شناشيل - هل من قيامة للعراق؟ / عدنان حسين
العراق لن تقوم له قيامة ما دامت دولته خاضعة لسلطة الطبقة السياسية القائمة راهناً. قيامة العراق تكون مع طبقة سياسية لها قلب إنساني وضمير وطني وعقل حكيم، وطبقة الحكم الحالية بلا قلب ولا ضمير ولا عقل بهذه الصفات.
في تاريخها لم تواجه الدولة العراقية كارثة كالتي تشهدها دولة الإسلام السياسي الحالية، حيث يذهب التلاميذ والطلبة الى المدارس ولا يجدون الكتب المقرّرة، فيما هي تتوفر في السوق السوداء بأسعار مغالى فيها الى أبعد الحدود، مما لا يتيح لعشرات الآلاف من العائلات إرسال بناتهم وأبنائهم الى المدارس، والأطفال الذين لا يذهبون الى المدارس تتلقفهم الشوارع، وأية شوارع؟ فشوارعنا كلها متخمة بالنفايات المتراكمة فيها وبالاخلاق السيئة السائدة فيها أيضاً.
من الواضح أن هناك فساداً إدارياً ومالياً صارخاً في مسألة الكتب المدرسية.. وسائل الإعلام أشبعت هذا الموضوع بحثاً وقدّمت كل ما يثبت، حتى للصم والبكم والعميان، هذا الفساد الذي يمتدّ نطاقه من داخل وزارة التربية إلى دكاكين تجّار القرطاسية ومخازنهم.
مجلس النواب العراقي الذي شغل نفسه في كثير من الأحيان بقضايا تتراوح بين الثانوية والتافهة، وآخرها قضية بيع وتناول الخمور التي شرّع بشأنها قانوناً ينتهك أحكام الدستور، ومتّبعاً آلية تتعارض مع أحكام النظام الداخلي للمجلس، لم تبدر منه أي علامة اهتمام أو اكتراث بما يكابده التلاميذ والطلبة وأهاليهم ومعلموهم وادارات مدارسهم من محنة، فلم يتطوّع أي عضو في البرلمان لطرح هذه القضية للمناقشة في المجلس.. هل يعلمون بوجودها أصلاً؟
ومن المضحكات المبكيات في عهدنا غير السعيد هذا أن "تحالف القوى العراقية" الذي يضمّ حزب الاخوان المسلمين (الحزب الإسلامي) المنتمي إليه وزير التربية محمد إقبال، أعلنت هيئته السياسية أمس عن "نيتها أستضافة وزير التربية" مساء غد الأربعاء لمناقشة موضوع الكتب الدراسية (!). وكما لو كان هذا التحالف هو المتفضّل على الشعب العراقي بالإعلان عن نيته، مجرد النية، لاستضافة (وليس محاسبة أو مساءلة) وزيره عن هذه القضية، قالت الهيئة السياسية "أن واجبنا الدستوري وألتزامات الشراكة الوطنية تفرض علينا مناقشة وزرائنا عن عمل وزاراتهم وآلية تلبية حاجات المواطنيين"!
ألم أقل في مفتتح الكلام إن العراق لن تقوم له قيامة بوجود طبقة سياسية حاكمة منزوعة القلب الانساني والضمير الوطني والعقل الحكيم على هذا النحو وهذه الصورة؟ فلو كانت هذه الطبقة بخلاف ما أقوله الآن لتداعت كل الكتل والائتلافات البرلمانية وطلبت وزير التربية إلى المساءلة والمحاسبة العاجلتين أمام مجلس النواب عن جريمة عدم توفر الكتب الدراسية للتلاميذ والطلبة بعد مرور ستة أسابيع على بدء السنة الدراسية الجديدة.