من المسؤول عن .._2/دكتور: علي الخالدي

لقد أثبت دراسات باحثي علم النفس واﻷجتماع  البريطانيين واﻷلمان، أن موروثات الصفات السلوكية لشخصية اﻷنسان , تحددها عوامل خارجية ،مرتبطة ،بطريقة التربية والعرف العائلي والقبلي ، تغنيها البيئة اﻷجتماعية واﻷقتصادية وطبيعة نظام الحكم إما سلبا أوأيجابا ، وعلى هذا بُرءت الجينات الوراثية  في الكروموسومات من مسؤوليتها ،التي كانت شائعة بين أوساط الباحثين في علم النفس واﻷجتماع بأنها تقف وراء الصفات الشخصية .ففي دراسة ساهمت بها عندما عملت بجانب التقاعد في المعهد الوطني لحديثي الولادة ، أثبتنا أن ليس هناك دور للجينات في تحديد الشخصية الفردية ، ﻷطفال ولدوا في عوائل من شرائح متنوعة الموقع اﻷجتماعي والسلوكي ، تُبنوا من قبل عوائل ذات مستوى إقتصادي وثقافي متباين . ركزنا على اﻷطفال التؤم ،فوجد أن هناك فروق متباينة بين نمو اﻷطفال، فكريا وإجتماعيا وجسمانيا وسلوكيا ، حتى بين التؤم ،  لعب فيها المستوى الثقافي واﻷجتماعي والرعاية الصحية وقوانين رعاية اﻷمومة والطفولة دورا شوهدت بصماته على الشخصية الفردية لهؤلاء اﻷطفال 

 

فالتقاليد العشائرية ، والعائلية وقوانين رعاية الطفولة والمساواة بين الجنسين عبر قانون اﻷحوال الشخصية ، وإقتصار حق إحتضان الطفل وبالتراضي على الأم ، يلعبوا دورا بارزا ، في التحكم بشخصية الفرد ونموه ، وهي تتناسب طرديا مع أنتشار الجهل والفقر ،في هذه اﻷوساط ، فالتسامح والتواضع  والطاعة  والقناعة والخوف والخجل ،هي صفات مكتسبة ،يزرعها ويتحكم في تجذريها بشخصية الفرد المحيط الذي يترعرع فيه ،وتلعب الحالة اﻷقتصادية والثقافية لهذا المحيط دورا متميزا فيها ، وبمجملها تتعرض الى التشويه أو التعضيد بفعل اﻷستبداد القصري ،ومركزية القرار العشائري والعائلي، و طبيعة نهج وسياسة النظام ، تؤثر بشكل غير مباشر أيضا على تحديد السلوك الشخصي ، وبناء علاقاته اﻷجتماعية ، بإعتبارها مكونات مجتمعية تخلق قيم لا يمكن الحيد عنها وإطاعتها أمر مفروض منها وخاصة  في الدول ذات الدخول المنخفضة ، أو في الدول الغنية، التي تُغَيب فيها العدالة اﻷجتماعية ،في توزيع الثروة الوطنية ، وبضمنها الدول ذات اﻷنظمة ، التي تربط التدين بقوانين وقواعد تحد من الديمقراطية اﻷجتماعية ، والتي لا تأخذ بعين اﻷعتبار تعدد اﻷديان والمذاهب ،وتنوع الفكر السياسي، في مجتمعاتها ،وتطلق العنان لتنظيمات دينية دون مساءلة قانونية تفرض عقوبات ، يعتقدوا أنها تصون الدين والتدين من التشويه ، فتوقع من يتجراء ويخرق التعاليم الدينية التي تدور في أذهانهم تحت طائلة قوانين وضعية  مجحفة يُعنقد من أنها تعضد الدين ولا تسيء اليه ، من هذا ينطلق العديد من المتنورين والباحثين في العلوم النفسية واﻷجتماعية والمتدينين الحقيقيين للتصدي لها ، ويدعون الى مناهضتها بالوسائل المتاحة   ، بكونها ، هي من تزرع عدم التجانس بين الفئات اﻷجتماعية ،عبر ما تثيره من رهاب إجتماعي ( قلق إجتماعي )، الذي يلعب دورا بارزا في تكوين التناقض الداخلي ( البارادوكس ) في شخصية الفرد ،كالخوف ، والحقد والعنف  والخجل ، وغيرها من الصفات الطارئه ، إذن فهذه الصفات تغرس في شخصية الفرد ، و هي قابلة للإقتلاع ، عبر التثقيف والتعايش مع المجتمع وحركة تطوره ، من هنا تتكون نوعيتين من الشخصية ، الشخصية اﻷنبساطية ، والشخصية إﻷنطوائية ، الاولى شخصية إجتماعية تجد في اﻷختلاط عامل إسعاد وممارسة للحياة اليومية ، والثانية تكون منعكفة على نفسها ، تتصف بشدة الحساسية ، والتردد والخوف اﻷجتماعي الذي يسيطر على أحاسيسها ، وخاصة عند ردعهم عن أعمال أو تصرفات باسلوب أمري وتخويف قصري ،تبداء بمرحلة الطفولة ، كالتخويف من الشرطي   ، التخويف من أﻷبرة والطبيب ، ومن اﻷب ومن الحاكم ، وهذا التخويف يتحول تدريجيا الى خوف أضطرابي في فترة الشباب ، حيث يبدأء الشخص ينسحب من الناس ،ويفشل في مهامه  ،فعملية اﻷهتمام ببناء الشخصية للأنسان تبداء من الطفولة ، وتتواصل بشكل متوازن  في دور المراهقة الذي يصحبه نمو جسمي ، أسرع من النمو النفسي أو العقلي ، وأي خلل فيهما يساعد على نمو أضطرابات نفسية تراكمية .

