علاوي يقترح ...../ محمد ضياء عيسى العقابي

ورد في الأخبار ما يلي:علاوي يقترح فرض حظر جوي على سوريا بدل ضربها

محمد ضياء عيسى العقابي

ورد في الأخبار ما يلي:

" قال رئيس القائمة العراقية أياد علاوي إن ضرب سوريا لا يُمثل حلا, حيث ينبغي بدلاً عنه فرض منطقة حظر جوي أو تعطيل نشاط مطاراتها.

وأضاف علاوي إنه ينبغي على روسيا المشاركة في إعادة عقد مؤتمر جنيف باستثناء الأسد وأولئك الذين ارتكبوا جرائم ضد الإنسانية."

أقول:

1- إن روسيا، كما هو واضح للعيان، هي التي تلاحق أمريكا والمعارضة السوريةعلى ضرورة عقد مؤتمر جنيف2، علماً أن الحكومة السورية قد حددت وفدها المفاوض على عكس المعارضة المشتتة.

2- أصبح السيد أياد علاوي أكثر تأمركاً من الأمريكيين الذين وافقوا على مبدأ مشاركة الحكومة السورية برئيسها الأسد في مؤتمر جنيف2، وقام وزير خارجيتها جون كيري بالتحدث هاتفياً مع وزير خارجية سورية وليد المعلم. نعم لم يكن الإتصال للتعبير عن ود ولكنه يعني ما يعني بروتوكولياً وسياسياً. أما علاوي فيرفض ذلك للتأكيد على ولائه.

3- إن السيد أياد علاوي والطغمويين(1) الذين يقودهم بجميع أشكالهم وتلاوينهم من جماعته الوفاق الوطني إلى جماعات السادة أسامة النجيفي وحيدر الملا وظافر العاني وسلمان الجميلي، دعموا النظام البعثي السوري عندما كان ماسكاً بتلابيب شعبه يحصي عليه الأنفاس كما كان يرعى ويدعم التفجيرات الإرهابية في العراق.

ولكنهم سرعان ما إنقلبوا عليه عندما توقف النظام السوري عن دعم الإرهابيين في العراق لإنشغاله بمواجهة مؤامرة إسرائيلية أمريكية سعودية تركية قطرية، لا على النظام الدكتاتوري بل على الدولة السورية والجيش العربي السوري أساساً بهدف إنهاء محور الممانعة العربية. كان ذلك الإنقلاب ،بتقديري، تماشياً مع الموقف الأمريكي – الإسرائيلي وذيولهما في المنطقة أي السعودية وتركيا وقطر، وهم الذين أفشلوا فرض الديمقراطية على النظام السوري من جانب الأمم المتحدة والجامعة العربية إذ ذهبوا إلى خيار تسليح المعارضة السورية.

4- إن موقف علاوي، في تصريحه هذا، دليل على ما قلتُه، من قبل، من أن الطغمويين هبوا لفترة وجيزة يدعمون الثورة المسلحة ظناً منهم بأن التدخل العسكري الأمريكي قادم لا محالة قياساً على الحالة الليبية؛ ثم سكتوا عن التحريض والدعم العلني لا لحرصهم على الوقوف بوجه المؤامرة ضد الأمة العربية بل لأن التدخل الأمريكي بات بعيداً بسبب الممانعة الدولية ولأن النظام البعثي السوري هددهم بفضح كل نشاطهم الداعم للإرهاب في العراق منذ 2003، وهذا هو الأهم.
أما اليوم فتصاعدَ، ثانيةً، منسوبُ الثقة لدى السيد علاوي ورفاقه من أن النظام السوري زائل بلا جدال بعد التهديد الأمريكي بتوجيه ضربة عسكرية، لكنهم لم يفقهوا كونها محدودةً تخدم أهدافاً تكتيكيةً ثانويةً وهذا ما يسمح به التوازن الستراتيجي الدولي في المنطقة والعالم.
على وهم هذا الجهل إنطلق اللسان الحبيس للسيد علاوي، فأطلق تصريحه الذي نحن بصدده.

5- إن مقترح السيد علاوي بفرض حظر جوي على سوريا هو أشد فتكاً بالجيش السوري من الضربة المحدودة التي يريد الرئيس أوباما توجيهها لسوريا مع الضمان الذي أعلنه، أوباما، بعدم إستهداف الحكومة السورية وعدم الإخلال بالتوازن الداخلي القائم.

