عدم كفاية الأدلة!؟/ عدنان حسي

إذن فما قيل، على مدى أشهر عديدة متتابعة، من كلام في المؤتمرات الصحفية وعبر قنوات الاذاعة والتلفزيون، وما طُيّرته وكالات الانباء من أخبار وتصريحات وتقارير، وما اتخذ من اجراءات في بلادنا وفي روسيا، ومنها إقصاء مسؤولين كبار من مناصبهم .. هذا كله لم يكن سوى جعجعة بلا طحن.

قضية الاسلحة الروسية هي ما أعني، فقد قررت محكمة تحقيق النزاهة اغلاق ملف القضية "لعدم كفاية الأدلة". غريب! كيف إذن أقال الرئيس الروسي وزير دفاعه على خلفية هذه القضية؟ بالتأكيد هو فعل ذلك لأن أدلة توفرت لديه بان الوزير أو مساعدين له متورطين في القضية.

وللأمانة نقول ان الفساد في هذه القضية لم يصبح عملاً ناجزاً فالصفقة لم تُبرم، أو بالأحرى لم تلحق أن تُبرم، فانكشاف أمر الاتفاقات بين مسؤولين عراقيين وروس على تقاسم الـ "كوميشينات"، وهي بحدود 200 مليون دولار كما أعلن وقتها، هو الذي أبطل الصفقة. رئيس حكومتنا السيد نوري المالكي أعلن بعظمة لسانه ان وجود شبهات فساد هو ما دفعه لابطال الصفقة، والنائب عن دولة القانون المقرب من المالكي والناطق باسمه أكثر من الناطقين الرسميين، عزت الشاهبندر، صرّح غير مرة بان المالكي كانت لديه معلومات بشأن الفساد في الصفقة قبل أن يتوجه الى موسكو، وانه تأكد هناك من ذلك فأمر بالغاء الصفقة.

علاوة على ذلك فان الناطق الرسمي باسم الحكومة علي الدباغ  أقر بوجود فساد في الصفقة لكنه برأ نفسه منه، ومع هذا فانه استقال، طوعاً او إرغاماً من منصبه. طيب لماذا استقال أو اقيل؟ وهل نتوقع الآن عودته سالماً غانماً الى منصبه بعد زوال الاسباب التي حملته على مغادرته؟.. واستطراداً، هل نتوقع أن يعتذر الرئيس الروسي الى وزير دفاعه السابق ويُعيده الى منصبه معززاً مكرماً وتعويضه برتبة أعلى؟

عدم كفاية الأدلة!.. أين توجد الأدلة؟ مَنْ يُمكنه أن يجعل الأدلة كافية لإدانة المتورطين؟ ليس أنا وليس من يقرأ هذه السطور ولا العامل في أمانة بغداد ولا الموظف في معبر طريبيل هم من يُمكن أن يتوافروا على الأدلة .. الأدلة لا توجد الا لدى رئيس الوزراء ووزير الدفاع وبعض موظفي ديوانيهما وأعضاء اللجان التي تفاوضت مع الروس على الصفقة المقدرة قيمتها باربعة مليارات دولار. هل نتوقع من هؤلاء أن يقدموا الادلة التي تثبت تورط أي منهم في القضية؟

ثم اذا كان عدم كفاية الأدلة سببا كافياً لاغلاق ملف صفقة الاسلحة الروسية، لماذا لا يُغلق ملف اتهام محافظ البنك المركزي المقال الدكتور سنان الشبيبي وتُبطل الاجراءات التي اتخذت في حقه وحق زميلات وزملاء له لم يثبت أي دليل على الاتهامات التي وُجهت اليهم؟

ثمة سؤال منطقي آخر يثور في هذا الاطار: هل أغلق ملف الاسلحة الروسية لأنه يتعلق بأناس مقربين من رئيس الوزراء ومن مساعديه بينما لا يُغلق ملف سنان الشبيبي وزملائه وزميلاته لأنه يتعلق باناس غير مقربين من رئيس الوزراء ومن مساعديه؟ من يجيبنا على هذا السؤال وما سبقه؟

المدى" – 11/5/2013