مجلس النواب_ بين قصد الإستجواب ...!!؟ / باقر الفضلي
لم يعد ما جرى تحت قبة البرلمان العراقي بتأريخ الأول من آب/ 2016، مجرد حدث عابر، أو قصة شاءت الصدف أن تجد طريقها على لسان بعض السادة من أعضاء مجلس النواب الموقر، لتفجر كل هذا الغبار الذي عصف بكل جوانب وزوايا المجلس الموقر، ولتختلط فيها الأوراق من كل لون وجنس، ولتتبادل بسببها الإتهامات بين بعض أعضاء المجلس، لدرجة الفضائح التي تزكم النفوس، ولحد إضطرار رئيس المجلس الى ترك موقعه وإناطة مهام إستكمال جلسة البرلمان الى أحد نوابه، وأن تعم الفوضى أطناب المجلس ، ويعجز الجميع من ضبط النفس..!؟؟
إن ما حدث، قد عبر عن تراكم المتناقضات في بركان الأحداث الذي لم يعتده العراق لأكثر من ثلاثة عشر عاماً، بين قوى غير متجانسة، وإهداف متعارضة، رغم أنها إحتفظت طيلة تلك الفترة، ومن خلال ما إجترحته من نظام ما يدعى بالمحاصصة التوافقية، بتوازنها وبالتستر على لباسها المهتريء، والتغطية على كل ما يمكن أن يفضح فسادها المستشري في جميع الجهات..!!؟؟
إن ما جرى خلال تلك الجلسة الخاصة بإستجواب السيد وزير الدفاع ، قد كشف أمام الرأي العام للشعب العراقي، ولكل متابع للشأن العراقي، حقيقة ما كان يقال أو يشاع عن طبيعة الفساد المستشري بين أقطاب النظام السياسي القائم بعد عام 2003، وحجم الهدر الذي تعرض له المال العراقي، والذي تجاوز المئات من مليارات الدولارات التي تكبدتهاالخزينة العراقية..!؟؟
فلا عجب والحال، أن تضيع الحقيقة بين تراشق الإتهامات، في نفس الوقت الذي يصعب فيه إلقاء الضوء على الحقائق في معمعان الملابسات والقيل والقال، فالكل يكيل التهم للكل، وقلما يجد المرء ما يمكن التمسك به من مصداقية القول لأي طرف من الأطراف، حينما تفتقد الإتهامات، للأدلة والبراهين، وحينما يتمسك الجميع بالولاء للوطن والدفاع عنه، والحرص على القيم الوطنية، ومناصرة الدم العراقي، ولكنه في عين الوقت يختلس النظر، لكشف أي ثغرة في جدار الآخرين من الشلة المشتركة في مسيرة النظام السياسي، ليرميه بسهام الإتهام..!؟
جلسة الإستجواب قد تحولت من جلسة إستجوابية بإدارة رئاسة المجلس ، الى جلسة إتهامية، قادها المستجوَب، لا للرد والإجابة على الأسئلة التي يفترض أن رئاسة المجلس سبق وأن إطلعت عليها قبل تحديد يوم الإستجواب، بل الى كيل من إتهامات وفتح ملفات إتهامية بحق المستجوِب، وبحق عدد من السادة النواب، والى إتهام مباشر بحق رئيس المجلس نفسه، وبهذه الطريقة، وبموجب طريقة " الهجوم خير وسيلة للدفاع"، تمكن المستجوَب، وهو هنا السيد وزير الدفاع من عدم الإجابة على أسئلة المستجوِب، والإفلات من مصيدة الإستجواب، ونقل الكرة الى ساحة المستجوِب، والى آخرين من السادة النواب، مما فتح الطريق أمام حالة تستدعي التحقيق في كل جملة إتهامية قيلت، والى التوجه الى القضاء، من أجل التحقق من صحة الإتهامات الموجهة من قبل السيد الوزير، ففي جميع الأحوال، فإن المتهم بريء حتى تثبت إدانته..!!؟؟
فهل ياترى إستنفذ مجلس النواب صلاحياته التي نص عليها نظامه الداخلي بشأن الإستجواب، أم أن الأمور قد إنقلبت رئساً على عقب، وأصبح المجلس بما فيه رئاسته، هو الذي ينبغي عليه أن يجيب على الأسئلة التي وجهها السيد وزير الدفاع، والتي أخذت صيغة الإتهامات، أم أن وراء الأكمة ما ورائها..!!؟
سؤال تترك الإجابة عليه الى رئاسة المجلس نفسه، وتقييم ما دار في ساحته من سجال بين المستجوَب وبين مجموعة السادة النواب، ممن شملتهم الإتهامات، ومنهم السيد رئيس المجلس نفسه..!!؟
فقد كشفت جلسة الإستجواب عن مضامين، تراكمات الفساد التي طبل وزمر حولها الكثيرون من أصحاب النفوذ أنفسهم، وإلا كيف يمكن للبعض منهم معرفة تفاصيل ذلك الفساد، ومن هي الفئة الإجتماعية، التي خلقتها تلك التراكمات، من الطفيليين، الذين تستروا بعباءة الدين، أو كونوا ما يدعى بفئة المقاوليين، من الذين لن تخلو منهم وزارة أو مديرية عامة، أو مصرف تجاري وهلمجرا..!!؟؟
فإن كان هناك ما يساعد على كشف الأوراق والملفات المستورة لفضائح الفساد، فالمنطق يدفع المرء للقول؛ بإنه من المفضل المزيد من الدعوة الى إستجواب كل من يدعي بإمتلاكه، أو يشك بأنه من أولئك الذين يمتلكون العديد من ملفات الفساد بحق الآخرين من متنفذي الدولة، وخاصة من أفراد السلطة التنفيذية أو غيرها، الى مجلس النواب الذي منحه الدستور كامل صلاحية الإستجواب، وتفعيل السلطة القضائية، وبالذات الإدعاء العام لإستكمال الدور في وضع النقاط على الحروف لكشف حقيقة الفساد الذي إستشرى في غالبية مفاصل الدولة حسب تصريحات الجميع..!؟
إنه الوقت المناسب لأن يدلي الكل بدلوه، وأن تتضح الصورة الواقعية، لما دار ويدور طيلة فترة إدارة السلطة بعد عام 2003 ، وما جلسة إستجواب السيد وزير الدفاع إلا ذلك المثل الصارخ، وربما غير المتوقع، على فساد آلية العمل في تسيير وإدارة أمور الدولة من قبل جميع السلطات، التي أوكل لها الدستور الأمر، وطبقاً لما هو متعارف عليه في تسيير أمور الدول النيابية..!!؟
فهل يا ترى سيجد نداء الجموع الغفيرة من ألمواطنين من يلبي نداء التغيير والإصلاح، قبل أن