للعلم إن مقترح علاوي رفض من قبل الحلف الأطلسي منذ الأيام الأولى لإندلاع القتال في سوريا إذ صرح أمين عام الحلف السيد راسموسن وكذلك قادة البنتاغون بأن سوريا تختلف عن غيرها حيث أن الدفاعات الأرضية السورية قوية جداً وأن أي قصف للقوات على الأرضية سيتسبب بضحايا كثيرة وقد تسقط، جراءه، "بعض طائراتنا وقد يضطرنا إلى التدخل على الأرض وهذا أمر خطير لا نريده". لم يفصّل راسموسن مصدر الخطورة، شأنه في ذلك شأن الأمريكيين عسكريين وسياسيين، لأن لا أحد منهم يريد أن يقول الحقيقة وهي"إن ذلك محظور علينا روسياً".

كان هذا الحال قبل إستلام سوريا لصواريخ أرض - جو (س - 300) الروسية ذات الفاعلية العالية ضد الطائرات، فما بالك الآن؟

6- إجمالاً، فإن مقترح السيد علاوي بفرض حظر جوي على سوريا هو تأكيد من جانبه لإمريكا وإسرائيل وذيولهما في المنطقة بإستعداده لمواصلة تنفيذ الصفقة المختمرة منذ مدة معهما وهي تمكينه من الوصول للسلطة مقابل دعم الجهد الرامي إلى إسقاط النظام السوري وشن حرب على إيران لتتسلل أمريكا وإسرائيل تحت جناحها لضرب المفاعلات النووية هناك، حيث أن الخبراء العسكريين الأمريكيين أصروا على عدم جدوى ضربها بالطائرات أو بالصواريخ بعيدة أو متوسطة المدى؛ وكذلك لتقديم النفط العراقي للشركات الأحتكارية التي تصر على التعاقد وفق مبدأ "المشاركة في الإنتاج" الذي يوفر لها ربحاُ مقداره (22-25) دولاراً للبرميل الواحد؛ بينما تحصل الشركات التي تعاقدت معها الحكومة العراقية وفق مبدأ "عقود خدمة" في جولات التراخيص الشفافة على ربح مقداره دولار واحد فقط للبرميل(2).

[للعلم فإن الطغمويين في مجلس النواب (وللأسف بدعم الصدريين والمجلس الأعلى)حاولوا إيقاف جولات التراخيص بحجة وجوب موافقة مجلس النواب عليها ولكن السيد المالكي والدكتور الشهرستاني تحديا تلك الإعتراضات وإلا لكان مصيرها كمصير مشروع قانون البنى التحتية الذي أجهزوا عليه في مجلس النواب وحرموا العراقيين من فرصة بناء مساكن بأعداد لا يستطيع العراق تنفيذها رغم توفر المال لديه من تخصيصات المحافظات التي لم تصرف بسبب التعقيدات التشريعية المكبِّلة لليد ونقص الكوادر التخطيطية والفنية وبسبب دور الإرهاب والتخريب من داخل العملية السياسية.

وبالمناسبة، لولا جولات التراخيص التي أجرتها الحكومة العراقية والتي أدت إلى رفع الإنتاج النفطي للعراق، لأصبح حال الشعب العراقي المعاشية مأساوياً في ظروف الأزمة الإقتصادية العالمية الخانقة التي ضربت الإقتصاد العالمي خلال السنين الأخيرة.]

خلاصة:

أولاً: إن موقف الطغمويين من القضية السورية يثبت ما طرحتُه في الهامش(1) أدناه حيث قلت إن الطغمويين البعثيين والقوميين في العراق وعلى طول سنيّ عملهم السياسي منذ أربعينيات القرن الماضي ولحد الآن، أخضعوا الشعارات القومية الرفيعة كالوحدة العربية وتحرير فلسطين لمصالحهم الطغموية الطبقية المتمثلة بإستلاب السلطة من الشعب والهيمنة على منافع البلد المادية والمعنوية. فلم يكونوا حقاً مخلصين لهذه الشعارات بل كانوا يستفيدون منها للتسلق إلى السلطة. اليوم يصطفون إلى جانب أمريكا وإسرائيل والسعودية وتركيا وقطر ضد سوريا وحزب الله وهما والفلسطينيون يشكلون آخر معاقل الممانعة العربية، وضد إيران المناصرة للقضية الفلسطينية بنزاهة. كل ذلك مقابل سعي تلك الأطراف لمساعدتهم على إسترجاع سلطتهم الطغموية.

