هل العلمانية قادرة على ../ جمعة عبدالله

الديموقراطية التي انتظرها الشعب بشوق ولهفة  , لانقاذه من عسف وجور السنين العجاف , في زمن الحقبة المظلمة ,  اخفقت الديموقراطية في طريقها المرسوم , ودخلت في  دروب ودهاليز  و في جيوب , قادة البلاد الجدد , بعد سقوط النظام السابق , فبدلا من ان تكون ولادة خير وبركة لعموم الشعب . لشم نسائم الحرية والخلاص  , تحولت الى وجه مرعب , يحمل الشر والخرب والموت  , فدخلت في دهاليز مظلمة , وضاعت مضامينها ومعانيها  , في صفقات السياسيين المريبة خلف الكواليس  , ولم تعد الاغنية المحبوبة التي يطرب عليها  الشعب , وترفرف فوقها راية الوطن الحبيبة  , لقد اساء القادة الجدد الى ديموقراطية , ونحروها على مذبح الارهاب والفساد والطائفية , ولم يعد لهؤلاء القادة خطاب سياسي , سوى الضجيج والعربدة والخصام  والعراك والتنافس على الفرهود والغنيمة , ونواب الشعب تحولوا الى مهرجين في سوق النخاسة ,الفساد , والبرلمان مشغول في صرف الملايين على البواسير وعمليات التجميل للوجوه والمهابل , فبدلا من ان تبدأ مرحلة البناء والاعمار , ودخلوا في عمليات هدم وخراب الوطن , وبدلا ان تكون للسياسة قيم ومبادئ واخلاق , انصرفوا  الى الرذيلة واجحاف وظلم الشعب , وصارت المبادي والقيم والاخلاق لتنظيف المؤخرات في المرافق الصحية . وصار الوطن , كارتونات طائفية وعرقية متخندقة ومتحاربة ومنقسمة ومنشطرة   , بعد كانت انشودة الوطن تصدح في كل بيت وحارة , وصارف الشرف والاخلاص يباع في بيوت الدعارة بابخس الاثمان , واضحى الموت والقتل بالمجان وبالجملة , فغاب الامن والامان , واصبحت الاجهزة الامنية دليل سياحي لزوار الارهاب والجريمة . فاختفت البسمة والضحكة , وصار البكاء لمواكب الجنازات الراحلة والمقبلة , وكثر سوق  الطلب على المداحين والمهرجين وراقصين الدف على انشودة ( بالروح بالدم نفديك  يامالكي ) وتنثر وتوزع  الاوراق الخضراء دون حساب , او وجع ضمير , طالما ظل الذهب الاسود يستخرج من هذه الارض , التي كتب عليها الزمان ان تعيش بين الحفر والمستنقعات الآسنة , كأن المعاناة والفقر معجون في دمائهم , ولايمكن رفع صوت الرفض والتمرد , والانتفاض على الواقع الميؤس والمرير  , طالما فرسان السياسية يمارسون لعبة  المال الحرام , والمتاجرة بالدين والطائفية , والوطن يغوص الى اعماق المستنقع . وانسدت كل الافق والابواب , ولم يعد إلا بصيص امل , قبل ان ينتحر الوطن . لماذا لانجرب طريق العلمانيين , هكذا قال احد الحكماء والعارفين بخفايا الامور  , ونعطيهم فرصة واحدة , قبل اقامة الطقوس لذبح  الوطن الضائع , وهل من الصعب علينا  ان نمنح فرصة واحدة  للعلمانيين , لقد منحنا عشر سنوات للمتاجرين بالدين , الذين يدعون زورا الايمان والتقوى والزهد والشرف , لكنهم باعونا بثمن زهيد الى الذئاب الوحشية . لماذا لانجرب طريق اخر , ام ان عقولنا المتشبثة بالدين زورا وبهتانا , تمنعنا من ان خطوة هذه الخطوة , ام ان ثقافتنا تتيح لنا الموت الرخيص , على ان يقع الوطن في يد العلمانيين , اننا نعشق الموت افضل الف مرة , من ان نسلم الوطن الى العلمانية