الحكومة المجرية تتحدى خطة اﻷتحاد اﻷوروبي.../ د.علي الخالدي
تتصاعد لدى شعوب بلدان أوروبا الشرقية موجة حادة ضد ما سيفرضه اﻷتحاد اﻷوروبي عليها من نسب يحددها لكل دولة في استقبال مهاجرين غير شرعيين ، تكدسوا على حدود اﻷتحاد الجنوبية ، وفي بعض بلدانه . هذه الحملة التي تقودها أحزاب يمينية قومية النزعة ، قائمة على تخويف شعوبها من مخاطر إستقبال المهاجرين ، بحجة الحفاظ على سلمية مجتمعاتهم ، ونقاوة ثقافتهم .
فعلى أسوار المجر الجنوبية وفي صربيا بالذات ينتظر عشرات الآلاف من المهاجرين ، يحدوهم اﻷمل بأن نتيجة اﻷستفتاء السلبية الذي جرى في الثاني من أكتوبر الحالي ، قد تفتح الحدود المجرية ليعبروا الى دول الشمال ويصلوا الى عالم جديد ينهي مآسيهم ويضع حد لمتاعب سفرهم وما عانوه من إنتظار سيما وإن اﻷتحاد اﻷوروبي أعتبر نسبة 50% من المصوتين بلا ، دلالة على رفض الشعب إستقبال المهاجرين غير الشرعيين ، في حين كانت نتيجة اﻹستفتاء 42% من المصوتين بلا وهي نسبة أصبحت محل جدل بين المجر واﻹتحاد اﻷوروبي
كانت شعوب أوروبا الشرقية قبل أنهيار النظام اﻹشتراكي ، تفتقر لثقافة إستقبال مهاجرين إلا ما ندر لبعض السياسيين اليساريين ، ولم تعتاد على إستقبال مهاجرين ، بل كانت هي مصدر الهجرة الى أوروبا الرأسمالية ، وعند التحول الكبير من الحقبة اﻹشتراكية إلى إقتصاد السوق سرعان ما تناسىت شعوب تلك البلدان ما كان يبذله النظام اﻹشتراكي من نشر ثقافة التضامن والتعايش السلمي بين الشعوب ، تحت تأثير ما تىنشره الصحافة واﻹعلام الغربي عن تصرفات غير ﻻئقة للمهاجرين ،وتأثيرها السلبي على نقاوة أجناسهم وثقافاتهم ، سيما بعد أن أكتشف أن الهجمة الحالية للمهاجرين ﻷوروبا ، تحوي في طياتها دوافع دينية ، من خلال تسلكات البعض من المهاجرين ، فعبارة الله وأكبر ، أضحت تخيف من يسمعها في الشارع اﻷوروبي . وصعدت من إنتشار مخاوف إنتشار تكفير اﻵخر والنظرة الدونية للمراءة باعتبارها عورة ، ولجوء المهاجرين الى عدم التكيف واﻹختلاط بالمجتمعات نتيجة تقوقعهم ، مما يثير المخاوف من الهجرة غير الشرعية ، التي طبعت بوشم نشر اﻹسلام كالصلاة في الشوارع ، علاوة على اﻷعمال اﻹرهابية التي حصدت المئات من حياة السكان اﻵمينين ، التي قام بها إرهابيون يرتبطون بمنظمات سلفية ، تصعد من نقمة الناس على المهاجرين غير الشرعيين ، و خصوصا ما ينشر في اﻹعلام ، من تصور المهاجر المتطرف أحقيته ديتيا سبي وإستباحة المراءة اﻷوروبية ، كما حصل في العراق وسوريا للمراءة غير المسلمة والتحرش الجنسي بها ، مما حدى ببعض العوائل في المناطق التي تتواجد فيها مخيمات لاجئين ، أن تصاحب بناتها من وإلى المدرسة .
تلك المظاهر وضعت الحكومة المجرية الكرة في ملعب الشعب الذي صوت برفض إملاءات اﻷتحاد بنسبة 42% ، وهذه نسبة لم يتوقعها حزب الفيدس وﻻ حليفه الحزب اليميني القومي المتطرف اليوبيك ، مما سيؤدي بفكتور أوربان عرض ذلك على البرلمان ، ونعديل الدستور ، بما يضمن دعم هذه النسبة وإعطاء حرية رفض ما يفرضه اﻷتحاد اﻷوروبي ديمقراطيا
وﻹحتواء الهجرة غير الشرعية ومعالجتها ، يطالب معظم من يدافع عن حقوق أﻹنسان بتنمية الدول التي تقدم منها الهجرة إقتصاديا ولوجستيا ، سيما وإن اﻹتحاد اﻷوروبي يصرف حاليا مبالغ هائلة باﻹمكان إستثمارها في تلك البلدان ، تقدر على خلق فرص عمل تحد من الهجرة . باﻹضافة الى اﻹستثمار و تقديم المساعدة اﻹقتصادية واﻹستثمارية للمسيحيين في مناطق تواجدهم ، وحمايتهم لتعزيز صمودهم من أجل البقاء في أرض أجدادهم التي هجروا منها بعد تحريرها من داعش
ومما يخيف أوروبا حاليا مشروع شرق أوسط جديد تسعى له أمريكا وأصدقاءها في المنطقة ، وذلك بتقسيمه الى دويلات تكون خالية من المكونات العرقية لشعوب تلك البلدان ، تترامى من شواطيء اﻷطلس في الغرب حتى جبال اﻷورال في الشرق ، وتكون متجانسة عرقيا ودينيا . لكن متطلبات هذا التقسيم قد تصعد الهجرة غير الشرعية ، تحت تأثير ما ستندلع بينها من حروب محلية ، وما ستتعرض له كما يبدو من تصحر وجفاف ، وقلة مياه تجبر الكثير منهم على الهجرة
أن ما اقدمت عليه المجر بتحدي اﻷتحاد اﻷوروبي ، قد يعرضها لعقوبات إقتصادية وحتى الطرد من اﻹتحاد ، وهذا ما تتخوف منه اﻷحزاب التي وقفت ضد اﻷستفتاء وعدم دعمها له ، بدعاية مضادة لمقاطعته وخصوصا من اﻷحزاب اليسارية ، و كما يلاحظ المراقبون أن ذلك سيؤدي الى تشظي مجتمعي ، سيما والمجر تمر بأزمة إقتصادية حادة ، لربما كانت أحد أسباب إجراء اﻹستفتاء للتغطية عليها من قبل حزب الفيدس . هذا ما ستكشفه اﻷيام القادمة