رثاء غوبلز، الطغمة الصداميه موقف لايشرف .. / ابوحازم التورنجي

عندما يفقد بعض الرموز الثقافية والادبية البوصلة الوطنية المعيار المبداي كمرجعية ثابتة في تقييم مختلف الظواهر الحياتية المتواصلة والطارئه ، وتتصدع لديه الذاكرة الشخصية والجمعية ، لبعض مراحل التاريخ المعاصر وتطور الصراع المحتدم في عراقنا خلال نصف القرن الاخير ،،، فان تلك الرموز تفقد تلقائيا رموزيتها ونجوميتا وحتى أهليتها بان تكون اعمدة في الصرح الثقافي كما كانت ، و كما كان لوزنها من الحساب ما لايمكن تخطيه ، بل تغدو مجرد اساطين تجاوزها الزمن ..تجتر نجاحات الماضي وذكرياته الغابره التي ما عاد لها رصيد في معادلات الصراع الفكري والثقافي المحتدم

وفقدان البوصله لدى تلك الرموز يوسع من دائرة التخبط في المواقف الملتبسه التي يبررها البعض على انها مجرد اجتهادات ،لكل واحد منا الحق في خوض الغمار فيها حتى وان اصطدمت او تعارضت جذريا مع قيم مبدأية ثابته كانت الى الامس القريب كأيقونات مجلله ، فالاجتهاد قابل للخطا ، حسبما يبرره اصحاب الوقعات ، حتى المخزية منها....

لازلنا نمتلك ذاكرة متقدة متماسكة ، نعرف من هو المهرج صاحب بالونات العلوج الممجوجة الفارغة محمد سعيد الصحاف ، ونتذكر جيدا من هو ،وما كان عليه ، منذ ان كان من عتاة الحرس القومي في الحلة 8 شباط 1963 الاسود يوم تحول بيته الى وكر سادي للتحقيقات ومحطة ارسال الديمقراطيين واليساريين والشيوعيين نحو المو ت ، وصولا الى ما وصل اليه في قمة الهرم البعثي كخادم ذليل مطيع في تسطير وقولبة افكار الطاغية المقبور صدام ، بل كان المرأة التي عكس افكار الطاغية في كل مفاصل المجتمع والدولة بكل دقة ، وامانه ابهرت حتى الطاغية الذي ظل متمسك به لأخر لحظة من سقوط النظام بالغزو والاحتلال الامريكي ..

الاحتلال الامريكي هذا الذي هجاه ابو العلوج ولعنه زيفا وكذبا وتظليلا .. قد كرم الصحاف خير تكريما ، خرج من بغذاد تحت الحماية الامريكية وبالطائرات الامريكية نقل هو وعائلتة الى قطر لا مطلوبا ولا مطاردا كاقرانه من البعثيين في قمة سلطة البعث، ليستقر به المقام في الامارات معززا مكرما مقاولا في صفقات المقابلات التفلزيونية الهابطة المحتوى والمستوى والغالية الكلفة والثمن ،،، والامر اشبه بالمسرحية الكوميديه،،،

 ان يقال ان الصحاف قد قال لا للاحتلال ،، لها ما يبررها كقضية مختلفة الغرض والهدف وهي متلبسه ترمي إلى مقاصد يراد بها بقاء النظام الدكتاتوري لا غير ...

 لقد قلناها نحن لا والف لا للغزو لا للاحتلال الامريكي الهمجي لوطننا بهتاف بملأ حناجرنا وفي كل المجالات والافاق ، ولكن ليس كما قال الصحاف وما اراد بها ، فجل ما كان الصحاف يبغيه هو الحفاظ على نظام سيده الطاغية الذي انتهت صلاحيته وأهليته في حماية مصالح الوطن والمواطن ،،

 ومن يشيد بالصحاف ويشبهه بامثال عبد الر حمن منيف وشفيق الكمالي ، وعبد الخالق السامرائي ، فذاك يعكس جهل وظلم لا حدود له ، وهي مجرد تشبيه بائس لايحمل اية مصداقية ، كمن يساوي القرعة بام الشعر مثلما يقول المثل ،،

