
يوميات نصراوي: .../ نبيل عودة
زارني في بيتي في الناصرة صديق عزيز وشاعر مبدع اثبت نفسه على الساحة الأدبية، قال لي بمجرد ان اراح جسمة على المقعد في الصالون انه في سبيلهلإصدارديوانه الشعري الجديد.
قلت لهبلا تردد، ان ذلك بشارة خير لعلها تساعدالقارئ على التمييز من جديد بينالغث والسمين مما ينشر من شعر في بلاد صار الشعرفيها عقاب للقارئ.او كما قال أحدهم:"كثر الشعر وقل الشعراء"!!
قال :لكني خائف من النقد .
استهجنتخوفه .. فسارع يقول : لا أقصدالخوف من النقد الادبي ، إنما احتقر النقد الذي يسود صحافتنا ويسود بياضصفحاتها .
قلت : اذناكتب مقدمة للديوان اذكر فيها ان نقد الديوان ممنوع إلالمن يحصلعلى إذن مسبق من الشاعر ، كل من يتجاوز ذلك سيجازى قضائيا بتهمة التشهيروتجاوزالحدود .
ضحك حتىكاد يختنق ..
عندمااستعاد انفاسه اضفت : كنا فيمشكلة ادبية واحدة فأصبحنا في مشكلتين .
سأل :ماذا تعني ؟
أوضحت :كنانتحدث عن فوضى الشعر في بلادنا ، المستوى المتدني لماينشر ، فبرز من يحول الفوضىوالشعر المتدني الى شعر عبقري وإبداعات لا مثيل لها منذفجر الحضارة ، حتى تبدوالياذة هوميروس بجانب الشعر غير الناضج الذي شحذ اقلامنقادنا "الأوادم" وسحرهم عملاضحلا ساقطا .
وواصلتالقول وهو مصاب من جديد بالإغشاء ضحكا : حتى محمود درويش لميحظبمثل هذا المديح المنفلت وهو في قمة عطائه قبل ان يغادرنا .. لا أذكر انشعراءناالمعروفين، بدءا من توفيق زياد وسميح القاسم وحنا ابو حنا وحنا ابراهيموجمالقعوار وفوزي عبدالله وسالم جبران وغيرهم ، حظوا بمثل هذا التقييم كعباقرةالشعر،كما يحدث اليوم في ما يسمى نقدا .
التقطانفاسه وسأل : الحل ؟
قلتبلاتردد: أن نشتركبالتهريج !!
- كيف؟
- منتجربتي الخاصة ، اعرف أنالمصارحة لا تنفع وتحولك الى عدو لئيم وحقود... لذلكالحل بإضافة المدائح بلا حساب،جعل الناقد قمة العبقرية .. والمنقود أبرع المبدعونوألمعهم.
- أيالتخريب ..؟!سأل . فأجبت :
- الكلمةالصادقة لا تفهم .. المبالغة بلا منطق وبلا عقل هيأفضل تنبيه للمجزرة الأدبية التيترتكب دون عقاب.
عبر عنخوفه من أن ذلك يقودإلى مزيد من الغرور ، لدى من لا يفقهون معنى الأدبوالإبداع الأدبي ، ممن يحملونصفة الشعراء عنوة ، أو يركبون حمار النقد بالشقلوب ..هذه المدائح الساخرة تزيدهمغرورا .
قلت:ربما.. لكن القارئ سيفهم، هذا هو المهم وأضفت: أحدأصدقائيالمقربين والقريب من آرائي الثقافية أيضا، يمارس على موقع من مواقعالانترنت المديح المبالغ فيه... الموقع ينشر والمهزلةمستمرة ... بعض ردود الفعلالتي وصلته تشير الى ان "السبت فات بقفا اليهودي" (تعبير نستعمله بمعنى ان المسألة صارت من الماضي ). بدأ البعضيستهجن المديح .. ويبدو انالمدح بلا شواطئ أفضل من الكلمة الصادقة في عصرناالشعري المريض ..
- " لكنمنيستوعب ان المبالغة في المدح هي ذم ؟" وأضاف :
- المهمكيف سأحل مشكلتي بأنلا يتعرض لديواني من أحسنت وصفهم ...؟
قلت: كنجريئا واطلب مباشرة ممن لا تراهأهلا لمراجعة ديوانك أن يبعد شره عنك.. وإلا صنع منكشاعرا كبيرا,، هذا أنتتستحقه بجدارة.. ولكنك كبيرا مع خنافسه الشعرية،بأسلوب ممجوج خلو من الفكرالثقافي والنقدي واللغوي.
قال بحزن : أنا في مشكلة .
سألته:هل تريدني أنأقوم بالمهمة بدلا منك.. أنا لا أتردد..؟
تأخر فيالاجابة، فسارعت أقول : هلاعتبر صمتك صمت العروس ؟
فأجاببحيرة واضحة: لا أستطيع أن أكون فظا.
غضبت : هل تعتبرني فظا ؟
اعتذر :اطلاقا لا، أعتبرك أجرأ من حمل القلم .. أتمنى أنيكثر أمثالك.
قلت: لاتمدحني أكثر من اللزوم حتى لا يصبح مدحك ذما..
انهيناالحديث، وصديقي الشاعر المبدع الأصيل، حائر كيف يطلب من بعض مهرجيالنقدأن لا يكتبوا عن ديوانه الجديد.