  ينصح العلماء اﻷجتماعيين بأعتماد التفاؤل في المحيط العائلي ، كمفتاح لكل شيء ، فهو لا يخلق جو عائلي مطمئن فحسب ، وإنما يزرع القناعة لدى اﻷطفال ، وباﻷبتعاد عن ذكر المشاكل والمخاوف أمام اﻷطفال ،بالطريق التقليدية ،كهذا هو ما مقسوم  علينا ، وعلينا أن نرضخ له . وأطيعوا ولي اﻷمر ، هذه الثقافة اﻷسرية  تكون مشخصة عند الخجل من  طرح المشكلات النفسية ، بينما يختفي هذا الخجل عند طرح المشاكل الجسمانية ، فثقافة التعامل مع المسائل النفسية يزيدها سوءا عتاب اﻷهل ، خالقا بيئة  غير مستقرة ، بينما ثقافة زرع اﻷمان وسهولة تلبية حاجات الفرد الضرورية للتمتع بحياته بشكل يُسهل  ، تعزيز الثقة بالنفس وبالمجتمع والنظام ، وهنا يشكل توسيع مساحة دائرة إتخاذ القرار و اﻷختلاط مع الناس ، دون تفريق بين الجنسين ( التشدد الديني يعتبر المراءة عورة )، العمود الفقري في بنية الشخصية الفردية ، وبعكسه اﻷنفراد بالقرار ، وتَضْييق دائرة اﻷختلاط بين الجنسين تولد مشاكل نفسية لكلا الطرفين ،تتواصل مع الحياة ، فالطفولة بريئة ونحن من نزرع فيها بذور السيئات والخيرات ، من هنا لا يعتبر الباحثون النفسانيون واﻷجتماعيون ،إن مهمة العائلةا تقتصر على توفير الغذاء فحسب ،وإنما توفير ملتزمات بناء الشخصية الفردية أيضا ،بالرعاية والعناية النفسية ، يشاطرها في ذلك المجتمع والنظام باﻷرشاد اﻷسري واﻷجتماعي ، ويعتبر الارشاد في الزواج في الدول المتقدمة إحد أسس بناء اﻷسرة السعيدة ، يقلل من نسبة  الطلاق ، فالبناء غير السليم يحمل في طياته عوامل هدم .

،

يتبع