كوندليزا رايس ونظيرها / عزيز العراقي                           

ليس المهم العنجهية التي يتبجح بها مسؤول فيلق القدس الايراني قاسم سليماني في تصريحه الاخير , المنشور في الكثير من المواقع العراقية يوم 28 / 5 / 2016 الذي يقول فيه ان " ايران سيكون لها دور ضد الارهابيين في العراق عندما تصرح المرجعية الدينية العليا في العراق بان هناك حاجة سياسية ودولية لذلك ". وأضاف سليماني انه " ليس هناك حاجة للتدخل عسكريا في العراق طالما ان المرجع الديني الاعلى علي السيستاني متواجد هناك " مشيرا الى ان " وجود سماحة السيد السيستاني اغنى ايران عن جميع انواع التدخل " .

لا احد ينكر قوة وجبروت النظام الايراني , والتي سخرها لعدم احترام المواثيق والأعراف الدولية , وتجاوزاته التي فاقت الحدود المتعارف عليها في الدفاع عن المصالح الوطنية للبلد الذي يتحكم فيه . ولا يضاف جديد في الاشارة الى تدخلاته الاقليمية في شؤون الدول الاخرى . ولا شك ان بإمكانه التدخل في شؤون العراق عسكريا بشكل مباشر بدل الوكلاء من المليشيات او بعض الاحزاب الشيعية , ولا تعوزه الاعذار ان هو اراد ذلك على طريقة صدام عندما شن الحرب على ايران والكويت ولكن صدام لم يدرك انها ستكون السبب في نهايته .

العراق دولة ومرجعيتها الدستور والرئاسات الحكومية المستندة الى انتخابات برلمانية , وبغض النظر عن كل ما يرافق عملية الانتخابات من تزوير وشراء ذمم من قبل جميع الاحزاب المتنفذة , وايران تعرف قرقوزية ( الديمقراطية ) العراقية افضل منا , ولكن رغم كل هذا فالعراق ليس دولة ولي الفقيه لكي يطلب سليماني الاذن من السيد السيستاني لمحاربة الارهاب , والعراقيون ( لو ) تخلصوا من وكلاء ايران في ادارة شؤونهم لما حصلت داعش على ما حصلت عليه ولما توسع الارهاب في العراق . العراقيون بكل اطيافهم الدينية والقومية يدركون القيمة الحقيقية للسيد السيستاني , والجميع يقدر مواقفه في حقن الكثير من الدماء العراقية , السيستاني يشبهه الكثيرون بالضمير العراقي, والضمير الحي لا يشترى بتلويحات اعلامية كونه الولي الفقيه العراقي . السيد السيستاني ضد نظرية ولي الفقيه التي تحكم ايران , ويطالب ان تكون القيادة الدينية موجهة ولا تتدخل في الامور التنفيذية , ولهذا شبه بضمير العراقيين .

العراق دولة ذات سيادة معترف بها من قبل المجتمع الدولي رغم هشاشة هذه الدولة وهذه السيادة . وهو مرتبط باتفاقية امنية مع حكومة الولايات المتحدة الامريكية , الجبروت الاقوى في عالم اليوم , وإرادتها هي الاقوى في الشأن العراقي رغم الامتدادات الايرانية المتشعبة في العراق , وهذه الارادة هي التي تمنع النظام الايراني من تنفيذ مشاريعه والانسياق وراء الرغبات المجنونة لبعض السياسيين العراقيين الذين يجدون في الاحتلال الايراني ولو للوسط والجنوب فقط انقاذا لرقابهم من حبل المشنقة عن الجرائم التي ارتكبوها بحق العراق والعراقيين , لو قيض للوضع ان يتنفس بالشكل الصحيح . الامريكان وليس السيد السيستاني هم من يمنعوا هؤلاء عن تنفيذ رغباتهم , ورغم تداخل المصالح بين المشروعين الامريكي والايراني في الابقاء على العراق بهذا الضعف تبقى هناك خطوط حمراء لكلا الطرفين لا يسمح بتجاوزها .  

رغم كون الامريكان يمتلكون مفاتيح الوضع في العراق , وهم من ازاح صدام , وهم من اتى بهذه الطبقة السياسية , وهم من انهى الدولة العراقية ووضع اساس التحاصص الطائفي وسموها عملية سياسية , واعترفوا باحتلالهم للعراق بعد ان كان في البداية تحريرا . الا انهم عندما يتحدثون عن العراق لا يتجاوزون على مفردة ( سيادة ) حكومة العراق , وهم يعرفون ان الجميع يعرفها شكلية , ولكن احتراما لأنفسهم امام المجتمع الدولي بانهم لا يتعاملون مع الآخرين مهما كان ضعفهم بالدونية . واذكر احد عناوين الاخبار التي اصبحت طريفة عند العراقيين وقتها انهم ذكروا في احدى مانشيتات صحفهم ان " مستشارة الامن القومي الامريكي كوندليزا رايس اجتمعت ب( نظيرها ) العراقي الدكتور موفق الربيعي ". والجميع يعرف موفق الربيعي كنموذج حقيقي من الذين ركضوا وراء الاحتلال منذ التحضير لضرب العراق الى ان اصبح ( نظيرها ) . ويسأل البعض : لماذا يكرهون ايران ؟! ليس بسبب مشروعها القومي الداعي للتوسع الامبراطوري فقط , بل والكثير من هذا الحقد بسبب التصريحات المستفزة والغير مسؤولة من قبل بعض المسؤولين الايرانيين .