مؤامرة البنك المركزي.. بعد سنة/ عدنان حسين

بعد مرور سنة كاملة عليها، هل يعرف أحد لماذا أُقيل سنان الشبيبي من منصبه محافظاً للبنك المركزي اثناء ما كان يمثل البلاد في مؤتمر دولي مرموق؟ .. وبعد مرور هذه السنة هل يعرف أحد لماذا أقيلت مع الشبيبي مجموعة من أفضل كوادر البنك المركزي وألقي بعهم في المعتقل، من دون توجيه تهمة لهم أو اجراء محاكمة لتقرير مصيرهم؟

انا لا اعرف. كل زميلاتي وزملائي وصديقاتي وأصدقائي وأهل بيتي لا يعرفون أيضاً، وكذا سائقو سيارات التاكسي والكيّات والكوسترات التي اتنقل بها.. من يعرف اذن؟ ربما العارفون هم فقط رئيس الحكومة الذي كان وراء القرار وبعض المحيطين به وكذلك هيئة رئاسة البرلمان التي كانت، ويا للعجب، من أشد المستعجلين لتنفيذ قرار المالكي برغم ان ما بينها وبين رئيس الحكومة– أقله في الظاهر- ما صنع الحداد.

مما قيل عن أسباب الاجراءات التعسفية في حق قيادة البنك المركزي التي لم يُسجل لها على مدى تسع سنوات الا النجاح الواضح في عملها، وهو ما تجسّد على نحو خاص بزيادة الاحتياطي المالي للبلاد وارتفاع قيمة الدينار، ان رئيس الحكومة سعى لارغام الشبيبي على خرق نظام البنك باقراض الحكومة نحو ستة مليارات دولار (كانت ستكون عرضة لنهب الفاسدين والمفسدين مثل مئات المليارات النفطية)، لكن مصادر الحكومة والمتحمسين لقرارها في مجلس النواب، زعموا ان قيادة البنك كانت ضالعة في قضايا فساد مالي واداري، وان الاجراء ضد الشبيبي، وهو المعروف للقاصي والداني بنزاهته ومهنيته ووطنيته بخلاف الذين عملوا على اقصائه وتحمسوا لذلك، كان في اطار عملية اصلاح في ادارة البنك.

بعد سنة، لنتفقد احوال العملية "الاصلاحية" هذه .. كيف كان الفساد المالي والاداري في عهد سنان الشبيبي وموظفيه وفي أي موضع كان؟ لماذا لم يظهر أي دليل ولم تبرز أية علامة بعد مرور 12 شهراً؟ لماذا لم يزل بعض كوادر البنك في المعتقل من دون محاكمة؟ ولماذا لا أحد في الحكومة يُريد الاجابة على هذه الاسئلة؟ ولماذا يتخذ مجلس النواب، وبخاصة رئاسته، دور المتفرج في هذه القضية؟

وماذا عن الاصلاح؟ كيف تحقق وأين؟

لا جواب على أي من هذه الاسئلة .. وعلى الارض نجد ان عملية مضادة قد حدثت، فخلال السنة المنصرمة تضاعفت كمية الدولار المباعة من البنك المركزي الى المصارف الحكومية والأهلية والتي يقال ان حصة كبيرة منها تدخل الآن في عمليات غسيل الاموال. والبنوك التي أقبلت على بيع الدولارات الى المواطنين على نحو لافت  مطلع العام الحالي تراجعت الان وانحصرت عملية البيع داخل هذه البنوك، إذ تفيد معلومات بان موظفين في البنوك يستخدمون النسخ المصورة من جوازات سفر المواطنين لشراء الدولار باسمائهم وبيعه باسعار أعلى في السوق لصالح الموظفين. والدينار اليوم أقل قيمة مما كان عليه قبل سنة، فيما فتح اجراء جديد للبنك بابا كبيرة للفساد المالي والاداري، فقد أصدر البنك في آب الماضي أمرا بان تفتح مكاتب الصيرفة أبوابها من الساعة الثامنة صباحاً الى الثانية ظهراً ومن الرابعة عصراً الى الثامنة مساء "كحد أدنى"، لكن الكثير من هذه المكاتب لا تستطيع الالتزام بهذا لاسباب أمنية، ومنها مكاتب الصيرفة في شارع السعدون التي لا تستطيع الفتح بعد الساعة الرابعة. وقد استثمر بعض موظفي البنك هذا الأمر لصالحهم فهم يبتزون أصحاب المكاتب بان يدفعوا لهم مقابل عدم اصدار عقوبات بالغرامة ضدهم.

أهكذا يكون الاصلاح ومكافحة الفساد المالي والاداري في البنك المركزي يا كل الذين تضافرت جهودهم للتآمر على المؤسسة الوحيدة الناجحة في دولتنا الفاشلة؟

"المدى" – 30/10/2013