شناشيل-ثروة وطنية مُهملة قابلة للتصدير / عدنان حسين

من السويد يُمكن أن يأتينا الحل الخاص بواحدة من أعوص مشاكلنا في عهدنا الحالي غير السعيد .. هي مشكلة لا تبدو قابلة للحل شأنها في ذلك شأن مشكلة المصالحة الوطنية، مثلاً، أو مكافحة الفساد الإداري والمالي، أو توفير الكهرباء ولو لإثنتي عشرة ساعة في اليوم في اشهر الصيف واشهر الشتاء.

ما أعنيها هنا هي مشكلة النفايات التي تغطّي شوارع مدننا قاطبة بساحاتها وشوارعها ودرابيننا، وتحشو غرف دوائر دولتنا وممراتها، حتى لتبدو كل مدينة من مدننا وكأنها مكبّ نفايات نبتت فيه أبنية واخترقته شوارع وساحات صارت أيضاً مراعي للأغنام والماعز ومستعمرات بليونيرية للذباب والبعوض وسائر الحشرات والهوام، وملاعب للقطط والكلاب السائبة ومدافن مكشوفة للنافق منها.

هي مشكلة عجز كل أمناء العاصمة ورؤساء البلديات والمحافظين ووزراء البلديات في عهدنا الراهن غير السعيد عن التخفيف من وطأتها ، ناهيكم عن حلّها ... ودائماً فتّشوا، إن سألتم عن السبب، عن الفاسدسن والمفسدين الذين حوّلوا بنوك العالم إلى "مكبّات" لمليارات الدولارات المسروقة من الموازنات السنوية والخطط التنموية وتخصيصات الحصّة التموينية والحماية الاجتماعية، ومن نافذة البيع في البنك المركزي وعائدات الجمارك والضرائب.

السويد تأتينا بالحلّ لهذه المعضلة، وهي جديرة بهذا الحلّ، فلها قصب السبق في إعادة تدوير النفايات، حتى أنها راحت تستورد القمامة من الخارج، لضمان الإستمرار في تشغيل مصانع إعادة التدوير التي توفّر نسبة معتبرة من الطاقة المتوفرة من حرق القمامة. والآن فإن نسبة النفايات المنزلية في هذا البلد الاسكندنافيي، التي تذهب إلى مكبّات القمامة تقل عن 1 في المئة منذ العام 2011.  

الشيء الوحيد الذي نصدّره على نحو مُعتبر الى العالم هو النفط. الآن قد تجمّعت لدينا كميات مهولة من النفايات لدرجة أننا نتعثر بها بعدد الثواني أثناء سيرنا خارج البيوت. لماذا لا نستغلّ هذه "الثروة" الوطنية الجديدة ونكون إحدى الدول المصدرة للنفايات الى السويد؟

أظن أن الأمر لا يحتاج إلا الى واحد أو أكثر من رجال الأعمال الأذكياء كيما ينشئوا شركة لجمع القمامة وتصديرها إلى السويد، وبالتأكيد ستكون قمامتنا مرغوباً بها في السويد لأنها أرخص ثمناً من قمامة الدول المتقدمة. الأمر لن يكلّف كثيراً .. الشركة المُفترضة تُعلن عن أنها تستقبل كميات النفايات المجمّعة في أكياس وتدفع مقابلها نقوداً بحسب نوعية النفايات المجمّعة ووزنها أو حجمها.. بالتأكيد سينصرف عشرات الآلاف من الشباب لتنظيف الشوارع والساحات والدرابين والوقوف أمام الأبواب لتلقّف قمامة المنازل. بهذا نحلّ مشكلتين، مشكلة النفايات ومشكلة عطالة مئات الآلاف من الشباب الموصدة في وجوههم كل أبواب الرزق.

يمكن لأمانة بغداد ومديريات البلديات ومجالس المحافظات أن تساهم في تشجيع مشروع كهذا، فهو سيصب في صالحها إذ يرفع عن كاهلها مهمة رفع النفايات وتنظيف المدن العصيّة على التحقيق .. بسبب الفساد الإداري والمالي بالطبع دائماً وأبداً.