المؤتمر العاشر – هل سيأخذ بيد الحزب للأمام أم يبقيه..؟/ مازن الحسوني

للإجابة على هذا السؤال لابد من البدء بحقيقة أن مكانة الحزب الشيوعي العراقي الحالية في الساحة السياسية العراقية لا توازي مكانته التاريخية من حيث التأثير على المشهد السياسي رغم أنه غير عاجز عن أخذ هذا الدور ألمؤثر بالأحداث. لكن ما الذي جرى حتى أصبح الحزب رقما لا يحسب حسابه لدى الساسة العراقيين المتحكمين بالسلطة أليوم.

إذا ابتعدنا في الحديث الآن عن الأسباب الخارجية (التخندق الطائفي والقومي، قلة الوعي، شراء الذمم، استخدام السلطة والمال لكسب الناس، دور المرجعيات الدينية ....الخ) التي لا نستطيع تغييرها لصالحنا الآن وبالتالي ما يبقى لدينا للحديث حوله هو العوامل الداخلية.

تنقسم هذه العوامل برأيي الى ثلاثة أقسام:

أولا- العقلية التي تدير الحزب.

لا زالت هذه العقلية يغلب عليها طابع عمل الحزب السري وليس حزب يعمل بشكل علني ويدخل برلمان وانتخابات علنية ويشارك بالحكومة وله وزراء ومسؤولين بالدولة رغم قلتهم أو وجودهم بهذه الدورة أو لا، أي أنه معروف بقياداته وفعالياته للجميع.

لكن لماذا عقلية الحزب السري هي ما تميز عمل قيادته ويجري نفس الشيء على جميع الهيئات، السبب بكل بساطة هو الرغبة بالاستحواذ على كل قراراته من هذه الواجهة، حيث أن الديمقراطية تعني سلطة الشعب وبالتالي داخل الحزب تكون القاعدة الحزبية هي صاحبة القرار الأقوى وهو ما لا يريده من تربى على أن تكون السلطة الحزبية بيده بأي شكل. (المؤتمر الخامس والذي حمل اسم التغيير والتجديد، كان بمثابة الانحناء للعاصفة وليس بقناعة حقيقية ولهذا أفرغت كل القرارات الحزبية الداعية للديمقراطية من محتواها ولم نشاهد تطورًا ديمقراطيًا كبيرًا بمؤسسات الحزب منذ ذلك التاريخ).

 النظام الداخلي بقيت فقراته التي تكرس هذه السلطة محفوظة ولا يقبل القياديون المساس بها لأنها تضعف صلاحياتهم.

من هذه النقاط المثيرة للجدل :

*المادة -1- النقطة -3-

وفيها يُذكر أن من حق الهيئات القاعدية الاعتراض على قرارات الهيئات القيادية على أن لا يعيق ذلك تنفيذها للقرارات (يعني مثل قبل نفذ ثم ناقش) بدل أن تكون الصيغة الديمقراطية يؤجل التنفيذ لحين البت بالاعتراض  وتحدد فترة الاعتراض والرد.

النقطة- 6- نفس المادة :

تأخذ قيادة الحزب الرأي العام بالقضايا الأساسية.

لا تحدد ما هي القضايا الأساسية التي تستشير بها قيادة الحزب الرأي العام الحزبي (بربكم أكو أخطر من الدخول بتحالفات انتخابية مع الآخرين دون معرفة القاعدة أي شيء عن هذه التحالفات، تقديم قوائم ومرشحي الحزب للانتخابات دون معرفة القاعدة بذلك، الموافقة على الدستور، الموافقة على المعاهدة العراقية الامريكية وغيرها من القضايا الحساسة)، كل هذه القضايا أختزلتها ل.م داخل غرفها الخاصة دون رأي للقاعدة الحزبية.

المادة- 13- :

ل.م تحدد شكل العلاقة مع منظمات الخارج. أي تبقى هي صاحبة القرار والرأي دون أن يكون لهذه المنظمات قرار بصيغة العلاقة المفيدة للعمل.

