عندما تفتقد الغيرة/عزيز عراقي

تجمع اغلب الاطراف العراقية المشاركة في العملية السياسية , سواء عن حسن نية او عن دجل بات مفضوحا حيث يعلن عن شئ ويمارس عكسه , على ان الخروج من الازمة (كل هذا الانهيار ولا تزال تسمى الازمة ) , يتطلب رؤيا جديدة تكون بؤرتها المصلحة الوطنية المشتركة , وتكون عابرة للطوائف والفرعيات الاخرى , وتقود الى اصطفافات وطنية تنهض بالعملية السياسية وتضعها على السكة الصحيحة في بناء العراق الديمقراطي الاتحادي المستقل , الذي اقره الدستور في جانبه ( المضئ ) . ولكن من من الجميع يدلنا على طريق , او آلية , او مرجعية تمتلك قدرة النهوض , وتستطيع ان تضع العملية السياسية على السكة الصحيح ؟! بعد ان ركسنا الى اعناقنا في الوحل , وكيف ؟! فالشعب فقد وحدة الشعور بالمصلحة الوطنية , ولم يعد يمتلك دورة اقتصادية توّلد له مصادر العيش الكريم , ونشأة طبقة عليا من اللصوص وسراق المال العام , وأخرى ( متوسطة ) قبلت برشاوى الرواتب المجزية دون تقديم خدمة تقابل ربع ما تحصل عليه , والطبقة المسحوقة عينها على الحكومة التي تستولي على ريع النفط وتمنح فتاته لها , وهي فرحة بهذه الفضلات , اما الذين لا يزالون على اخلاصهم لوطنيتهم فلم يعد يشكلوا كتلة واضحة تستطيع التأثير.

لا السلطة القضائية , ولا التشريعية , ولا مؤسسة رئاسة الجمهورية , ولا مجلس الوزراء , ولا الهيئات ( المستقلة ) يمتلكون المرجعية في اعادة العملية السياسية الى السكة الصحيحة , فقد افرغت جميع هذه المؤسسات من محتواها الوطني المستقل , وبات جميع من فيها في عربة واحدة وعلى سكة الاستئثار بما يحصل عليه العراق من اموال النفط . ولاشك بان المرجعية الشيعية في النجف الاشرف لا تزال الوحيدة القادرة على تحريك الشارع في هذا الظرف نظرا لما تتمتع به من احترام لدى العراقيين جميعا , ولا شك ايضا ان الانحدار الذي وصل اليه العراق هو ما دفع المرجعية لتوجيه بعض الانتقادات من خلال ممثلها في كربلاء السيد الصافي في خطب الجمعة . ويرى العراقيون ان مجرد توجيه الانتقادات من قبل ممثل المرجعية ليس كافيا , خاصة وان الجميع يعرف ان من اوصل هذه القيادات الى رئاسة السلطة  توجيهات المرجعية , سواء في الدورة الاولى عندما دعت لانتخاب القائمة (555) الشيعية , او الاخيرة التي دعت فيها لانتخاب الاقوى ووجهت بتشكيل التحالف الوطني الشيعي للالتفاف على نتائج الانتخابات التي فاز بها علاوي لانتزاع رئاسة الوزراء منه .

الانتقادات التي توجهها المرجعية عبر وكلائها في خطب الجمعة لا تستطيع ان توقف المتسلطين على امور الدولة , ما لم تقف بحزم اكبر سواء عبر المراجع العظام وبالذات السيد السيستاني او عبر ذات الوسائل التي استخدمت في دعم هؤلاء المتسلطين في تنشيط الخطوط التنظيمية للمرجعية في الاوساط الشيعية . والبقاء على خطب الوكلاء هو الذي حفز القيادي في دولة القانون عزت الشابندر للتطاول على المرجعية وممثلها في كربلاء في تصريحه المنشور في " صوت العراق " يوم 3 / 8 / 2013 حيث اكد" عزت الشابندر : استخفاف الصافي بالمسؤولين والنواب يعرض موقع المرجعية ومؤسساتها للتساؤل ". وقد تساءل الصافي في خطبة صلاة الجمعة الماضية التي اقيمت في الصحن الحسيني الشريف , فقال :" الى اين يسير البلد وهذا الاستهداف الواضح للأبرياء بطريقة القتل العشوائي والسيارات المفخخة والطريقة الارهابية " . وأضاف مبينا :" الغيرة عندما تفقد عند البعض يحدث هذا الامر ".

المرجعية الكريمة لم تكتسب شرعيتها , وثقل وجودها , وتأثيرها , من خلال المالكي وحزب الدعوة ودولة القانون , والعكس هو الصحيح , المالكي ودولة القانون ومن معهم حصلوا على ما حصلوا عليه بفضل دعم المرجعية . الا ان الذي " تحت ابطه عنز يبغج " كما يقول المثل , وحسنا فعل القيادي في دولة القانون الشابندر في الرد , رغم ان الجميع يدرك ان المقصود ب" فاقد الغيرة " , هو من تنكر لتطبيق اتفاقية اربيل بعد ان وقع عليها واستلم ثمن التوقيع في الحصول على رئاسة الوزراء , والذي رفض كل الدعوات الخيرة لتلافي هذا الانحدار من الدعوة لعقد مؤتمر وطني , او انتخابات مبكرة , او الاستجابة لمطالب المتظاهرين ....الخ .