الحزن يجب أن يكون .. / عبد الرضا حمد جاسم

كُتِبَ الكثير عن الحزن وحاول الكثيرون تناول أسبابه... البعض قال عنه تاريخي والأخر قال طبقي وثالث قال شيعي مستحضرين واقعة كربلاء والأحتلالات التي تعرض لها العراق وألأضطهاد السياسي والقمع المستمر وقال البعض ( أن العراقي يرضعه مع الحليب) وينمو ويكبر معه معرجين على هدهدات الأم لوليدها.

 وكأن الشعب العراقي وحيداً فيما مر عليه متناسين مأسي وهموم وعذابات الشعوب الأفريقية رغم ما يحيق بها وهي تمارس الفرح حتى في أحزانها وما مر على السود في أمريكا وكيف أنهم خلفوا إرثاً موسيقياً رائعاً.

 وليس ببعيد ما تعرضت له أوربا من كوارث ماليه وصحية في بداية القرن العشرين خلَّفت عشرات ملايين الموتى وما جرى في الحروب الدينية والحربين العالميتين لكنهم بسرعة وجرأه غادروا أحزانهم وهموا بإعادة ما تهدم متسلحين بالفرح.

  الحزن لحظة مشاعر رغم الألم هي رائعة ...تُحْتَرَم وتُقَدَر وهو ليس قَدَراً مكتوباً وإنما هو من صنع البشر... وتأثير الحزن المستقبلي يعتمد على سرعة مغادرته.

 نحن وحسب ما نعيشه لم نتمكن من مغادرة الحزن وزدنا عليه المبالغ فيه متصورين غباءً و ليس خطأً ان ذلك من المحبة و الاحترام و الاحساس بالغير و بالذات في الحزن الشخصي  ولم نعمل على مغادرة الحزن فطَّوقنا وسيطرَ علينا وتكورنا عاجزين داخله وتعودنا عليه و صرنا نتلذذ به فصار جزء من مسيرة حياتنا فكثر لبس السواد و دخل الغناء و الموسيقى و ابتعدنا عن الاهتمام بالأفراح و الاعياد فصرنا بدأ ايام اعيادنا في المقابر ننوح على من مضى و ما مضى و طبع التجهم تقاسيم وجوهنا و سيطرت الحدية البعيدة عن الجدية على سلوكنا و ردود افعالنا

 وقد غذى هذا المرض الخطير السلاطين والمتسلطين والباحثين عن تسلط من حكام وملوك وسياسيين ورجال دين بعد أن توصلوا إلى حقيقة علميه وهي أن الحزين سهل ألانقياد لأنه سيفرغ كل شحنات الألم والجوع والإهانة و الغضب بشكل موجات بكاء هستيري لذلك ترى إن السلاطين  يخففون من محاسبهم له أن أساء لهم في تلك الحالة و يعطون بعض الحق له إن اساء...ويعتبرون الحزن من الامور المخفف للعقاب احياناً.

 الحزن انعكاس لشلل الحركة والتفكير بالاتجاه الصحيح وهو نوع من أنواع الجُبن والضعف والخوف والتردد وعدم الثقة بالنفس

 الحزين يخاف المواجهة وان حصلت سيتصرف بتهور ثم يجهش بالبكاء ويعلن الندم ويعترف بالخطأ ويعتذر ويرقد.

 الحزين يلجأ إلى البكاء والخنوع وطأطأة الرأس والتشنج ومحاولة جلد ذاته وهذا ما يريده السلاطين فما على السلطان حتى يمتص نقمة الشعب سوى إن يثير فيهم موجات الحزن وتكون تلك الموجات أكثر فعالية لو ترافقت بالدين أو المعتقد.

 من نتائج الحزن هو ضعف الأداء وعدم ألقدره على الإنتاج

 الحزين لا يُقدر ثمن ما بين يديه وما حوله من مال وجمال وعلاقات وحب وطبيعه وأخوّه إلا بعد أن يفقدها ويحاول تعويض ذلك بالندم واللطم وندب الحظ والبكاء.

 الحزين يؤمن بأحقية الموت ولا يؤمن بأحقية الحياة لذلك يكرم الموتى ولا يكرم الأحياء والصحيح إن الحياة هي الخالدة والموت هو انتهاء الأشياء وليس العكس.

 الحزن عامل هدم جبار لأنه يُشْعِر الانسان بالدونية وعقدة الذنب والنقص

 الحزن عدم إيمان بالحياة التي تحتاج إلى الفرح للبناء ولكي يَبْني الانسان يجب أن يُبْنى الفرح وذلك بالعمل على طرد الحزن من محيطة قدر المستطاع و أن يتعود الانسان على مغادرة لحظات الحزن التي تمر به بسرعة و يتدرب على ذلك بمساعدة المجتمع.

 ولأجل ذلك:

 تشجيع أقامة الجمعيات والمنتديات التي تهتم بتشجيع الهوايات وإحياء مناسبات الأفراح والاهتمام بالأعياد وتكليف المبدعين من تحديدها والأشراف عليها وتشجيع المبادرات الشخصية والاهتمام بالأعياد الوطنية والعالمية مثل عيد العمال والحب والزهور والأم والاهتمام بالسياحة والتعارف الداخلي بين تلك الجمعيات وإقامة المناسبات المشتركة وأن تُشكل منظمات مجتمع مدني بعيداً عن مؤسسات الدولة تهتم بذلك...

  أول دواء لمرض الحزن هو موسيقى الفرح التي يجب ان تتسيد...وتعلو على موسيقى الحزن التي يجب ان تتراجع مراتب كثيره ...وان تُترك لحظات الحزن لأوقات محدده جداً يعمل الانسان على العودة اليها ليشعر بالفرق بينها و بين لحظات السعادة و ليشعر من خلالها بآلام من لا يزال الحزن مخيم عليهم

 لتُقام أو تُشكل جمعيات تُبعد الحزن من خلال تشجيع الهوايات مثل صيد والتصوير و الرياضة و الاهتمام بالزراعة و الحدائق ووضع شجيره او اص ورد في كل بيت او زراعة نبته امام كل بيت و العمل على إعادة تسمية الشوارع و الاماكن وتأثيثها بما يشيع البهجة و الارتياح في محيطها...و الاهتمام بالنظافة و البيئة التي تأتي ربما بعد الموسيقى في ضخ الامل في الحياة.

 سيقال أن هذا صعب .....أقول نعم لأننا تحت تأثير مخدر الحزن وعندما نغادره سيكون كل صعب سهل

 

© 2013 Microsoft