وضاع بهذا النص كل سنوات النضال لأجل تغيير صيغة العلاقة بشكل مفيد للعمل .

المادة -16- :

كل أمراض الحزب تكمن بهذه المادة وتفاصيلها لذلك لا أريد كتابة كل نقطة.

من هذه النقاط المثيرة للجدل :

* أعضاء ل.م هم دائمو الحضور بالمؤتمر وغير منتخبين (يدخلون المؤتمر بلا فيزا). هم لا يخضعون لدخول مراحل انتخابية مثل بقية المندوبين . من المفضل أن (ينتخبون في الهيئات العامة التي انتخبتهم قبل دخولهم ل.م  ومن لم يفز يحضر المؤتمر دون حق الترشيح والتصويت) أما فوزهم المؤكد بعضوية جديدة إلى ل.م هي ببساطة مسألة محسومة لأنها تخضع لحسابات رقمية (أصوات ل.م والكردستاني واللجان الخاصة المرتبطة ب ل.م) تجعل كل واحد منهم يضمن أكثر من نصف العدد المطلوب للفوز بعضوية ل.م، أما الآخرين فعليهم جمع جميع الأصوات خاصة وأن الكثيرين من المندوبين  لا يعرفون المرشحين  الجدد مثل أعضاء ل.م وبالتالي يبقى هؤلاء لدورات متعددة ولعقود من السنين ومن يخرج من ل.م فهو لأسباب لا تتعلق بالانتخابات، وهم قلة على الدوام.

*  المؤتمر لا ينتخب سكرتير الحزب (رغم أنه أعلى هيئة حزبية حسب النظام الداخلي) بل ل.م مثلما كانت أيام العمل السري هي من تنتخب السكرتير والنائب والمكتب السياسي ومعلوم أن اصطفافات خاصة تأخذ دورها بشكل كبير عند الاختيار دون أن تعرف القاعدة بتفكير هذا السكرتير ومدى كفاءته لقيادة العمل بالدورة القادمة. (هل يعقل أن انسان يقود العمل لقترة تزيد على عشرين عام قادر على العطاء بنفس  القدرة والكفاءة كل هذه السنين؟ أشك قي ذلك لأن التاريخ لم يقدم أي نموذج سواء حزبيًا كان أو مسؤولاً حكوميًا. بل العكس سيعمل على تكوين مجموعة من حوله تعمل وفق الخط الذي يريده وتبقيه(المجموعة) بمنصبه طالما هو راغب بذلك).

* المؤتمر لم يستطيع تحديد فترة محددة لسكرتير الحزب ( طرح مقترح فقط دورتين للسكرتير)، لم يوافق السكرتير على المقترح لأسباب غير مقنعة.

* المؤتمر لم يستطع تحديد كم  عدد الدورات متتالية لعضوية ل.م أوعمر محدد لعضو ل.م كأن يكون مثلأ خمسة وستون عام كحد أقصى.

* المؤتمر لا يستطيع تحديد عدد المندوبين بل هي صلاحية ل.م وبالتالي تدخل حسابات خاصة بها وليس بما هو الأفضل للحزب (يفضل زيادة العدد مثلأ واحد لكل خمسة وعشرون بدل عن واحد لكل مئة ).

* المؤتمر لا ينتخب نائب سكرتير بل هي من صلاحية ل.م وبالتالي تبقى نفس الحسابات البعيدة عن معرفة القاعدة  الحزبية ودورها بهكذا قضية مهمة.

ثانيا – أدوات التغيير

- لازال الحزب لا يمتلك الادوات الصحيحة لتغيير حالته الراكدة ومن هذه الادوات.

* كل المواد الموجودة بالنظام الداخلي المعيقة لتطور الحزب (المذكوره أعلاه مع غيرها ممن لم تذكر)، حيث تعمل هذه المواد كسيف بتار يقطع أي أتجاه حقيقي للتغيير بحجج خرق النظام الداخلي أو صلاحية النظام الداخلي لا تسمح بذلك.