الراحل الكبير عبد الرحمن منيف الروائي الجليل ، كان هامشي السياسة والتحزب ويعيش مغمورا في محراب الثقافة والادب الروائي الخصب الفذ ، لم يك يوما من الايام بعثيا كما كان الصحاف ولا راضيا عما كانت تخطه طغمة البعث والدكتاتورية بل كان ناقما على كل سياسات الطاغية المقبور ،فاين اوجه الشبه بينه بين الصحاف ،،لم يكرم ولم يك محظيا كما كان الصحاف من لدن سيده الطاغية ....

اما عن تشبيه الصحاف ب (شفيق الكمالي وعبد الخالق السامرائي) ، فهي مغالطة فاضحة اخرى ( وعلى الرغم من اختلافنا مع الكمالي والسامرائي ، ولكن للحقيقة والإنصاف فقد دفعا الرجلان ثمن معارضتهما المبكرة لحكم العشيرة والطاغية واخذا نصيبهما جراء تلك المعارضة ، الموت اعداما بلا محاكمة ولا مسألة ولاهم يحزنون ، فاين وجه المقارنة بينهم وبين غوبلز صدام ، الصحاف الذي اغدق عليه الطاغية تكريما ، سيوفا وميداليات واوسمة لا عد وحصر لها على رخصها وتفاهة قيمتها المادية والمعنوية ؛ انها مقارنة تعسفية تخلو من المصداقية حتى بحدودها الدنيا ،،،،

ويكفي الصحاف هوسا بعثيا دكتاتوريه ، باعلانه الصريح عن تبنيه نهج و سياسة احتكار البعث بالتحديد لكل الموؤسسات الصحفية والاعلامية واقتصرها على البعثيين فقط ، لتجري في زمنه ( الصحاف كوزير للثقافة والاعلام ) اوسع حملات التبعية القسري و الاستغناء التعسفي عن المئات ان لم نقل الاف الكوادر الثقافية في مجالي الاعلام والثقافة ، اي الغاء لكل جهود ومساهمات الاطراف الاخرى من الديمقراطيين واليسارين ودع عنك الشيوعين الذين وجدوا انفسهم حتى بلا مصدر رزق ، كل ذلك من اجل ان يشيد الصحاف وعلى نهج غوبلز ، صرح الدولة الدكتاتورية الغارقة في العسف والظلم والرعب الذي لا مثيل له ، وباطل من ياتي اليوم ليقول لنا قولا سفيها : ان الصحاف لم يرتكب مجزرة ، وكأن المجازر يجب ان تكون فقط دمويه دوما على غرار مجازر سيده الطاغية ، وكأنة لم يك شاهد زور وشيطان اخرس على تلك المجازر التي لا عد ولا حصر لها...فالصحاف قد فاق حتى مكارثي في نهج مطاردة ومحاربة من لم ينتم الى البعث في مجال الصحافة والاعلام ، وضحاياه لا زالوا احياء يرزقون ، فلماذا يجري لوي عنق الحقائق والقفز على مجريات واقع الامس القريب ..

واخيرا وليس اخر ، الحق كل الحق ان يرثى الصحاف من قبل ناس لم يكتووا بنار الصحاف وسيدة ، الامر لا يحمل غرابه ،

اما نحن الذين لا زلنا ندفع الثمن غاليا جراء ما اقترفه الصحاف في التأسيس لماكنة الكذب والتهريج الضخمة التي روجت لسياسة الطاغية المقبور وسوقت نظامه على انه افضل نظام حكم العراق ، فلنا رأي اخر ملزمون بأعلانه عملا بحرية الرأي، وتوضيحا لمن ثقبت ذاكرته او تصدعت، فألتبست عليه المواقف المتباينه

وهذا ما يمليه علينا الواجب الوطني

والامر ليس مسالة فقهية قابلة للاجتهاد ، ومعذروة لقساوة بعض المفردات ،

وعلى وطني السلام