مهزلة الاحتفال المئوي لخرابة شارع الرشيد / جمعة عبدالله

كان شارع الرشيد قبلة الانظار , ومحط اهتمام السواح والزائرين ,  وعشاق التراث البغدادي الاصيل , فكان وجه الحضاري والثقافي والترفيهي ,  مرموق بالجمال والحياة وروعة الابداع  , بما يمتلك شارع الرشيد من خصوصية فريدة من جمال الفن المعماري , بالتصميم والزخرفة والشناشيل البغدادية , التي تحمل عبق الزمن الجميل , فكان يشكل مفخرة شامخة للعراق وبغداد , وكما هو شاهد حي على الاحداث السياسية العاصفة التي مرت على العراق . فكان طوال اليوم مزدحم بنشاط والحركة التي لم تهدأ وتتوقف  , وعامر بالفتنة البغدادية بلياليها الاثيرة والجميلة , وكل زعيم عربي حينما  يزور شارع الرشيد  , يشعر بالحسد من الذق البغدادي الرفيع , في الحضارة والتمدن الثقافي  , وجمال الفن البغدادي الاصيل  , الذي لايضاهيه جمال في اي عاصمة عربية , ويشعر بالندم , لانه لم يكن هناك شارع في العواصم العربية , ينافس شارع الرشيد , بما يمتلك خصوصية ,  يفتخر بها اهل بغداد . لكن هذا الشارع العراقي والبغدادي  , فقد وهجر  الفتنة والجمال , وحل الخراب والاهمال , في عهد العراق الجديد , في نظام المحاصصة الفرهودية الطائفية , فحولت احزاب الطائفية المتزمتة والمقيتة الحاكمة , الشارع الى مكب للازبال والقمامة , والعفونة التي تعط بروائحها الكريهة , فطاله الخراب الكبير , وهجرته  المعالم الحضارية والثقافية والترفيهية  , وتحولت الكثير من الابنية الى خراب وآلية للهدم , كأنه اصبح  مقبرة مجهولة , واصبحت اطلال خربة الكثير  من الابنية , وتشوه بالمسخ  , الفن المعمار البغدادي ,  فقد عصفه الخراب بالسقوط والهدم , فصار الشا رع  مهجور وموحش , صالح فقط لسكن الجرذان والحشرات والذباب والبعوض  والازبال  , انها سياسة متعمدة ومقصودة , في معاقبة شارع الرشيد من قبل الاحزاب الطائفية , لانها تعتقد بهذه المعاقبة الصارمة والوحشية ,  بأنها تطالب بأخذ الثار والانتقام  , ورد الصاع بصاعين , لانه يحمل اسم الفاجر العدواني ( هارون الرشيد ) , ولا يغتفر له أبداً  الجرائم التي ارتكبها , إلا في اصدار حكم الاعدام بشارع  الرشيد وتطبيقه , بشكل حاسم , دون استئناف الحكم , وهذا وقت الحساب والحسم والعقاب  , باعدام واغتيال شارع الرشيد , دون رحمة وشفقة , هكذا تتصور العقول السياسية المتعفنة والكريهة , التي تتشبث باذيال وخرق الماضي العتيق  والذميم  ,  وهكذا تبرهن على عقليتها المتعصبة ,  المملوءة بروث الحمير , بأن يصبح شارع الرشيد , ملعون ومهجور ومحكوم بالاعدام  والفناء  , بتحويله الى مزبالة للقمامة , نكاية بالفاجر الملعون ( هارون الرشيد ) حتى يشفي غليلهم بأخذ ثار , هذه العقول التي تحمل روث الحمير , هي التي جلبت البلاء والمصائب للعراق , هي التي جلبت الخراب والارهاب والفساد , وعفونة العقول التي لا تعرف سوى الحقد والانتقام , وهم موجودين في كل زمان , وكما قال عنهم الامام علي ( ع ) لقد ملئتم قلبي قيحاً , وهاهم يملئون قلوب العراقيين قيحاً ومرارة , من كان يتصور , رونقة العراق الحضاري والثقافي والترفيهي لشارع الرشيد , يتحول الى خرابة آلية للسقوط والهدم , وان يتحول الى مكب الفضلات والازبال والقمامة , لذلك تصاعدت , النداءات والمناشدات بحملات تضامن , من سبيل  انقاذ شارع الرشيد من الخراب والاهمال , وبعد جهد جهيد , خصصت الحكومة العراقية قبل اكثر من ثماني اعوام , مبلغ قيمته 500 مليون دولار , تخصص لترميم والصيانة والتأهيل لشارع الرشيد , واعادة بعض شرايين  الحياة له من جديد  , لتعود بعض رونقته الشبابية , ولكن المبلغ المالي الذي خصص , ذهب الى جيوب حيتان الفساد , ولم يصرف دولاراً  واحداً لشارع الرشيد , فظل يتراكم الخراب والهدم والاهمال , ومن جديد يتم الضحك على الذقون بمسرحيات كوميدية هزيلة , تعودنا عليها في هذا الزمن والقدر اللعين والاسود والمصخم ,  بعفونة المكر الثعلبي , تقوم امانة العاصمة بمهزلة الاحتفال المئوي لشارع الرشيد , ومكان الاحتفال كان في ساحة الشاعر معروف الرصافي , بعدما نظفت وكنست وغسلت الشارع من الازبال والقمامة ومن الروائح الكريهة  , وصبغت الارصفة والابنية المحيطة بالساحة , بالبوية البيضاء  الرخيصة , وطلبت من اصحاب المحلات , بصبغ واجهة محلاتهم والاعمدة بالصبغ ( البوية البيضاء ) من مكان الاحتفال حتى ساحة الميدان . طبعاً ليوم واحد فقط , لتعود الازبال والقمامة والجرذان والذباب , لتصول وتمرح , حتى تتم  قراءة سورة الفاتحة على المغدور عليع  , المحكوم بالاعدام , شارع الرشيد , هذه الالاعيب حرامية المنطقة الخضراء , في اعدام شارع بالوحشية المفرطة ..........  والله يستر العراق من الجايات