هل يصدق أحد أن عراقياً ذا شيء من الضمير يلوم العراق على سوء العلاقة مع النظام السعودي ويستسخف حتى التقارير الأمريكية السرية التي تشير إلى تورط السعودية في الإرهاب ضد العراق؟

هذا ما فعلته النائبة الدكتورة ندى الجبوري نيابة عن إئتلاف العراقية الطغموي(3).

ثانياً: لو كان السيد أياد علاوي مخلصاً للمصلحتين الوطنية العراقية والقومية العربية لأعلن دعمه للمبادرة المتسمة بروح المسؤولية القومية والوطنية التي طرحها رئيس الوزراء السيد نوري المالكي قبل يومين.

ولو كان علاوي ورفاقه مخلصين لأوضحوا للمعارضة السورية أوجه التباين بين الحالتين العراقية والسورية ما يفند جدوى إستمرار السوريين بالعمل المسلح ويدعم ضرورة اللجوء إلى الحل السلمي التفاوضي على أساس تلبية مطالب الشعب السوري في الحرية والديمقراطية وتجنيب الشعب الوقوع في أحابيل المتربصين به وبدولته وبناها التحتية وجيشها العربي.

كان علي علاوي ورفاقه بيان الإختلافات بين الحالتين العراقية والسورية على الوجه التالي:

1- لم يبلغ حزب البعث السوري المديات الإجرامية التي بلغها النظام البعثي الطغموي العراقي الذي مارس سياسة التطهير العرقي والطائفي وإقتراف جرائم ضد الإنسانية وجرائم الإبادة الجماعية وجرائم الحرب؛ وبلغ من الجبروت بعنفه ومال النفط المسروق ما أصبح عصياً على الإطاحة به إلا على يد الله أو أمريكا التي لم تدخل العراق حباً بشعبه بل لخدمة مصالحها الستراتيجية التي لم يسمح لها العراقيون بتحقيقها.

2- مهما يبدو ظاهرياً من إنقسام المجتمع العراقي بسبب حداثة عهده بالديمقراطية والحرية إلا أنه في الجوهر مجتمع موحد ومنضبط في الأمور المصيرية بأغلبيته الساحقة بسبب وجود مرجعيتي النجف الدينية وكردستان القومية الأمر الذي يجعل مسالة التلاعب بمصيره من أية قوة على وجه الأرض غير مجدية. وبالفعل أخرج العراق القوات الأجنبية وإستعاد إستقلاله وسيادته وحافظ على ثرواته النفطية وإنتهج سياسة وطنية مستقلة لا تميل إلى طرف دون أخر سوى للمصالح الوطنية والقومية.
هذا غير متوفر في سوريا بل على العكس فهناك تتواجد التنظيمات التكفيرية الوافدة والمدعومة من الخارج. إنها ستجعل الساحة السورية أشد تناحراً مما هو الحال في ليبيا.

3- يمتلك العراق ثروات طائلة بالأخص النفطية منها(4)ما تمكنه من الإعتماد على نفسه في حل مشاكله الإقتصادية والأمنية وهو ما يضمن له إستقلاله وعدم الإرتهان لأية جهة خارجية.
بينما ستضطر سوريا لقبول وصاية السعودية وقطر مالياً وهيمنة تركيا وإسرائيل أمنياً.

ثالثاً:

أما يعلم السيد أياد علاوي أن مقترحه بفرض حظر جوي على سوريا يعني الإنتصار لجبهة النصرة ولدولة العراق والشام الإسلامية وغيرهما من التنظيمات التكفيرية؟

أم هل يريد أن يضحك علينا كما حاول جون كيري الضحك على الجمهور والكونغرس الأمريكي فأطلق كلاماً غير دقيق عن هذه التنظيمات وقلل من شأنها وخطرها حتى أن الرئيس بوتين قد وصفه بالكذاب؟

أنا لا أعلم كيف كدس الطغمويون في نفوسهم وعقولهم هذا الكم الهائل من الكره للعراق إذا لم يكن هذا العراق لعبة بين أيديهم، وإذا لم يكن الشعب العراقي نعجة ذبيحة بين سيوفهم. ربما هو نتاج الجشع الطبقي إذا كان معجوناً بالفكر الطائفي العنصري.

