المجتمع المدنى فى ظل السياسة .. ! / سمكو محمد
فى البدء اود القول من ان هناك اجتهادات متنوعة في تعريف مفهوم المجتمع المدني تعبر عن تطور المفهوم والجدل حول طبيعته وأشكاله وأدواره. فالمعنى المشاع للمفهوم هو «المجتمع السياسي» الذي يحكمه القانون تحت سلطة الدولة. لكن المعنى الأكثر شيوعاً هو تمييز المجتمع المدني عن الدولة، بوصفه مجالاً لعمل الجمعيات التطوعية والاتحادات، مثل منظمات قانونية و نسائية و طلابية و عمالية، وفى مجالات اخرى هى النوادي الرياضية وجمعيات رجال الأعمال وجماعات الرفق بالحيوان، وجمعيات حقوق الإنسان، واتحادات العمال وغيرها. أي أن المجتمع المدني يتكون مما أطلق عليه إدموند بيرك الأسرة الكبيرة، كل هل تجمعات و منظمات لهم وظيفتين، الاول هى مساعدة الدولة و الثانى هى ظغوطات على السلطة للايجاد العدالة.
نحن نعرف حسب هيجل، مفهوم المجتمع المدنى تعني حرية الفرد و مساعدة الدولة فى مجالات متعددة كالسياسة و الاجتماعيات و الثقافة و الخ، اما التى نشاهده الان عكس الاتجاه، لانهنة المنظمات التى يعملون تحت تلك العنوان تحت هوامش الازمات فى العراق او يمن او سوريا او ليبيا و الخ، حسب الضروف السياسة و تاثيرات السياسة الخارجية، هناك مجموعات يناضلون باسم المجتمع المدنى، هم الذين يستثمرون وهم، لانه بالهقيقة هم مساعدين للشركات الاحتكارية فى المنطقة. مثلا باسم المساعدة للنازحين و باسم المساعدة للدولة، يقومون بتسويق مواد المنزليية و اللزوميات الحياة و يبيعون بالناس باسم المساعدة و قيام بحضور كعنصر غير حكومى و رسمى، ولكن العكس الصحيح.
في المقام الأول يهتم المرء بسبل عمله ومعيشته، ليكفي حاجته وحاجة أفراد أسرته بالغذاء والسكن وغير ذلك من لوازم الحياة، ولكن يوجد بجانب ذلك أشخاص كثيرون يهتمون بالمجتمع الذي يعيشون فيه، ويكونون على استعداد للتطوع وإفادة الآخرين، أي أن المجتمع المدني ينمو بمقدار استعداد أفراده على العطاء بدون مقابل لإفادة الجماعة، هذا يعتبر من «الإيثار العام». وفي المجتمعات الديمقراطية تشجع على ذلك النشاط الحكومات.، وفى المقابل دعم حركات الثقافية و جمعيات الاجتماعية فى سبيل الاصلاحات الاجتماعية، بخصوص فى الدول التى فيها تعدد اقوام و الاديان و اطياف يعيشون مع البعض.
هناك جانبٍ آخرى حول روئية السياسية من بين منظمات المجمتع المدنى للسياسة و لحل المشاكل الاجتماعية، هى عدم وجود ثقافة شمولية لمسالة القومية و طائفية و الاممية، لاحظ عزمي بشارة كمثقف وكاتب و خبير عربى فى شؤن المنظمات غير حكومية، يتصور في كتابه حول المجتمع المدنى فى شرق الاوسط، انه هناك الفارق بين الأمّة والقوميّة و طوائف و الاثنية و الاديان اخرى، ورسم تخومًا منهجيّة ومعرفيّة بينهما. وفي هذا الحقل من المعرفة شدَّد على الأمّة المواطنيّة بوصفها أمّة نحو الخارج، ومجتمعًا مدنيًّا نحو الدّاخل. أمّا المواطنة فهي عابرة للهويّات الثقافيّة والأثنيّة والطائفيّة والقبليّة، بينما القوميّة تتأسّس على اللّغة. وعلى هذين الأساسين يمكن بناء المجتمع المدنيّ وتشييد عماده في العالم العربيّ فى الشرق الاوسط، ولكن لن نرى تلك المناقةشة جدية بين منظمات و بين المثقفين الكرد و العرب و القوميات اخرى حول الازمات مختلفة التى تتواصل بدوون حدود، لانه احد من الاسباب التى لم نرى انفتاح فى المواضيع مختلفة، هى وجود المجتمع المغلق، فلهذا حسب كارل بوبر المجتمع المغلق هى مجتمع مستهلك و ليس لها مستقبل لاجيال القادمة، وهذة احد من اشكاليات المجمتع العراقى و من بينهم المجمتع الكردى فى الكردستان العراق.
