
عندنصرة مظلومية الشعب .. /د.علي الخالدي
إتسعت قاعدة رافعي شعار نصرة مظلومية الطائفة و إشتدت حدة ترويجه على أيدي الإسلام السياسي حصريا, وبصورة خاصة بعد سقوط الصنم , متخذتا طابع التحدي بين مروجيه علنيا بعد أن كان مستترا في العهود الرجعية , لما إتخذته من مراعات الطوائف في السلطة السياسية , على أساس الكفاءة . ألا أنها تعمقت ( المظلومية الطائفية) في عهد الدكتاتورية , حيث أرستها على أسس إثنية و مذهبية إنتقائية متباينة , قائمة على تبني الفكر السياسي للسلطة الدكتاتورية ( فكر حزب البعث الفاشي ( ,بغض النظر عن الإنتماء الطائفي , صاحب ذلك حجب ممارسة الشعائر المذهبية لهذه الطائفة أو تلك, بالشكل الذي يجري حاليا, و أعتُبر هذا ضربا من ضروب المظلومية للطائفية. لم يؤخذ بنظر الإعتبار ان ظلم الدكتاتورية شمل كافة من لم يخضع لمشيئة النظام وسيده , ولم يعد تقييم انتماء الفرد طائفيا يرقى لمستوى إيمانه بالفكر القومي العربي الشوفيني , فالقبول بالجامعات والتعينات والصعود التدريجي الوظيفي في دوائر الدولة كان يقوم على تلك الأسس . فاضطرت بعض الطوائف الى سلوك العمل الحر والتجاري , وفضلت أن يسلك أبناءها, نفس الطريق , على مواصلة التعليم العالي الذي كان يحجب عن من لا يتبنى عقيدة البعث , حتى قيل أن سوق الشورجة وقع عموما بيد طائفة معينة , والإدرات الحكومية القيادية العليا بيد طائفة آخرى , ورغم ذلك بقي الإحساس بالتناقض بينهما معدوم الوضوح ومن الصعوبة أن يستشف في أنسجة المجتمع العراقي وطوائفة إن كان على صعيد الحركه في الشارع , أو السوق , حتى أن العوائل تداخلت فيما بينها بشكل متجانس منقطع النظير , وكان أمرا معيبا على الصعيد الفردي واﻷجتماعي من يتساءل عن الإنتماء الطائفي, أو المذهبي , وبقي التثقيف بمظلومية الطائفة محصورا في دوائرضيقة من البيوت, ومع هذا إتسعت دائرة هذا المفهوم , لدوافع نفعية سياسية , وإقليمية وأصبح أمرا مألوفا في الشارع بعد اﻷحتلال , وهذا ما كان يراد له أن يكون , وزاده إنتعاشا نهج الحكم المحاصصاتي الطائفي ليعطيه بعدا سياسيا على الصعيد الرسمي , في طريقة الحكم للدولة الكسيحة مختفيا تحت يافطة الشراكة الوطنية , وبمعنى أدق تحول نصرة مظلومية الطائفة على ما يمنح ﻷأحزابها من مناصب سياسية قيادية في الحكم , على حساب ابعاد طوائف , وقوى سياسية كان لها دورا مشهودا في التصدي للأنظمة الرجعية والدكتاتورية , هذا أذا سرنا على طريقة المحاصصة الطائفية التي إحتكرت مسيرة العملية السياسية, بصبغة شراكة وطنية , دون كفاءة ودراية علمية بحيثيات مجابهة التصدي لمعادي العراق من فلول النظام السابق , وبالضد من ذلك تسابقت القوى السياسية فيما بينها لتجميع أكبر عدد منهم في صفوفها , و بتنسيق مع دول الجوار القريبة والبعيدة , وبذلك لم يستفد عموم الشعب من مردود التغيير ,الذي وفر أجواءه قفز المئات من الوصولين منهم ومن الطوائف , بعد تهشيم الطبقى الوسطى ممن إكتسبوا خبرة التملق والتزلف في العهود السابقة , ليركبوا موجة نصرة مظلومية الطائفة سياسيا . فتحمسوا ظاهريا على نصرتها , متظاهرين بالإرتباط بدائرة التفكير الطائفي وبجذورها التاريخية , و بطرق ملتوية للحاق بركب الرأسمالية , عبر الرشوة والفساد وسرقت المال العام , منافسين الرأسمالية التقليدية في الكثير من الدول في العالم ,