* أساليب العمل الحزبي والجماهيري التي لا تتطور بشكل متسارع مثل الأحداث السريعة والسبب هو العيوب بالنظام الداخلي والتي تجعل الصلاحية بيد قلة ذوي تفكير خاص بالعمل السري.

* المجاملة حد الخوف من الآخرين والنظرة القصيرة المدى هو ما يميز عملنا (دخلنا مجلس الحكم رغم عيوب تأسيسه حتى نمشي الأمور، قبلنا بالدستور الأعرج -هم مشي-، قبلنا الاتفاقية الأمريكية العراقية- وهم مشي-، دخلنا تحالف ويا علاوي -وهم مشي- .......الخ)، لذلك أصبح صوتنا غير ذي شأن للآخرين والمواطن لا ينتظر منا الموقف الشجاع بل يتلقفه من الآخرين حتى وأن كان كلامًا دون فعل (يفوخ القلب مو مثلنا نفتر على الحدث وما نتكلم بصراحة وبشجاعة).

* شعارات الحزب وأهدافه الغير واضحة والغير مفهومة من قبل الجماهير (مظاهرات شعارها الرئيسي هو الاصلاح) .

ترى من يصلح الحال وكيف ؟ غير معلوم . هل العبادي، البرلمان، الحزب، لا شيء واضح ولهذا أصبح تأثير المظاهرات ضعيفًا.

* إمكانيات مالية ضعيفة جدا بسبب عدم تطوير أساليب الحصول على المال واقتصارها على بدلات الاشتراكات للأعضاء وبعض المساعدات من ألاخرين والمكبلة لحرية الموقف السياسي .

ثالثا- عناصر التغيير

*الحزب لا يمتلك عناصر التغيير لوضعه في الوقت الحالي والتي بالإمكان توفرها لو أتيحت لها الظروف المناسبة للعمل وأخذت زمام المبادرة ومن هذه العناصر:

* الكادر الحزبي الواعي لمهام هذه المرحلة والمؤهل للعمل داخل  ل.م .

 *سكرتيرالحزب الواضح ببرنامجه الذي يريد أن يقود الحزب على أساسه وأن يكون اختياره من المؤتمر الحزبي وبشكل ديمقراطي رغم أنه بالإمكان طرح الترشيح لهذه المهمة حتى لكل قواعد الحزب وهي تختار سكرتير الحزب (التصويت عبر الإنترنت بلحظات).

* قيادات المنظمات الحزبية  المنتخبة وفق معايير ديمقراطية حقيقية والمبنية على أساس الكفاءة .

*العنصر الحزبي المثابر والكفوء والقادر على إقناع الناس بطرحه وعمله والابتعاد عن الكثرة الحزبية واختزالها بالنوعية ولا بأس بأناس كثر أصدقاء مفيدين بالعمل .

- كلامي هذا ينبع من الحرص على واقع الحزب الغير مقنع لي ولكثيرين مثلي وهو يمثل نداء لكل المندوبين للمؤتمر العاشر للحزب الشيوعي العراقي لأجل تطوير هذا الواقع والخوف من إشكالات مستقبلية لا تحمد عقباها إذا بقي الحال على ما هو عليه ولنا بما يحدث للاتحاد الوطني الكردستاني خير مثال رغم أن خلافهم حول المصالح الخاصة أكثر مما هو حول المبادئ ولكننا لسنا بعيدين عن هكذا حوادث ويكفي التذكير بخروج بعض من قيادة الحزب او المكتب السياسي بالفترة الأخيرة .

ويبقى ألسؤال الأهم :

-هل سيكون رفاقي مندوبي المؤتمر العاشر بقدر هذه المسؤولية وتحويل المؤتمر حقا لمؤتمر الإصلاح ولا يخيبوا الظن أم يبقى مثل سابقيه كأي مؤتمر ذي استحقاق تنظيمي وخالٍ من أي طعم ؟.

الجواب بعد المؤتمر.

 

                                      5/10/2016