طرق على شبابيك المؤتمر العاشر (الحلقة التاسعة ) / تحسين المنذري
تنظيمات الخارج
حينما إنهارت الجبهة مع البعث وبدت ملامح الضربة الدموية تتوجه نحو تنظيمات الحزب في كل بقاع العراق، بدت عملية هجرة كبيرة لكوادر وقواعد الحزب، على حد سواء، ولعل مخيلة المغادرين كانت تتوقع العودة في غضون أسابيع أو في الاكثر بضعة أشهر، ولم يبقَ في الداخل سوى أعداد صغيرة من الرفاق قياسا بحجم المغادرين، حاولوا منفردين وبعضهم تحصلوا على صلات ضعيفة مع من غادر من الكادر الحزبي ، حاولوا أن يؤسسوا لتنظيمات جديدة، لكن تلك الجهود باءت بالفشل، للاسف، ولاسباب عدة لا مجال للخوض فيها الان، لكن كل تلك التنظيمات إنتهت مابين الاعتقال والاعدام لمنظميها أو في أحسن الاحوال تحطيم كل المعنويات والعيش إنزواءا عن الحياة العامة!! مع كل تلك التطورات كان الجسد الحزبي يترسخ وجودا في الخارج، وحتى مع عودة العدد الاهم لكردستان وحمل السلاح بوجه الدكتاتورية، فقد بقيت أعداد هامة في الخارج أسست لركائز تنظيمية توسعت مع إنهيار تجربة الكفاح المسلح ومغادرة المقاتلين أرض الوطن مرة أخرى والبحث عن الاستقرار حتى ولو كان ذلك في المنافي البعيدة، وهكذا كان ولمجمل هذه العوامل والظروف أن أصبح جسد الحزب الاساسي هي تنظيمات الخارج، ولأن الهدف كان الوطن والعودة إليه فقد قبلت تلك التنظيمات أن يكون نصيبها من النظام الداخلي للحزب فقط مادة صغيرة تشير الى حق اللجنة المركزية في إختيار شكل العلاقة بينها وبين تنظيمات الخارج، وحتى مع عودة بعض الكادر الحزبي الى كردستان بُعيد إنتفاضة عام 91 وإفتتاحها مقرا في اربيل فإن تنظيمات الخارج بقت هي الممول المالي الاهم للحزب وهي حاضنة الكادر المتميز وساحة عمل وتدقيق سياسة الحزب وكان كل ذاك مقبولا من قبل قيادة الحزب لان لا خيار آخر لديها !! لقد وفرت المنافي مناخا جيدا لتعايش الكادر الحزبي المتقدم وأعضاء ل.م. تحديدا، مع قواعد الحزب والتعرف على بعض عن قرب وخلق صلات إجتماعية جميلة حتى بين عوائل الرفاق ، حتى جاء التغيير عام2003 وعودة الحزب بثقله الكبير الى داخل الوطن لاجل إعادة بناء تنظيمات الحزب وترتيب الصلات مع الرفاق المنقطعين والبحث عن رفاق جدد، ولم يكن وقود ذلك العمل سوى رفاق تنظيمات الخارج، فقد بادرت أعداد كبيرة منهم للعودة الطوعية وتحمل نفقات ذلك من حساباتهم الشخصية ، لا لشيئ سوى الوفاء لحزبهم وذكرى رفاقهم من الشهداء والمغيبين، وبالفعل كان عملهم كبيرا جلب إنتباه الكثيرين بما فيها وسائل إعلام مهمة لوجود الحزب وما يعول عليه من دور مستقبلي، كل ذلك جعل بعض الرفاق أن يؤثر البقاء في الوطن على حساب عوائلهم وأعمالهم في الخارج، وإختار البعض العودة بعد أن أنجز العمل الموكل اليه وبدت تنظيمات الحزب في الداخل بالاستقرار والترسخ. ومع عملية الاستقرار تلك بدأت عملية تهميش تدريجي لتنظيمات الخارج، فبعد أن كانت الفقرة 3 من المادة 12 من النظام الداخلي المقر في المؤتمر السابع تشير الى حق ل.م. في تقرير شكل علاقة منظمات الخارج في الحزب مع الاشارة لوجود هيئة تنظيم تقود كل منظمات الخارج وتسمى إختصارا ( هتخ) فإن النظام الداخلي المقر في المؤتمر الثامن ألغى هذه الاشارة بوجود (هتخ) وأكتفت الفقرة 3 من المادة 13من النظام الداخلي بالقول(تقرر اللجنة المركزية شكل قيادة وطريقة إرتباط منظمات الحزب في الخارج بها) إلا إن هتخ إستمرت في العمل وكان يقودها رفيق عضو ل.