
اتهمهم.. من دون استثناء/عبدالمنعم الاعسم
المذابح الرمضانية اليومية تنقل دائرة الضوء على وجوه الساسة الذين يديرون لعبة الحكم والمعارضة والتفاهمات والانتقادات والحمايات.
السادة الذين يواصلون ملاعيب رفع الايدي والتحفظات والتصويت والزعل والتراضي، ثم يعكفون على التلاعب بالالفاظ، وليّها، وهم يستنكرون ما يحدث من فواجع.
اصحاب السياسة والقرار الذين يتعاطفون مع الثكلى من الامهات والابناء والاباء، وتنقبض اساريرهم امام مهرجانات العويل، وضرب الصدور، ونشر التراب على الرؤوس، ويتابعون تجميع اشلاء الضحايا في الاكياس السوداء، ويعلقون عليها في عبارات من نشارة الخشب.
اولئك الذين يعودن الى منازلهم وقد قاموا بواجبهم في الضحك على الذقون، قبل ان يطووا ملف المذحة في طي النسيان، ويستعدوا ليوم آخر يتشابكون فيه على خرقة مسح اسمها السلطة.
عليهم، اولا، تدقيق فصيلة دمهم ما اذا تحمل قطرة من الغيرة الانسانية والشجاعة ليعلنوا انهم مساهمون بهذا الكرنفال الدموي، بتسهيل الاجواء والانشغال عن النشاط الاجرامي لقطعان الجاهلية والهمجية والانتقامية لكي تغير على الاسواق والمساجد والارصفة والمقاهي المزدحمة بالمواطنين الآمنين، وليعترفوا (وليعرفوا) ان الاجيال القادمة ستتبرأ من اصرة النسب اليهم.
وحتى تتطابق الاقوال بالافعال، عليهم ان لا يبتسموا امام الكامرات، وان لا يتبادلوا رسائل التبريكات، ولا يتقبلوا تهاني العيد، ولا يظهروا على الناس بوجوههم وليستعيروا وجوها تصلح لاخفاء قطرة الحياء عن جباههم.
السادة الذين تخرج فرق الموت والاجرام والطائفية الهمجية والتكفيرية من تحت قنفاتهم، او من مواخير ملحقة بمكاتبهم، او من قنوات للصرف الصحي ترتبط بهرطقاتهم الدينية، او من عشيرتهم التي لملمت فروعها من سقط المتاع وانصاف المخلوقات الادمية.
عصابات منظمة تقدم خدمتها لفريق متصارع، لكي يستقوي على فريق آخر، في لعبة جمهورها هم ضحاياها، تتغير فيها الامكنة واسماء الفرق واهداف الهجمات، ورسائلها.
السادة الذين تقول بيانات استنكارهم كل شيء، ولا تقول شيئا واحد هو الصحيح، انهم يتحملون مسؤولية هذه الدماء، دماؤنا، التي ليست ماءا، وليست رخيصة، وليست بلا فصيلة دم.
****
"من السهل أن تكون شجاعا عن بُعد".
ايسوب- اديب اغريقي
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
جريدة (الاتحاد) بغداد