السياسة.. والنسوان.. /فالح حسون الدراجي

سافرت الى الولايات المتحدة قبل شهر تقريباً لإجراء بعض الفحوصات الطبيية، وقد أظهرت النتائج - والحمد لله - سلامة المواقع التي أجريت لها هذه الفحوصات، لكنها أظهرت بالمقابل ان لديَّ عدداً من المشاكل العصبية التي يتوجب معالجتها بشكل سريع.

 ولعل إلحاح طبيبتي الأمريكية ذات الأصول الأيرانية - بس مو تبعية والأمريكان يذبوها مع أهلها حفاة عراة على الحدود مثل غيرهم، إنما أعطوها الجنسية الأمريكية ووفروا لها الرعاية والدراسة المجانية فجعلوها طبيبة، بل ومن أفضل الأطباء في ولاية كاليفورنيا - !!

 المهم إن ألحاح هذه الطبية قد أقلقني وأخافني فأخذت بنصيحتها حالاً ووافقت على مقترح السفر والإستمتاع وهو مايسميه الأمريكيون في لغتهم (بالفكيشن).

 وهكذا جلست أبحث في زواغير الأنترنيت عن دولة أستطيع أن أستريح فيها، وأرِّيح أعصابي التي أنهكها ماراثون السياسة العراقية العجيب والغريب والمصخم.

 وبعد عدة ( دراسات معمقة ) قررت أن أسافر الى المغرب، بخاصة وإني سمعت الكثيبرعن جماليات هذا البلد العربي الجميل.. فتوكلت على الله، وحجزت تذكرتي على أحدى الخطوط الجوية، بعد أن أقنعت زوجتي بمبررات سفري الى المغرب دون غيرها، إذ وكما معروف فإن لدى جميع النساء العربيات حساسية من سفر أزواجهن الى بلد سميرة سعيد وغيرها من الفاتننات..

 وبعد (دراسات معمقة من صدگ هذه المرة) حجزت عبر الأنترنيت غرفة كبيرة في فندق تراثي يقع في ضواحي مدينة الرباط، وهو في الحقيقة فندق يتوفرعلى كل أسباب الراحة النفسية، ليس في هدوء أجوائه فحسب، بل وفي جميع موجوداته الكلاسيكية أيضاً.

 فأبوابه ونوافذه وخزاناته وأوانيه كلها من الخشب النادر، وطعام الإفطار والغداء والعشاء هو طعام ذو نكهة مغربية، فيها من زراعات الطبيعة أكثرمما فيها من النمنمات العصرية المصنعة في أوربا وأمريكا، حتى ملابس خدم الفندق، فإنها تعود للماضي المغربي الشعبي القديم، وكذلك الموسيقى التي تنبعث من كل زوايا الفندق فهي من السمفونيات العالمية الكلاسيكية الراقية، حيث لا تجد فيها من (السمفونيات) العراقية الحديثة التي تشكل (البسبس ميو) أحدى أركانها العملاقة - بالمناسبة مطرب أغنية البسبس ميو مشهور جداً في المغرب بأغنيته گلب گب وين تروح، إذ تسمع هذه الأغنية الرهيبة وين ماتروح بالمغرب!

وحقيقة إني إسترحت كثيراً في هذا الفندق، فهو بعيد بعض الشيء عن صخب المدينة والشوارع والسيارات والضيوف الأعزاء، لاسيما الأصدقاء الأحبة الذين يجب عليك رؤيتهم واللقاء بهم، وللمثال على هدوء الفندق فقط أقول :أنه بلا تلفونات داخلية، وهذا ما أراحني كثيراً ..

في اليوم الثاني لسكني في الفندق عثرت صدفة - صدفة والله - على صالة كبيرة كتب على بابها ( الحمام المغربي وصالة المساج) !! وهنا أشتغل عندي الهاجس الذكوري العراقي، حتى إني تركت كل موجودات وروائع هذا الفندق الباهرة، (وچلبت بالحمَّام والمساج)! خاصة بعد أن رأيت وتعرفت على المدلكة المغربية السمراء).. فتوكلت على الله أيضاً، وأخذت موعداً للمساج.. حيث كنت أول الناس الذين إستتفتحوا بركات هذه الحمام المغربي في صباح اليوم الثاني..

 وما ان أخذت مكاني على كرسي الإستقبال في الحمام حتى أخبرت المدلكة السمراء بقضيتين أساسيتين، الأولى ان لاتسألني قط عن العراق، والظروف السياسية لأني أصلاً جئت هارباً من سياسيها، وأن لا تطلب مني ان أخلع ملابسي الداخلية - كما هو مطلوب ومثبَّت في لائحة شروط الحمام - لأني معيدي، وأستحي ..

 فضحكت المدلكة السمراء، ووافقت على (مضض)!! وهكذا بدأت جولة الحمام المغربي، فهي تسبَّحني بالماء الحار، وتفركني بالطين المغربي الأسود الذي يشفي كل أمراض وأوجاع الجسد الخارجي، وبإختصار فقد كانت تلعب بي على هواها، وانا منقاد الى يديها بذهول، متعجباً من مهارة هذه البنت، ومن رقتها، وجدارة أصابعها التي (تصل) الى كل مكان بشجاعة منقطعة النظير ..

 ولعل الشيء الجميل في هذه البنت المغربية السمراء إنها حافظت على الألتنزام بالشرطين اللذين طرحتهما عليها قبل بدء جولة الحمَّام ولم تخرق الإتفاق قط، على الرغم من إننا (وصلنا) في المساج الى مواقع متقدمة، ولحظات تأريخية عصيبة وحرجة، كان يمكن لغيرها أن تخرق الإتفاق بسهولة، فتضرب بالشرطين عرض الحائط ..

 لكن هذه السيدة - واحد يحچيها لألله - ظلت ملتزمة.. وكنت سأشكرها كثيراً على هذا الإلتزام الصعب، لو انها لم تسألني في اللحظة الأخيرة سؤالاً قلب الأمور، ( ولاص ) القضية كلها، حين قالت لي ببرود :- أقول، هوَّ صحيح الرئيس صدام حسين أعدمه ( الأيرانيون ) لأنه ضرب إسرائيل بالصواريخ ؟

لم أجبها عن سؤالها بأية كلمة، إنما أدرت وجهها الى الحائط، وخلعت ملابسي الداخلية، وقلت لها: تفضلي إشتغلي، آني متنازل عن شروطي