
بغداد تنتظر الأفعال/ عدنان حسين
تهنئة وتحية للزميل الشاب الواعد حامد السيد، المحرر في "المدى"، عن الحوار الذي أجراه مع محافظ بغداد الجديد الذي لم يباشر مهامه بعد، علي محسن التميمي، لإذاعة المدى ( قرأت ملخصاً له في صحيفة المدى أمس)، فهذا سبق صحفي مميز، فضلاً عن ان الزميل قد طرح على السيد التميمي وبحث معه أهم مخاوفنا وهي المتعلقة بمدنية الحياة في عاصمتنا.
التميمي أكد أن "لا أحد سيمس تمدن بغداد"، وان عاصمتنا "لن تكون قندهار". و"بغداد ليست قندهار" كان أحد الشعارات الرئيسة للشباب البغدادي في الاحتجاجات التي انطلقت في العام 2010 في وجه الهجمة المتخلفة للمحافظ المنصرف صلاح عبد الرزاق ورئيس مجلس المحافظة كامل الزيدي على الحقوق والحريات المدنية في العاصمة.
وتلك الاحتجاجات كانت الرافعة للتظاهرات الشعبية التي امتدت من البصرة الى الموصل للمطالبة باصلاح العملية السياسية الفاشلة وبتوفير الخدمات العامة ومكافحة الفقر والبطالة بمكافحة الفساد الاداري والمالي الذي تغوص فيه دولتنا حتى قمة رأسها. وللتاريخ فان تلك التظاهرات انتهت بحصيلة واحدة هي اثبات حكومة نوري المالكي الثانية كفاءتها العالية للغاية في القمع والاستبداد.
من الكلام المهم الذي قاله السيد التميمي، وهو من كوادر التيار الصدري، لزميلنا انه "سيكون للمثقف دور بارز في المحافظة والمجتمع المدني، وسأنطلق للعراق من بغداد العاصمة. انا ضد الاسلام المنغلق وسماحة السيد مقتدى الصدر أوصانا بان لا نؤسلم المجتمع المدني بل نقوم بتمدين المجتمع الاسلامي، فلا مكان للغة العنف في العاصمة، وكل الافكار المدنية سنؤكدها في ادارتنا للسلطة المحلية"، ولفت الى انه "لا يستطيع أن يغيّر هوية بغداد، وسيحاول أن ينشر المفاهيم والافكار المدنية وأن يعززها بين المجتمع البغدادي بما يسمح به الدستور"، وأكد ايضاً انه سينزل الى الميدان ببدلة العمل الزرقاء ولا يهدر وقته في الجلوس خلف الطاولة "وسأحرص على عدم الاعتماد على التقارير اليومية بل أسعى للمتابعة على الارض".
ومن كلامه المهم ايضاً ان "العقلية الامنية عقلية كلاسيكية، ولم يتطور الامن في ظل قيادته الكلاسيكية، وسنحاول أن نفعّل الجهد الاستخباري في بغداد لانهاء أو تخفيف مظاهر عسكرة المجتمع البغدادي".
مع كامل التقدير للسيد التميمي ووعوده، فاننا سننتظر أفعاله، وبالذات على صعيد اعادة الحياة المدنية الى عاصمتنا العريقة. والحياة المدنية تعني في ما تعني اعادة فتح دور المسرح والسينما وقاعات الموسيقى والمكتبات العامة والنوادي الاجتماعية والملاعب والنوادي الرياضية والمتنزهات، وتوفير الخدمات العامة من كهرباء وماء ومجار ونقل وصحة وتعليم وشوارع نظيقة ومشجرة . والحياة المدنية تعني كذلك احترام الحقوق والحريات الشخصية والعامة التي كفلها الدستور، وعدم تحويل الشرطة وسائر أجهزة الدولة الى "مطاوعة" يرفعون راية الدين وينتهكون الحرمات في الواقع ويبتزون اصحاب المهن ويفرضون الاتاوات عليهم، كما يفعل الكثير من عناصر الشرطة والأمن الآن.
هذا ما تنتظره بغداد من محافظها الجديد ومجلس محافظتها الجديد ومن أمينها ومجلس الأمانة، كيما تستعيد مدنيتها ودورها الحضاري.
"المدى" – 25/6/2013
