شناشيل-رسالة 30 يونيو المصري/عدنان حسين

الملحمة الكبرى التي سطّرها الشعب المصري أمس الأول هي رسالة قوية وحازمة  موجهة الى الاسلام السياسي، سنيّاً كان أم شيعياً، تتجاوز حدود مصر الى كل البلدان العربية والاسلامية المحكومة بقوى سياسية اسلامية أو التي تنشط فيها هذه القوى للوصول الى السلطة، من السودان الى تونس والمغرب والعراق وايران وتركيا وباكستان وغزة، والى لبنان أيضاً المرهونة دولته للسلاح الإيراني الموضوع في أيدي حزب الله.

أول ما تقوله الرسالة المصرية، بلسان فصيح ونبرة واضحة ومدوية، أن ليس في الإمكان اختطاف ثورة شعب يتطلع الى الحرية والانعتاق والديمقراطية والعدالة الاجتماعية، في عصر الانترنت وفيسبوك وتويتر ويوتيوب والفضائيات والموبايل فون، وعصر الحريات وحقوق الانسان.

الاخوان المسلمون المصريون الذين اتخذوا موقف المتفرج من ثورة 25 يناير 2011 ضد نظام حسني مبارك، لم يلتحقوا بها الا في أيامها الأخيرة عندما بدا واضحاً لهم انها منتصرة، فعملوا على الاستحواذ عليها وخطفها. ورسالة أمس الأول تقول ان ما يجري الآن في طول البلاد المصرية وعرضها ثورة أخرى لاستعادة تلك الثورة من خاطفيها وانتزاعها من بين مخالب الوحش الاخواني وأنيابه.

والرسالة المصرية تؤكد، بالاضافة الى ذلك، أن لا مجال للعودة الى الوراء .. الى العصور المظلمة في القرون الوسطى وما قبلها، عصور السلاطين والخلفاء المستخدمين الدين مطية ووسيلة، عصور الجواري والغلمان، فهذا من أحلام العصافير في عصر تشرئب الاعناق باتجاه الفضاء الخارجي وتتجه الأنظار الى المستقبل.

وتقول الرسالة المصرية أيضاً انه راح ذلك الزمن الذي تنجح فيه قوى الاسلام السياسي باستخدام الدين والشريعة فزاعةً لتخويف العامة من الناس، فبسبب أفعال الاسلاميين المشينة، بعد وصولهم الى الحكم وممارستهم الظلم والاستبداد وسرقة المال العام والخاص، لم تعد للدين الذي يدعون اليه هيبة ولا للشريعة المنادين بها قدسية.

الرسالة المصرية تقول كذلك ان على قوى الاسلام السياسي، أيا كان مذهبها وطائفتها سنية أم شيعية، أن تتأدب وتلزم حدودها والا تتمادى في الاستهتار بحقوق الناس وارادتهم .. الناس يريدون النظام الديمقراطي .. وغير مسموح لأية قوى ظلامية أو شمولية أن تفسرّ الديمقراطية على طريقة الاصوليين في تفسير القرآن والحديث، فتأخذ من الديمقراطية ادواتها للوصول الى الحكم لتقيم نظامها الدكتاتوري، كما ليس مقبولاً العودة الى نظام الخلافة أو الاستمرار في مثيله نظام ولاية الفقيه.

هل قرأت أحزاب الاسلام السياسي، السنية والشيعية، الرسالة المصرية وتمثلتها جيداً؟ وهل فهم زعماء وحكام الاسلام السياسي من محمد مرسي ومحمد بديع وخيرت الشاطر وعمر البشير وراشد الغنوشي وطيب رجب اردوغان وخالد مشعل ونوري المالكي وعلي خامنئي وحسن نصرالله وسواهم، معنى الرسالة والمصرية ومغزاها؟

إن لم يقرأوا ما سطّره المصريون في شوارعهم أمس الأول ولم يفهموا المعنى والمغزى ستجني على نفسها براقشهم، كما هو حاصل الآن في مصر.

"المدى" – 2/7/2013