في المجال العيانيّ يخشى عزمي بشارة من تحوّل الصّراع ضدّ النّظم السياسيّة في المشرق العربيّ إلى صراعٍ على الهويّات، وهذا الأمر من شأنه أن يفتِّت "المشترك القوميّ"، ويمنع تشكّل أمّة مواطنيّة. ولاحظ، على سبيل المثال، أنّ المجتمع المدنيّ في اليمن يشقّ طريقه بأمل، لكن بصعوبةٍ بالغة، عبر التّمايز عن الدّولة والقبيلة والعسكر معًا. أمّا في ليبيا فيبدو أنّ المواطنة تخوض صراعًا على جبهتين: ضدّ التدخّل الخارجيّ الذي يمتهن السّياسة الوطنيّة، وضدّ إحياء القبيلة والجهويّة. وانتقد بشارة كيل المديح، بلا حساب، للشبّان العرب؛ هذا المديح الذي يشبه مدائح المثقّفين العرب للمجتمع المدنيّ حين اكتشفوه أوّل مرّة. ورأى أنّ هذا المديح يضلّل الشبّان العرب، ويضفي عليهم صفة "الفئة السياسيّة" أو "التيّار السياسيّ المتجانس"، وهذا مخالفٌ للواقع تمامًا، مثل ما نحن نمدح شباننا بالهقيقة هى يجب ان ننتقد شبان لسبب بسيط، وهى عدم توحيد و عدم وجودهم فى الاتحادات المهنية و عدم تثقيف نفسهم فى مجالات مختلفة.
لذلك يأتي المجتمع المدني كبعد في الحرب الأيديولوجية واضحة المعالم بين الغرب والأمة الإسلامية، وبناء على ذلك تكونت وتشكلت معالم المجتمع المدني في البلدان العربية والإسلامية بدفع غربي واضح، وبرز نوع من التوجيه الغربي مع العمل الجاد والدؤوب لتفعيل دور منظمات المجتمع المدني للقيام بدور قد يكون بديلاً أو موازياً لدور الأحزاب المأجورة التي استغلّها الغرب لتحقيق برامجه، وخصوصاً بعد أن انكشف عوارها للأمة وفرغت من محتوياتها، ولم تعد قادرة على اختراق المجتمعات، وفي معنى قريب من هذا يقول المفكر الجابري: «مضمون المجتمع المدني يرتبط في أذهاننا اليوم بالطموح إلى تصفية «مجتمع العسكر» و«مجتمع القبيلة» و«مجتمع الحزب الرائد القائد»، وبالتالي فسح المجال لقيام مجتمع المؤسسات القائمة على التعبير الديمقراطي الحر.» وهناك عدة الاسباب.
سبب الأول، ضعف استقلالية المجتمع المدني عن الدولة والأحزاب السياسية فى عراق، ذلك أن جلّ الجمعيات المدنية والروابط المهنية والأندية الرياضية والمنظمات الحقوقية لا تتمتع بالاستقلالية الكافية إزاء الفاعل السياسي، أكانت السلطة الحاكمة أم الأحزاب، ما يخلّ بأحد ثوابت المجتمع المدني وأساساته، وهو الاستقلالية.
السبب الثاني، مشكلة التمويل الداخلي والخارجي. تعيش مكونات المجتمع المدني العراقى و فى هامشها كردستان فى حالة التبعية للجهات المانحة، ما يؤثر في جدول عملها وفي استقلاليتها وفي السمة التطوعية لعملها، إضافة إلى مس طابعها النقدي تجاه السلطة، وتجاه القوى الكبرى في الخارج الذي يموّل المجتمع المدني، ولا يفعل ذلك لوجه الوجدانى، بل يفعلون ذلك لأهداف سياسية، أو أيديولوجية الطائفية.
السبب الثالث، إشكالية التدبير الديمقراطي للحياة الداخلية لمؤسسات المجتمع المدني، حيث تدار جل الجمعيات بعقلية استبدادية مع بعضهم، منهم رؤساء الجمعيات والحلقات الضيقة المحيطة بهم، بحيث لا يحترمون مواعيد مؤتمرات الأجهزة المسيرة للجمعيات واجتماعاتها، ولا التناوب على المسؤولية، ولا قواعد التشاور والتدبير الديمقراطي في اتخاذ القرارات. لانه التربية هى تربية الاحزاب السياسة من غير العقل و منطق للمهوم الحزبى، فلهذا المجتمع المدني العراقى أصيب بأمراض السلطوية، وعوض أن يقاومها، صار يعيد إنتاجها بطرق أكثر ابتذالاً مما تفعل السلطة أحيانا-