
لماذا الخوف من الواحد؟ / علي ابراهيم
كان من المفترض أن يحسم أمر قانون الانتخابات يوم الخميس الماضي، أو امس الأول الاثنين، لكن الخلافات التي لا تصب في مصلحة البلد حالت دون ذلك فقد كانت الكتل الكبيرة تركز على النقاط التي يمكن تحقق لها مكسبا حزبيا أو شخصيا، بعيدا عن مصلحة البلد، التي تقتصي التنوع والتمثيل المتوازن للطيف العراقي ولا بد من القول إن الكتل الكبيرة والصغيرة مصطلح لا ديمقراطي، فأحيانا يكون الصغير كبيرا، وعلى سبيل المثال فازت القوى الصغيرة في انتخابات مجالس المحافظات الأخيرة بسبعة مقاعد في مجلس محافظة بابل، بمعدل مقعد واحد ـ مقعدين لكل منهم، بينما حصلت دولة القانون على ثمانية مقاعد، واحرزت قائمة المواطن سبعة مقاعد، وهما قوى متحالفة، بينما حصل التيار الصدري على ثلاثة مقاعد، حصلت كفاءات على ثلاثة مقاعد، فهل يصح أن تعد هذه القوى صغيرة وتلك كبيرة؟ وان الصغيرة ينبغي أن تهمش مع ان وراءها كل هذه الأصوات؟ وعلما أنها خاضت الانتخابات في معركة غير متكافئة، لا بإمكانية الدعاية الانتخابية الضخمة، ولا بنفوذ السلطة وتأثيراتها، ولا بإمكانيات التزوير الذي يشكل في مواقع معينة، أساسا للفوز وما هو المسوّغ القانوني لسن قانون لصالح الأغلبية البرلمانية؟.
من هذا المنطلق الذاتي صدرت عن شخصيات رسمية معروفة تصريحات تندد بقانون سانت ليغو العادل نسبيا، وتعده سببا في إخفاق كتلها في تشكيل الحكومات المحلية بسلاسة الغريب أن أغلبهم من دعاة حكومات الأغلبية، وهؤلاء ينطلقون من عدم القناعة والرغبة في حصول القوائم التي تسمى صغيرة على مقعد واحد في البرلمان غير مبالين وربما غير مدركين أن هذا المقعد الواحد يعد رمزا للديمقراطية الحقة، وعلامة فارقة بين سرقة أصوات الناخبين والنزاهة، بين الاستبداد والعادلة الاجتماعية هذا الصوت الواحد يخلق توازنا عجيبا، ويكون دوره أكثر فعالية من الكتل الكبيرة، وهو ربما أحرص منها في الدفاع عن حقوق المواطنين، ولذلك يرونه صوتا نشازا، ينبغي حذفه بالقانون أو بغيره.
وفي هذا المجال أصبح المتنفذون ذوي دربة وحذاقة في كيفية تحريف إرادة الشعب العراقي ورأي المحكمة الإتحادية، اللذين رفضا عملية الاستحواذ على صوت المواطن وتجييره لصالح الكتل الكبيرة، التي لم تشبع من المقاعد وتملؤها بأناس لا رأي لهم ولا صوت، لا تحت قبة البرلمان ولا خارجها، فالكثير منهم يدخل فقير الفكر والمعرفة ويخرج غنيا بالمال من دون أن يدفع حرفا صادقا لخدمة المواطنين يحلل ولو جزءا يسيرا مما ملكت أيمانه يقولون إن المقعد الواحد يعرقل تشكيل الحكومة سواء المركزية أو المحلية ولا ندري على أي منهجية أو ممارسة اعتمدوا، والمثل يقول: (التجربة أكبر برهان) فلنقارن بين البرلمانات والحكومات التي تشكلت وفيها أضعف مظاهر التعددية التي سمحت بوجود قوى وشخصيات بارزة تمثل الطيف السياسي والاجتماعي، وبين البرلمان الحالي وما أنتج من حكومة عرجاء لم تكتمل.
في البرلمان السابق كان الصوت الواحد المتصدي للأخطاء أعلى بكثير من الأصوات التي خرجت علينا بمسرحيات هزيلة، هدفها تمرير الوقت وابقاء الحال كما هو عليه البرلمان السابق سن قوانين مهمة نافعة للبلد اما الحالي فالعديد من القوانين التي صدرت عنه لا تخدم سوى مصالحه أولا الحكومة الحالية ارتكبت أخطاء فادحة مست جوهر الديمقراطية ومثالها التصدي للمتظاهرين بالمنع والضرب بالهراوات والتعذيب في المعتقلات والاغتيال الحكومة السابقة كانت تمثل الطيف العراقي نسبيا، والحكومة الحالية اقتصرت على الكتل الكبيرة المتصارعة على الكرسي، وظلت تحمل عوامل ضعفها وستبقى حتى نهاية عمرها.
ينبغي الإقرار أن الصوت الواحد للقوائم الصغيرة ليس هو المشكلة، بل ان وجوده يشكل رقابة قوية تفعّل نشاط البرلمان أو مجالس المحافظات وتهذب لسانه، وتنور الوعي الجمعي، وتقلص الاستحواذ وتحجم الفساد وينبغي القول أيضا إن البرلمان بتشكيلته الحالية التي بنيت على أرضية قانون خاطئ، برلمان غير محايد، وغير مؤهل لإنتاج قانون انتخابي عادل.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
جريدة "طريق الشعب" ص 3
الاربعاء 9/ 10/ 2013