, إن بعض السياسيين وقادة كتل بعض اﻷحزاب إنجروا وراء المحاصصة الطائفية الذي فرضه المحتل على مسيرة العملية السياسية , حيث وجدوا فيه طريقة سياسية مثلى لتحقيق نصرة المظلومية سياسيا سالكين مواقف , تنم عن الأنانية ومنافع التفكير الفردي , وتحقيق نظرتهم الإستعلائية بالتجييش والتهميش الطائفي للآخرين , متبعين التفكير غير الموضوعي لنهج القيادة الفردية, بعيدا عن الروح الجماعية التي إرتبطوا بها قبل سقوط الصنم , مُديرين ظهورهم لمطاليب , ودعوات المراجع الدينية والقوى الوطنية على ضرورة رفع المظلومية الموروثة من الأنظمة الرجعية والنظام الدكتاتوري السابق عن كاهل الشعب العراقي , ودعواتهم للحوار على طاولة مستديرة للتخلص من عقدة نصرة مظلومية الطائفة التي تتنابز بها طائفيتين رئيسيتين , والتي بدأت بالتفاقم معرضة مصير العراق ككيان سياسي الى مخاطر التشرذم الإجتماعي والجغرافي
,لقد عبرت شعارات مظاهرات شباط عام 2010 عن المطاليب الملحة لعموم أنسجة المجتمع العراقي , بالإصلاح والتنمية الإقتصادية والإجتماعية , ومكافحة الفساد والرشوة والمحسوبية وهي مطاليب عامة تهم جماهير الشعب بما فيها كافة الطوائف. في حينه لم تستجب لها سلطات نهج المحاصصة الطائفية, بل مارست القوة المفرطة , بالرغم من عدم رفعها لشعارات طائفية وسقط خلالها العديد من المتظاهرين , وضاع دم أحد ناشطيها فيما بعد ( الشهيد هادي المهدي ) , و حاليا تطرح اﻷعتصامات التي تجري في بعض المناطق في العراق مطاليب لم تخلو من العدالة , والقرب من مطاليب مظاهرات شباط , لكن القائمين على الحكم بدءوا بتسويف تحقيقها , مما أتاح فرصة المتربصين بالعراق وبمسيرته الديمقراطية السياسية من فلول البعث والقاعدة وغيرها من القوى التي أرادت أن تحول تلك المطاليب الى أنها تعبير عن مظلومية طائفية , من هنا يتضح أن نصرة المظلومية الطائفية ما هي إلا شعار تختفي وراءة إرادات داخلية وخارجية لا تريد التقدم والخير لشعبنا الذي بعمومه يعاني من المظلومية إقتصاديا وإجتماعيا , ولم تعد بإستطاعة الديمقراطية السياسية الحالية , أن توفر مسندات الرفاهية التي كان يريدها الشعب من وراء التغيير , بالعكس كما أثبت الواقع أنها أعاقت عملية التنمية وزادت من رقعة الفقر بين الجماهير , وهشمت نسيجه الأجتماعي , بينما كورت كروش الكثير من منادي نصرة المظلومية من الطوائف المتنفذة ووسعت جيبوبهم وأرصدتهم في الداخل والخارج , مستخدمين نصرة المظلومية للتمويه على مآربهم الدنيئة
إن نصرة مظلومية الشعب العراقي هي وحدها لقادرة على فتح الأبواب أمام كل من يطالب بنصرة مظلومية طائفة معينة , بما يُمَكن من رفع الظلم عن الجماهير . وعليه فإن كافة فصائل الشعب العراقي الوطنية مدعوة لتواجه المد الطائفي الذي نما في مستجدات الوضع الراهن الذي يمر به الوطن , الى التأكيد بمعية الجماهيرالى نبذ الثقافة الطائفية , لإخراج العراق من أزماته التي بدأت بعض سحب سماءه السوداء تنقشع تدريجيا , و إنتشاله من ما يهدد كيانه الجغرافي , وتشرذمه الطائفي والمذهبي واﻷثني بحجة مظلومية هذه الطائفة أو تلك. فأغلبية جماهير الشعب , تستحق أن تعيش في ظل الكرامة فهي من فقدت أولادها وأعزائها في إتون نصرة الطائفية البغيضة , فهم من يستحق العيش في مساكن مريحة يجري بها الماء الصالح للشرب والكهرباء بدون إنقطاع , فإستمعوا لصرخات ساكني بيوت أتعس من صرائف الماضي , فهم من يستحق الإستماع لمطاليبهم وتنفيذها في دولة تملك الكثير من الخيرات لو وجهت لرفع مستواه الإقتصادي , وﻷختفت حجة نصرة المظلومية من راكبي موجتها