شناشيل -ما معنى السطو  نهاراً على ....؟ / عدنان حسين

لو حدثَ ما حدث في البصرة منذ يومين في بلاد أخرى، كالولايات المتحدة أو بريطانيا أو فرنسا أو حتى الهند، لكنّا قد قرأنا أو سمعنا في اليوم التالي بخبر يفيد بأن أحدهم يفكّر بتحويل قصة ما حدث إلى فيلم سينمائي.

وما حدث في البصر تتوفر فيه كل عناصر الإثارة والتشويق الدراماتيكية اللازمة لإنتاج فيلم سينمائي بوليسي مكتمل الأركان، وهل ثمة قصة أكثر إثارة وتشويقاً من قصة السطو المسلح في وضح النهار على مطار، وأي مطار؟ .. مطار عسكري (!) من المفترض أن يكون محروساً على نحو محكم، وألا يدخل إليه إلا المخوّلون رسمياً بالدخول.

 ليست لدينا صناعة سينما ليتبنى أحدهم الفكرة، وليست لدينا سينما ولا حتى  دور للعروض السينمائية كما لو أننا لم نزل نخوض في بحر ظلمات القرون الوسطى. ربما بعد نصف قرن من الآن عندما يكون أحفادنا قد عبروا إلى برّ الأمان من الحقبة المظلمة الحالية سيمكن لسينمائي ذكي أن ينتج فيلماً كوميديا يضحك معه الأحفاد مما كنا عليه من بلادة الى درجة السطو نهاراً على واحد من مطاراتنا العسكرية في واحدة من أهم مدننا!

العنصر الايجابي الوحيد في حادث السطو على مطار البصرة العسكري أنه يلطم مجلس نوابنا على وجهه ويصفعه على قفاه. الحادث يأتي بعد أسبوع فقط من قيام المجلس بدسّ فقرة حظر الخمور خلسة في قانون واردات البلديات. هذا معناه أن برلماننا الذي تواكل أو عجز على مدى أكثر من عشر سنين عن تشريع القوانين اللازمة لبناء الدولة التي أوصى الدستور بسنّها، يكرّس جلّ اهتمامه ا وانشغالاته للثانويات من الأمور، ولا يتورع عن ابتداع قوانين تتعارض من جهة مع أحكام الدستور وتُحدث من جهة ثانية نزاعات اجتماعية وسياسية فيما البلاد في أحوج ما تكون الى السلم الأهلي والوحدة الوطنية والخلود الى الاستقرار والتنمية بعد نصف قرن من نزاعات وحروب مدمّرة.

النتيجة المنطقية لوجود مجلس كهذا أننا نعيش الآن في دولة لا تستطيع حتى تأمين الحماية لواحد من أهم مطاراتها العسكرية في أهم مدينة من مدن البلاد بعد العاصمة.

بالطبع لم يكن السطو المسلح النهاري على مطار البصرة العسكري الحادث الأكثر إثارة  في العهد غير الزاهر الذي نعيشه الآن، فمنذ سنتين ونيّف كنّا قد شهدنا حدثاً لم يكن يخطر في أذهان حتى أكثر كتاب القصص البوليسية وروايات الخيال العلمي ذكاءً. أعني به اجتياح تنظيم داعش الإرهابي لثلث مساحة البلاد في مدة من الزمن تقلّ عن الأسبوع من دون أي مقاومة.

بالمناسبة فإن حادث السطو المسلح على مطار البصرة العسكري لم يحرّك الدم في عروق أعضاء برلماننا، بمن فيهم نواب البصرة!

هل في الأمر مفارقة؟.. بالتأكيد لا، مع برلمان كبرلماننا.