م. يتمتع بصلاحيات إستثنائية وكما يبدو بعلم قيادة الحزب أو بموافقتها ، فكان هو مَن يقرر طريقة عمل المنظمات وهو من يقول القول الفصل في أي مستجد وبإسم مكتب هتخ ينتقي مايريد الرد عليه وما لايريد بما فيها محاضر لهيئات قيادية في بلدانها، وهو من يحجب أو يعمم ما يرد من الحزب ، ففي صيف عام 2010 عقد الحزب كونفرنسا للاعلام وإتخذ جملة مقررات بها بصيص ديمقراطية أكبر، لم يتم تعميم خبر إنعقاد هذا الكونفرنس لمنظمات الخارج ولم تصل مقرراته لاي منظمة في الخارج ، مع العلم إن رفيقين من تنظيمات الخارج كانا قد حضرا ذلك الكونفرنس !!!هذا على صعيد العمل خارج الوطن أما فيما لو زار رفيق ما الوطن ورغب بتقديم أي شيئ لاحدى منظمات الحزب في منطقة سكناه أو غيرها فإن ذلك يقابل بالجفاء والبرود حتى وإن كانت زيارة عادية لتأدية واجب التحية مما ولد شعورا كبيرا لدى رفاق الخارج بعدم الرغبة بهم وهم يحتكون مع رفاق الداخل وأدى ذاك لعزوف كثيرين منهم عن زيارة منظمات الحزب أو الاتصال برفاق كانوا الى الامس القريب من أقرب الاصدقاء.
وفي خطوة مهمة تعقد منظمات الخارج كونفرنسها العام في النصف الثاني من عام 2010 ويحضر الرفيق سكرتير الحزب مشرفا على أعمال الكونفرنس ويبلغ المجتمعين بقرار ل.م. بحل هتخ وربط المنظمات كل على حدة بلجنة التنظيم المركزية (لتم) وأستبشر الرفاق عموما بهذا لانه سيقلل من سلسلة المراجع مع قيادة الحزب وأيضا سيلغي السلطة المطلقة لمكتب هتخ وللرفيق عضو ل.م. المسؤول عن أعمال هتخ، وفي البدء كان هناك تفاعلا إيجابيا من قبل لتم مع مايرد من رفاق الخارج سواءا محاضر لهيئات قيادية أو رسائل فردية لرفاق حول قضايا مختلفة، لكن ذلك بدأ بالتبخر شيئا فشيئا وعاد التهميش وكأنه سياسة الحزب الابقى مع تنظيمات الخارج، وترسخ التصور الذي يقول بإهمال كل مايرد من تنظيمات الخارج ماعدا المالية لانها تشكل موردا رئيسيا لعمل قيادة الحزب، ففي الخارج لاتوجد مقرات ومنظمات إكتفاء ذاتي وأيضا فإن المالية تأتي بالعملة الصعبة وذلك يحمل فائدة أكبر.لقد طال الاهمال أحيانا قضايا خلافية بين رفاق في الخارج وتم إستهداف بعض الرفاق الناشطين لكن قيادة الحزب لم تتدخل ولم تحسم بل ولم تعطِ في كثير من الاحيان حتى ولا رأيا فيما يحصل بما فيها بعض تلك المشاكل قد حصلت في كونفرنسات لمنظمات الخارج يشرف عليها رفاق من اللجنة المركزية ذلك إن الرفاق لا يشكلون من أهمية سوى بما يأتي منهم من مالية وعليه فإن أي رأي قد تعطيه قيادة الحزب أو الرفيق المشرف قد يغيض رفيقا ما ويحجب ماليته عن الحزب وتلك خسارة، لكن أن يهمش رفيق ويستمر بدفع ماليته فذلك شيئ جيد، بل ربما هو المطلوب، فرفاق الخارج صاروا مناكدين لان شطرا منهم يختلف في بعض المفاصل مع قيادة الحزب سواءا في السياسة أو في بعض القضايا التنظيمية أو حتى الفكرية وأبسط إجابة تأتيهم إنكم تعيشون في الخارج ولا تعرفون مايجري في الداخل !!! فلو سلمنا بصحة هذا الرأي فماهو دور الرفاق في قيادة الحزب في إيصال الصورة كاملة لرفاق الخارج كي ينسجموا معهم في الموقف؟ إلا إن الحقيقة تقول إن خيرة كادر الحزب التنظيمي والفكري والاعلامي موجود في تنظيمات الخارج، طبعا مع كامل الاحترام لكل رفاق الداخل ولكل ماقدموه من جهد وتضحيات، لكن التجربة تقول إن رفاق الخارج قدموا ومازالوا الكثير وفي مختلف الاصعدة ، والسؤال الذي يبحث عن إجابة رسمية من قيادة الحزب هو لماذا هذا التهميش يارفاق؟