره سليم السيرة نظيف الضمير.
في تلك القصة،التي بقيت عالقة في منتصف الطريق، طوال اربعين سنة، يركب الدوني كل ريح حتى وإنكانت تلك الريح صادرة عن مروحة، وهو يُظهِر لك وجها بشوشا وكلاما ناعما لمّا يكونمغلوبا، ويشهر لك اسنانا وخناجر حين ينقلب غالبا. 
تربكه السلطة حين لا تكون فيمتناول يديه، وتسكره السلطة حين يمسك بخناقها.
تربكه السلطة حين لا تكون فيمتناول يديه، وتسكره السلطة حين يمسك بخناقها.
يحترمك بافراط لمّا تدوس على رقبتهوهو في موقع الضعف، ويبطش بك بلا رحمة حين تطأ ذيل ثوبه وهو في موقع القوة.
مشرعالابواب حين لا نحتاج اليه، وبلا ابواب عندما يعتلي اقدارنا.
ينادينا بالنشامىعندما يريد ان يصعد على اكتافنا، ويسمينا بالنفايات حين ندافع عن حقنا في ان نعيشبكرامة. 
القصة التي كتبتُ بدايتها قبل اربعين سنة لم تكتمل، مثلما ترون، كما لواني اكتبها الآن، إذ يقف "الدوني" بيني وبين الخاتمة
