رخصة رسمية بالفساد والإرهاب / عدنان حسين                

هنا، في دولتنا العراقية هذه، ثمة حلف وثيق بين الإرهاب والفساد الإداري والمالي، وعلاقة وطيدة بين الإرهابيين والفاسدين إدارياً ومالياً، بمن فيهم مسؤولون كبار يحتلّون أعلى المناصب في هذه الدولة منزوعة السيادة والاستقلال والكرامة والأمن والتنمية بسبب هذا الحلف وهذه العلاقة.

هذا الكلام لا يكشف عن سرّ ولا يميط اللثام عن لغز، فهو أمر معروف لكل الناس في هذي البلاد وسواها. كلما قام الإرهابيون بتفجير سيارة أو حزام ناسف أو بمهاجمة سجن وإطلاق سراح رفاق لهم، ضجّت البيوت والمقاهي والمنتديات وسيارات النقل العمومي بالحديث الصريح عن الحلف الوثيق والعلاقة الوطيدة بين الإرهاب والفساد.

وكان إقدام تنظيم داعش الإرهابي على احتلال ثلث مساحة البلاد بمدنه الكبرى، في غضون يومين أو ثلاثة من دون أي مقاومة، إعلاناً صارخاً بمتانة أواصر هذا الحلف ورسوخ أسس هذه العلاقة.

في الأسابيع الأخيرة تقدّم الفاسدون والإرهابيون خطوة طويلة للغاية لإضفاء الشرعية على حلفهم الوثيق وعلاقتهم الوطيدة، بتشريع قانون العفو العام ...  إنه عملية عفو متبادلة بين أرباب الفساد ورعاة الإرهاب عن جرائمهم الكبرى الفاسدة في حق الشعب العراقي، كل منهم قال للآخرين بأريحية متطرفة: إذهبوا فأنتم الطلقاء!

هذه الصفقة الفاسدة تضع كامل الطبقة السياسية الحاكمة في خانة الفساد وفي خانة الإرهاب في الأوان نفسه.. الفاسدون صفّقوا للإرهابيين الذين ردوا التحية بأحسن منها لشركائهم في السلطة، أقطاب الفساد.

الوثائق التي نشرناها في "المدى"، الصحيفة والقناة التلفزيونية، في اليومين الماضيين، أوضحت أن الطرفين قد تواطآ في وضح النهار عفي سبيل تمرير القانون خارج السياقات المتّبعة في عملية اقتراح القوانين من جانب السلطة التنفيذية وتشريعها وإجازتها في مجلس النواب، ثم المصادقة عليها من رئاسة الجمهورية وأخيراً الطعن فيها أو في إجزاء منها أمام السلطة القضائية.

القانون – الصفقة خرج كثيراً عن النصّ المقترح من الحكومة، فمجلس النواب الذي أثبت هذه المرة أيضاً أنه يتشكل من أغلبية فاسدة وراعية للإرهاب، قد تجاوز على صلاحيات رئيس الجمهورية بجعله القانون نافذ المفعول من تاريخ إقراره في المجلس وليس من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية بعد مصادقة رئيس الجمهورية، في عمل لا سابقة له لا في العراق ولا في غيره. كما تجاوز المجلس على السلطة القضائية بازدرائه موقف هذه السلطة التي تحفظت على بعض مواد في القانون واقترحت مواد بديلة ليكون في صيغة لا يتعارض القانون مع أحكام الدستور من جهة ومع مبادئ الحق والعدالة من الجهة الأخرى.

هذا قانون معيب للغاية.. إنه وصمة عار في جبين الطبقة السياسية الحاكمة برمتها، بل هو منتهى العار، فما من عار أكبر من عار منح الفاسدين والإرهابيين رخصة رسمية.