دآبوا منذ أن رفض الشعب زعيمهم الطغموي السيد اياد علاوي في إنتخابات كانون ثاني عام 2005 ولعهد قريب – دأبوا على حث الأمم المتحدة على إحتلال العراق بموجب الفصل السابع الذي فرض على العراق وأفقده سيادته منذ إحتلال الكويت.

دأبوا في كل صغيرة وكبيرة على حث أمريكا على إلغاء الدستور والعملية السياسية مثلما طلب السيدان علاوي والنجيفي من وزيرة الخارجية الدكتورة كونداليزا رايس عام 2007 بإعتراف السيد النجيفي نفسه.

وعلى طول الخط تعاونوا ودعموا وتستروا وتناغموا مع الإرهاب بل مارسوه فعلاً ويشهد على ذلك حراس طارق الهاشمي ورافع العيساوي.

وعلى طول الخط مارسوا التخريب من داخل العملية السياسية فحرموا العراق من بيئته السليمة في مجالات التشريع والإستقرار السياسي والأمني والتنموي وغير ذلك.

إنهم مغرمون بالسلطة ومصممون على إسترجاعها بأية وسيلة كانت شرعية أو غير شرعية. لقد أعماهم الطمع والحقد.

الكره الشديد الذي تحدثت عنه لا يوازيه من حيث التطرف في مجال إختصاصه إلا التكفيريون الذين قتلوا عشرات الآلاف من الأبرياء وآخرها جريمة اللطيفية يوم الأربعاء 4/9/2013 حيث ذبحوا وشوهوا وأحرقوا جثث (18) شهيداً وأصابوا (12) في هجوم على بيتين لعائلة واحدة عادت للتو من هجرتها القسرية فقتلوهم ثم فجروا البيوت.

أخيراً:

هل ألوم الطغمويين والتكفيريين وحسب؟ ...... كلا وألف كلا.

ألوم وأدين كل من يخلط الأوراق ويساوي بين الضحية والقاتل ويجعل من نفسه مطية لحمل قاذورات مصانع الطغمويين الدعائية الديماغوجية إلى ديار الأبرياء، وبالتالي يشجع القاتل على أفعاله من حيث وعى أو لم يعِ.

كلاهما مصمم على إطاحة الحكومة المنتخبة حتى ولو سقط النظام المتجه نحو الديمقراطية بأكمله: الطغموي بدافع حب إسترجاع السلطة والمستثقف بدافع إيديولوجي مفاده: يجب إقصاء الديني ولو كان له فضل كبير في الأخذ بالنظام الديمقراطي الذي حقق على أيدي أحزابه (التحالف الوطني) ما لم يشهد العراق مثيلاً له منذ فجر تأريخه، وهذه هي الرعونة التي تخلط بين دوري الإديولوجيا والسياسة في الحياة العامة.

إنهم جميعاً يستغلون الديمقراطية لنحر الديمقراطية لأنهم فشلوا في ميدانها، واحدٌ بسبب المصلحة والآخر لغباءه الفكري.

ــــــــــــــــــــــــــــــ

(1): للإطلاع على "النظم الطغموية حكمتْ العراق منذ تأسيسه" و "الطائفية" و "الوطنية" راجع أحد الروابط التالية رجاءً:

http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=298995

http://www.baghdadtimes.net/Arabic/?sid=96305

http://www.qanon302.net/news/news.php?action=view&id=14181

(2): حسب إفادة الخبير النفطي المهندس السيد حمزة الجواهري التي ذكرها في فضائية (الحرة –عراق / برنامج الأسبوع الإقتصادي) بتأريخ 29/8/2013.

(3):تصريحات الدكتورة ندى الجبوري منشورة على الرابط التالي:

http://qanon302.net/news/news.php?action=view&id=27850

(4):منحت، مؤخراً، صحيفة (الوول ستريت جورنال) وهي صحيفة المال والأعمال الأمريكية –منحت العراق المرتبة التاسعة في العالم من حيث توفر الثروات الطبيعية فيه.