السعودية والموقف الداعم ../عزيز العراقي

يقول البعض ان الموقف السعودي الاخير المتمثل ببيان الملك السعودي بشأن الاحداث في مصر , والوقوف بحزم مع حكومة حركة الجماهير المصرية المدعومة من الجيش في ازاحة مرسي والإخوان المسلمين , وإعادة رسم خريطة طريق تعيد الاعتبار لتطلعات الشعب المصري في ارساء هيكلية جديدة تضع السلطة بيد ابنائها وليس خلق دكتاتورية جديدة , هو نابع من طبيعة النظام السعودي الذي يشعر بالمسؤولية تجاه جميع الشعوب الاسلامية .

والسؤال : هل ان السعودية حريصة على تلبية حاجات الشعب المصري في ارساء النظام الديمقراطي ؟! او هل يأتي هذا الموقف نتيجة فورة قومية حرّكت ضمير النظام السعودي ودفعته للوقوف بوجه التوجهات الامريكية والغربية التي ارادت تسليم انظمة المنطقة لأحزاب الاسلام السياسي التي تسعى لزيادة تخلف هذه الشعوب , وتجعل منها اكثر حاجة للسوق الرأسمالية . ام ان النظام السعودي غير توجهاته ووقف بوجه " الاخوان المسلمين " وسحب البساط  من تحتهم وجردهم من المزايدة باسم الدين , حيث لا احد يستطيع ان يزايد على السعودية في هذا المجال ؟!

النظام السعودي ادرك ان الغرب عموما , والأمريكان بالذات يريدون تغيير نظم المنطقة لصالح احزاب الاسلام السياسي " المعتدلة " ضمن اعادة بناء الشرق اوسط الجديد , والأهمية الاستثنائية التي منحت لتركيا الاوردغانية , وقطر الدولة الضئيلة في وجودها البشري والحضاري , ولم تظهر الى الساحة السياسية الدولية الا عبر  قناة " الجزيرة " الفضائية , وهو ما جعل منها اللاعب الثاني المهم مع النظام التركي توضح سبب الادراك السعودي . النظام السعودي نظام عائلي متخلف لم يتمكن من مواصلة الحياة لو لم يستمد قوة نفوذه من المرتكزات الاسلامية على ارضه , وهي التي منحته كل هذا التأثير والهيبة على مجمل العالم الاسلامي طيلة تاريخه وقبل اكتشاف النفط الذي زاد من سطوته . . النظام السعودي اخذ يدرك توجهات الغرب هذه من خلال تعامل هذا الغرب مع الثورة السورية , عندما رفض تقديم اية مساعدة للشعب السوري كي ينهي الحكم الدكتاتوري البعثي , وبمختلف الحجج , يوم بحجة الفيتو الروسي , ويوم آخر بحجة الخوف من وقوع المساعدات بأيدي القوى الاسلامية المتطرفة , والأمريكان وليس غيرهم من اوصل هذه القوى لإيجاد مساحات لها على الارض السورية . الموقف الغربي كان اشد فقاعة مع التغيرات المصرية , حين وقف ضد تطلعات الشعب المصري وساند الرئيس المخلوع وجرائم الاخوان الدموية بحجة نتائج " الانتخابات " .

انتفاضة الشعب المصري وخلفه المؤسسة العسكرية حجر الزاوية لرفض هيمنة الجبروت الامريكي والغربي لكل الشعوب المنكوبة بناره , وهي التي تؤسس لأول رفض شعبي حقيقي لانفراد الامريكان بفرض سياساتهم على الجميع منذ انهيار النظام الاشتراكي ولحد الآن , وستعمل اميركا على انهاء هذا النجاح للمصرين الآن او في المستقبل . انتفاضة الشعب المصري التي سحبت البساط من تحت اقدام النفاق الامريكي الذي بشر بنشر الديمقراطية وحقوق الانسان , وهو الذي لم يراع اية حرمة انسانية لتحقيق مصالحه . النظام السعودي يدرك ان سقوط مصر الدولة المركزية في اهميتها في المنطقة والساحة العربية , سيعرض نظامها لمخاطر كبيرة وهي التي اخذ نفوذها يتآكل لصالح قطر وتركيا في السنوات الاخيرة . النظام السعودي يستغل وبذكاء انكشاف زيف الادعاءات الامريكية , لينهض برفضه في فرض موقف معاكس للأمريكان والغرب بالدفاع عن ثورة الشعب المصري وعدم تحويله الى سوريا اخرى . النظام السعودي يدرك ان بعد ( سقوط ) مصر لا تبقى اية قيمة لكل الانظمة الاسلامية , ولا هيبة للإسلام الذي تعيش في ظله السعودية .